Site icon IMLebanon

هل تتولى دمشق تنظيف لبنان من “رواسبها”؟

على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي أول لقاء من نوعه بين وزيري خارجية البلدين منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011 وتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية في تشرين الثاني من العام نفسه، استقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره السوري فيصل المقداد في مقر البعثة المصرية في نيويورك وكان بحث في سبل إنهاء الأزمة في سوريا.

ليس لقاء شكري مع المقداد الاول عربيا، اذ سبقه وزراء من العراق والاردن وموريتانيا وعُمان، لكنه الاول من حيث الاهمية نسبة لما تمثله مصر على مستوى القرار العربي والنفوذ، خصوصا انها، بعد اعادة انتخاب الرئيس بشار الاسد، تسعى جديا الى معالجة الازمة السورية، ونوقش الموضوع مع عدد من الدول العربية لاسيما الخليجية، حتى اذا ما بات المناخ مهيئا والظرف مؤاتيا، تدعو الى اجتماع استثنائي لجامعة الدول العربية لاتخاذ قرار عودة سوريا الى مقعدها، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية عربية لـ”المركزية”، طبعا بعد تسوية العلاقات لاسيما مع المملكة العربية السعودية، مذكّرة بكلام شكري عن “عودة سوريا” الى موقعها خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الدورة الـ155 لمجلس جامعة الدول العربية، في 3 آذار الماضي وكاشفة ان مسؤولين مصريين فاتحوا نظراءهم الروس بالموضوع في اطار التعاون والتنسيق فأبدوا ترحيبا وتجاوباً.

ومع ان أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اشار الى تباين في مواقف الدول العربية، بشأن رفع تجميد عضوية سوريا، علما ان عددا من هذه الدول يميل إلى تطبيع علاقاته السياسية مع النظام، لا سيما تلك التي اتسمت مواقفها بالأقل حدة خلال الثورة السورية، فشكلت نافذة الى بدء التقارب السياسي، تكشف الاوساط ان الرئيس الاسد يدفع لاستعجال مسار عودة التواصل مع الدول العربية خصوصا السعودية التي اوقفت الاتصالات معها فيما جمدت الامارات فتح سفارتها في انتظار مواقف واضحة من الاسد حول فك تحالفه مع ايران والاعلان عن عودته الى البيت العربي. وتنقل الاوساط عن مسؤول خليجي قوله “آنذاك فقط تبدأ مسيرة التواصل مع سوريا”، في حين يشترط الاسد عودة العرب الى سوريا اولا لتأمين الحاضنة العربية الكفيلة بمساعدته على فك ارتباطه بايران.

وفي السياق، تدرج الاوساط الزيارة المفاجئة للاسد الى روسيا منذ نحو اسبوعين بحيث طلب تدخل الرئيس فلاديمير بوتين لحل المعضلة بين فك الارتباط مع ايران وعودة سوريا الى العرب، وتمنى منه المساعدة للخروج من المأزق وانهاء الحالة الايرانية في سوريا انطلاقا من رفض موسكو اي شراكة معها في القرار. كما يعوّل الاسد على الاجتماعات التي يعقدها مسؤولون سعوديون وايرانيون في عُمان منذ فترة، وقد بلغ عددها ثماني جولات، اذ ينتظر نتائجها، المفترض ان ترتد ايجابا على دمشق تحديدا، على رغم بعض المآخذ، لجهة كيف ان مسؤولين سعوديين يجتمعون مع الايرانيين ويرفضون اللقاء مع اشقائهم السوريين؟

واذ تؤكد الاوساط ان الصراع الاميركي– الايراني في المنطقة في ظل رفض مطلق لوصول طهران الى المياه الدافئة على المتوسط عبر لبنان، ينسحب اقليميا الى مواجهة خفيّة بين سوريا وايران، تؤكد وقوف روسيا الى جانب سوريا في هذا الصراع، بحيث قد تتولى لاحقا، وبعد خروجها من العباءة الفارسية الى الحضن العربي واتخاذ مواقف معلنة وواضحة من الاسد شخصيا لخطه السياسي، تنظيف الساحة اللبنانية من الهيمنة والنفوذ الايرانيين كما تولت في حقبة سابقة اخراج القيادة الفلسطينية من لبنان. غير ان هذا لا يعني عودة سوريا الى بيروت او تلزيمها ملفها، انما توظيف علاقاتها مع مناصريها السياسيين فيه لتنفيذ اخراج مسلسل انهاء النفوذ الايراني ودور المقاومة الاسلامية، بتنسيق سوري- مصري سعودي، ليسطع مجددا نجم جمهورية مصر العربية كصلة وصل بين العرب والراعية الرسمية لشؤونهم وازماتهم.