كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:
صحيح أن حزب «القوات اللبنانية»، وهو الحزب الوحيد في البرلمان اللبناني الذي قرر حجب الثقة عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أعلن أنه سيثني على الحكومة إذا أحسنت التصرف وسينتقدها عند كل خطأ وتقصير، إلا أنه يمكن الحديث عن قناعة «قواتية» راسخة بأن الفشل سيكون نصيبها على قاعدة أن «من أوصل البلد للانهيار لا يمكن أن يكون هو نفسه من ينقذه».
فمنذ قرار رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري طرح نفسه رئيسا مكلفا، كان القرار القواتي واضحاً بعدم تسميته كما بعدم المشاركة بحكومته. ما سرى على الحريري سرى أيضا على ميقاتي فرفضت كتلة «الجمهورية القوية» وهي كتلة «القوات» النيابية، تسميته أو تسمية أي شخصية أخرى في الاستشارات الملزمة، كما أعربت منذ البداية عن عدم استعدادها للمشاركة بحكومته. اليوم ومع قرار قيادة «القوات» المنتظر بعدم إعطائها الثقة، تكون اختارت مرة جديدة الوجود في صفوف المعارضة، وهو قرار يعتبر كثيرون أنه قد يكون مكلفا خاصة أن البلد على عتبة انتخابات نيابية يفترض أو تسعى الأحزاب بإطار استعدادها لها للوجود في السلطة لتأمين بعض الخدمات للناخبين لحثهم على التصويت لصالحها.
لكن يبدو، أن القواتيين يعولون على أن يخدمهم شعبيا الوجود في المعارضة في هذه المرحلة لاقتناعهم بأن «الناس ستحاسب في صناديق الاقتراع الممسكين بزمام الحكم وليس القوى التي اختارت طوعا ومنذ فترة المعارضة».
ويعتبر عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبة قاطيشا أن «من المستحيل أن ينجح من أوصل البلد للانهيار بانتشاله منه»، جازما بأن مصير الحكومة الجديدة سيكون الفشل. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ عامين طالبنا بتسليم الحكم ومهمة الإصلاح والإنقاذ لأشخاص مستقلين من خارج كنف القوى السياسية الحالية وقد كنا على استعداد لنكون أول من يدعم هذا المسار بوجودنا خارج السلطة لاقتناعنا بأن هناك مسؤوليات نتحملها جميعا بوصول البلد إلى ما وصل إليه، لكن أحدا لم يلاقنا في منتصف الطريق من هنا كان قرارنا القاطع برفض أن نكون شهود زور على الانهيار المتواصل».
ولعل أبرز ما يجعل قاطيشا متأكدا أن مصير حكومة ميقاتي الحالية سيكون شبيها بحكومة حسان دياب هو غياب الغطاء العربي، معتبرا أن هذه الحكومة خاضعة لإيران أكثر مما كانت حكومة دياب خاضعة لها، متسائلاً: «كيف نتوقع من الإخوة العرب أن يساعدونا و(حزب الله) يرهن البلد لمصلحة طهران؟!».
ولا يبدو أن لـ«القوات» خطة معينة للمرحلة المقبلة سوى الاستعداد للانتخابات النيابية المرتقبة في مايو (أيار) المقبل. ويشدد قاطيشا على أن «الخيار الوحيد للإنقاذ حاليا هو بالعودة إلى الناس لإنتاج سلطة جديدة، فإما تختار الأكثرية الاستمرار بتغطية (حزب الله) والانهيارات التي أوصل البلد إليها وإما تنتفض فارضة مسار الإنقاذ والإصلاح الحقيقي».
ومن المفترض أن يبدأ حزب «القوات» كما باقي الأحزاب خلال أسابيع أو أشهر معدودة بالبحث جديا بالتحالفات الانتخابية التي ستخوض على أساسها الاستحقاق النيابي. فإن دققنا بعلاقات «القوات» السياسية الحالية نرى الجفاء مسيطرا على علاقتها بمعظم الأحزاب. وإن كان يمكن استثناء العلاقة الجيدة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. أما على الساحة المسيحية، فالخصومة والعداء هما المسيطران على علاقة القواتيين بالأحزاب المسيحية الأخرى وأبرزها علاقته بـ«التيار الوطني الحر».
التي تشهد أحيانا نوعا من الهدنة ثم تندلع الحرب بينهما من جديد. وآخر فصولها محاولة «الوطني الحر» اتهام «القوات» بامتلاك كميات نيترات الأمونيوم التي وجدت مؤخرا في منطقة بدنايل شرق البلاد، ما دفع الدائرة الإعلامية في «القوات» لإصدار بيان عالي اللهجة يوم أمس، وصفت فيه «الوطني الحر» بـ«تيار الكذب بامتياز»، معتبرة أنه يحاول بالوسائل كلها إعادة تعويم نفسه في الوقت الحاضر من القعر الذي يتخبط في وسطه بفعل سياساته وانكشاف أمره أمام الرأي العام.