IMLebanon

طاقة لبنان المفقودة

كتب بسام أبو زيد في “نداء الوطن”:

ثلاثة أحداث على علاقة بمجال الطاقة في لبنان، أظهرت أنّ الدولة اللبنانية والجهات المعنية بهذا الموضوع غائبة كلّياً عن المتابعة وعن إيجاد حلّ فعلي للمشاكل في هذا القطاع.

الحدث الأول هو العقد الإسرائيلي مع شركة Halliburton المتعلّق بالتنقيب عن الغاز في حقل كاريش، فما إن سمع المسؤولون اللبنانيون بهذا الخبر حتى علا عويلهم، وكأنّهم كانوا يصدّقون أنّ إسرائيل لن تُقدِم على مواصلة استغلال الثروات الموجودة في البحر ولو كانت ملاصقة للمنطقة الاقتصادية اللبنانية، ولو كانت حتّى في منطقة يؤكد لبنان أنّ له حقوقاً فيها.

إنّ المسؤول عن عدم دخول لبنان حتى الآن في سياق الدول النفطية هي الدولة اللبنانية بكبار مسؤوليها وبوزارة الطاقة، فهؤلاء لم يتحدّث أي منهم بصراحة عن أسباب توقّف حفر الآبار في البلوكين 4 و9، ولم يوضح أي منهم الكلام عن أنّ لبنان ممنوع من استغلال ثرواته، والأنكى، لم يعلن أي منهم حقيقة ما إذا كانت “توتال” قد عثرت على كمّيات تجارية في البئر التي حفرتها في البلوك رقم 4. ويتوّج كلّ ذلك بالخلاف اللبناني على تعديل مرسوم الحدود البحرية، ما أدّى إلى ضعف في موقف المفاوض اللبناني مع إسرائيل الذي لا يستند إلى أي وثيقة دولية تحفظ هذا الحقّ، ما أدّى إلى عدم تراجع الإسرائيلي عن مطالبه وتوقّف المفاوضات التي كانت تتمّ بوساطة أميركية ورعاية أممية.

ونتيجة لهذا الضعف في الموقف اللبناني، يبقى خطّ الحدود البحرية المعتمد من المجتمع الدولي بالنسبة للبنان والموجود لدى الأمم المتّحدة هو الخطّ 23 وليس الخطّ 29، والأعمال التي سيقوم بها الجانب الإسرائيلي تقع جنوب الخطّ 23، وبالتالي سيأتي الردّ من الأمم المتحدة أنّ أعمال التنقيب الإسرائيلية لا تتمّ في منطقة متنازع عليها.

الحدث الثاني هو ما قالته وزارة الكهرباء السورية من أن خطّ أنابيب الغاز العربي الذي يفترض أن ينقل الغاز المصري إلى معمل دير عمار في شمال لبنان قد تعرّض للتفجير يوم الجمعة في منطقة دير علي في جنوب سوريا، وأنّ “داعش” قد فجّرته، وانه جرى القبض على مجموعة من الأشخاص للتحقيق معهم لمعرفة ما إذا كانوا متورّطين ويعملون لصالح دول لا تريد لخطّ الأنابيب أن يعمل”.

ما هذه الصدفة في أن يتعرّض هذا الخط ّللتفجير، إضافة إلى برجين بخطوط 400 kva لنقل الكهرباء، في الوقت الذي تأكّد في اجتماع عمان الرباعي أنّ الخطّ سليم، وأنّ بإمكانه إيصال الغاز إلى لبنان، وأي “داعش” استفاق الآن ليُقدم على تخريب هذا الخطّ وأبراج كهربائية يمكن استخدامها أيضاً لإيصال الكهرباء إلى لبنان؟ ويمكن أيضاً طرح سؤال مشكّك: هل فعلاً تعرّض هذا الخطّ والابراج الكهربائية للتخريب من مجموعة إرهابية، لا سيّما وأنّ الصور التي قيل إنها موزّعة من قبل وزارة الكهرباء السورية شكّك فيها كثيرون؟

لا شك أنّ هذا الحدث هو مثابة رسالة إلى لبنان ومصر والأردن والولايات المتحدة، الهدف منها القول بأن وصول الغاز والكهرباء إلى لبنان مصيره بيد جهات معينة، والسؤال: هل تلقّفت السلطات المعنية هذه الرسالة وهل فهمت مضمونها، وهل استفسرت من الأطراف الأخرى ولا سيما السوري حقيقة ما حصل؟

الحدث الثالث هو دخول المازوت الإيراني من سوريا إلى لبنان بواسطة “حزب الله”، وهي خطوة تخفّف بدرجة أو بأخرى من حدّة أزمة المازوت، باعتبار أنّ الكميات التي تمّ إدخالها ليس معروفاً حجمها بعد، كما أن سفينة محمّلة بعشرات ملايين الليترات تحتاج الى خزّانات فارغة كي تخزّن تلك الحمولة بداخلها، فهل كانت الخزّانات في بانياس فارغة كي تستوعب هذه الكمّيات؟ وهل يترك الجانب السوري هذه الخزّانات فارغة وهو بحاجة ماسة للمازوت؟ وهل يمكن إفراغ المازوت من السفينة مباشرة إلى الصهاريج؟

بغضّ النظر عن هذه الأسئلة، وضع “حزب الله” في هذه القضية الدولة اللبنانية في خانة المزيد من الفشل والتخلّي عن دورها، وهذا ما برز في كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لشبكة CNN وفي ردّه على مسؤولين إيرانيين، فهو بدا وكأنّه في دور المتفرّج الذي يعترض من دون أن يكون باستطاعته ترجمة هذا الاعتراض.