كتب محمد دهشة في نداء الوطن:
فرضت الازمة الاقتصادية والمعيشة نمطاً جديداً في حياة اللبنانيين، ومنها الاقبال على شراء الدراجات النارية والكهربائية والهوائية للتنقل بين المنازل ومراكز العمل وشراء الاحتياجات، ونقل الطلاب مع بدء العام الدراسي الجديد نظراً لارتفاع اجرة التاكسي وحافلات المدارس بشكل لا قدرة للعائلات العاملة والفقيرة والمتعفّفة على تحمل أعبائها.
لم يعد مشهد ركوب الدراجات الهوائية غريباً عن يوميات مدينة صيدا، ولا عن تنقّل عمالها وابنائها وشراء احتياجاتهم، ليس بسبب طوابير الاذلال والانتظار لساعات طويلة على محطات الوقود للتزود بالبنزين، وانما ايضاً لارتفاع سعر الصفيحة بما يفوق قدرتهم على تحمّل اعبائها من جهة، وغلاء أجرة التاكسي من جهة أخرى، حيث تتفاوت داخل المدينة ما بين 15 – 25 الفاً، وفي منطقتها ومحيطها 25 -35 الفاً وفق مزاجية السائق نفسه، اذ لا تسعيرة رسمية او ملزمة او رقابة فعلية.
والملفت ان سيارات الاجرة لم تعد تجول بين الشوارع والاحياء على مدار الساعة لكسب القوت وانما باتت تعمل على الطلب، ومن لا يعمل ضمن مكتب يعمّم رقمه وينقل زبائنه فقط، ما يفتح الباب امام تفاوت التسعيرة.
كذلك ملفت ان الدراجات على انواعها حلّت بديلاً عن السيارات وامتدّت الى نقل الطلاب من والى المدارس، مع ارتفاع رسوم الحافلات المخصصة لنقلهم من 45 الف ليرة لبنانية شهرياً الى 250 الفاً على الاقل.
ويؤكد العامل اليومي يوسف المحمد لـ”نداء الوطن” انه سارع الى شراء دراجة كهربائية وحوّلها ما يشبه التاكسي، يصل بها الى مكان عمله، وينقل اولاده الى مدرستهم، ويشتري احتياجات العائلة من المحال التجارية والسوبرماركت وسواها، ويقول: “اوفّر اجرة النقل في كل هؤلاء، هي اوفر وافضل”.
ويوضح احمد قاسم العامل انه اشترى دراجة هوائية بهدف الوصول الى عمله يومياً،”ثمنها مقبول ويوازي اجرة شهرين من التنقل اليومي، وتعتبر افضل وسيلة للتنقّل”.
في خضم الازمة، يبحث ابناء المدينة عن كل شيء يمكن ان يخفف عنهم الاعباء المالية، ومنها اصلاح الدراجات، فتبقى ارخص من السيارة او اجرة التنقل. ويقول حسن البابا لـ”نداء الوطن”: “اقتنيت دراجة كهربائية بهدف نقل عائلتي وشقيقي الى المدرسة، فأزمة البنزين تحرق الاعصاب وثمنها يفرغ الجيوب”.
ويؤكد المختار نزيه حيدر الذي يجمع بين خدمة ابناء المدينة وانجاز معاملاتهم في الدوائر الرسمية، وبين بيع الدراجات الهوائية واصلاحها كسباً للقمة العيش، “ان هناك اقبالاً كثيفاً على شراء وسائل النقل البديلة خاصة من الطبقة العاملة التي تفضل توفير دفع اجرة التاكسي يومياً ذهاباً واياباً.
ويقول لـ “نداء الوطن”: “أسعارها مقبولة وهي حالها كما السابق بالدولار الاميركي، البيسكلات الكبيرة تبدأ من 80- 200 دولار اميركي، والعادية تتراوح بين 100 – 150 وهي الاكثر طلبا، وحاليا تتواجد دراجات هوائية فرنسية مستعملة هي افضل من الصينية الجديدة واكثر متانة وقوة وكثير من الزبائن يفضلونها”، مشيرا الى “ان اعطال الدراجات الهوائية قليلة جدا مثل الدولاب والمكابح او شريطها، واصلاحها ارخص من النارية او السيارات، فعلي سبيل المثال لا الحصر: دولاب البيسكلات بـ 8 دولارات، بينما دولاب السيارة اقله بـ 50 – 80 دولاراً للعادي، وفي الوقت ذاته هي صحية للانسان، تقوي العضلات وتحرك الدماء في الجسد كما انها صديقة للبيئة ولا تشكل اي مصدر للتلوث في ظل ما نعيش”.
واعادت الازمات الاعتبار الى السير على الاقدام، فكثير من ابناء المدينة باتوا يتنقّلون مشياً لقضاء حاجاتهم ضمن الاحياء والاسواق التجارية والسوبرماركت بهدف التوفير المادي، ويؤكد محمد عكرة انه قرر الاستغناء عن كل وسائل التنقل، وبات يعتمد على قدميه للذهاب الى مكان العمل في المدينة الصناعية القريب من منزله ولقضاء حوائجه، آملاً ان تنجح الحكومة الجديدة في معالجة المشاكل الحياتية الاكثر الحاحاً.