Site icon IMLebanon

الغموض يتسيّد المشهد الانتخابي في بعلبك-الهرمل

كتب عيسى يحيى في نداء الوطن:

وسط ضبابية إجراء الإنتخابات النيابية مطلع أيار المقبل، يلف الغموض المشهد الإنتخابي في بعلبك الهرمل بعد خلط أوراق التحالفات السياسية وتباعد حلفاء الأمس، ليبدأ في الكواليس الهمس عن ماهية وطبيعة اللوائح التي قد تتشكل وتركيبتها وتحالف الأحزاب والقوى ليفتح الباب على أكثر من إحتمال.

شكل القانون النسبي الذي أجريت على أساسه إنتخابات أيار عام 2018 فرصةً لتغيير وكسر حصرية التمثيل في عدد من المناطق، وتغيُّر الرؤية التي إعتاد اللبنانيون على مشاهدتها لجهة اسماء ووجوه نواب لزموا الكرسي النيابي منذ التسعينات، وإحتكار قرار عدد من الناس وتمثيلهم بفعل العددية الطائفية وغلبة الأصوات، ليعيد هذا القانون ولو بنسبة قليلة حق أصواتٍ جرفتهم المحادل الإنتخابية وفرضت عليهم ممثلين بإسمهم من خارج خياراتهم.

على مساحة 3009 كيلومترات مربعة تتربع محافظة بعلبك الهرمل وتتوزع أرضها على أكثر من مئة بلدة وقرية بين القضاءين (بعلبك، الهرمل)، وتتمثل في المجلس النيابي بـ 10 نواب موزعين بين 6 شيعة، 2 سنة، 1 ماروني، 1 روم كاثوليك يختارهم أكثر من ثلاثمئة وخمسة آلاف ناخب. وفيما كان البقاع بأطيافه الثلاثة (الأوسط، الغربي، الشمالي) دائرة إنتخابية واحدة خلال انتخابات 1992 و1996، قسّم إلى ثلاث دوائر في قانون إنتخابات الـ 2000 والمشهور بقانون غازي كنعان من دون أن يغير شيئاً في النتائج التي كانت معروفة سلفاً ولم يأت بجديد سوى تعديلات بأسماء النواب وفق ما يريد النظام السوري آنذاك.

نجح الثنائي الشيعي، “حزب الله” ومعه حركة “أمل”، خلال الدورات النيابية السابقة منذ التسعينات وحتى انتخابات 2010 في الهيمنة والسيطرة على دائرة بعلبك الهرمل، محدداً نتائجها مسبقاً، حتى جاءت دورة 2018 بقانونها الجديد الذي أدى إلى تغيير النتائج وخرق آحادية التمثيل وإيصال نائبين سني ومسيحي إلى الندوة البرلمانية من اصل أربعة ليبقى إثنان في لائحة تحالف الثنائي الشيعي، وفيما تنقسم الأصوات في الدائرة هنا بين ثلثين من الناخبين للطائفة الشيعية وثلث من السنة والمسيحيين، نجح تحالف “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” في تحقيق خرق مؤكد بعد حصول اللائحة التي تم تشكيلها مع مرشحين مستقلين من الطائفة الشيعية على عشرين بالمئة من اصوات المقترعين، وفوز النواب أنطوان حبشي وبكر الحجيري كلٌ بأصوات طائفته التفضيلية.

وفي قراءة حالية للواقع على الساحة البقاعية، تشير مصادر سياسية لـ”نداء الوطن” الى أن ارتياح “حزب الله” وحركة “أمل” للإنتخابات النيابية المقبلة لا يزال ساري المفعول، وإن خسر التحالف نائبين خلال الدورة الأخيرة، فالقاعدة الشعبية العريضة التي يتمتع بها الحزب في البقاع الشمالي ويسميها خزان المقاومة هي أيضاً رافده الإنتخابي بعد الجنوب، ومهما كان قانون الإنتخابات سيحقق “حزب الله” ومعه “أمل” النتائج التي ترضيه ولن ينتزع أحدٌ منه حصرية تمثيل الشيعة هنا، والدليل الأكبر هو الثورة والإنتفاضة التي تنهي عامها الثاني بعد أسابيع، فقلّةٌ قليلة من الطائفة نزلت إلى الشارع لتسجل إعتراضاً على الطبقة السياسية و”حزب الله” جزءٌ منها، إضافةً إلى زيادة خدماته والتي طالت كافة أبناء المنطقة ومن خارج الطائفة، كتوزيع بطاقات “سجاد” والمازوت الذي ستتوسع رقعة توزيعه وعلى البقاعيين خصوصاً ونحن على أبواب الشتاء ولمختلف المناطق والفئات والطوائف”.

وعلى المقلب الآخر، لم يترك تيار “المستقبل” له حليفاً وأبرزهم “القوات” التي تحالف معها حصراً في بعلبك الهرمل عام 2018 وتحالف مع “الوطني الحر” في باقي المناطق، ما أوقعه في خسارة عدد من النواب فيما ربح مع “القوات”، وهنا تشير المصادر الى “أن خطأ “المستقبل” كان عدم تحالفه مع “القوات” في مختلف الدوائر، غير أن نشوة الإتفاق الرئاسي – الحكومي كان سيد الموقف في حينه”، وتضيف “أن وضع “المستقبل” اليوم في البقاع الشمالي لا يقل سوءاً عن وضعه في لبنان عموماً، وإن كان الرئيس سعد الحريري قد يعود أخيراً ويبدأ ورشة إصلاحية في التيار تحضيراً للإنتخابات النيابية، غير أن المجريات التي رافقت انتخابات عام 2018 طبعت في أذهان البقاعيين وستظهر في الإنتخابات المقبلة، وأبرزها إختيار المرشحين، لا سيما النائب الحالي بكر الحجيري الذي تربطه علاقة مصاهرة مع محيي الدين الجمال أحد كوادر “المستقبل” وأدار العملية الإنتخابية في البقاع وقتها وانتقى الأسماء، كذلك سوء الخدمات للنائب والتيار معاً”.

وعن “القوات” تقول المصادر “إن نائبها الحالي أنطوان حبشي قد حصل على أعلى معدل أصوات تفضيلية بين النواب العشرة وهي موجودة على الأرض وتقدم الخدمات ونائبها لا يهدأ، غير أن القطيعة بين “المستقبل” و”القوات” تثير التساؤل عن التحالفات في المرحلة المقبلة ومصيرها وتحصيل الحاصل الانتخابي للائحة التي ستكون بوجه لائحة “حزب الله”.