سلك الخلاف الاميركي – الفرنسي طريقه الى الاحتواء فالعلاج، الا ان درب اصلاح ما انكسر بين الدولتين الحليفتين تاريخيا، وترميم الثقة بينهما، ستكون طويلة، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”.
الاسبوع الماضي، وتحديدا يوم الاربعاء، أعلن البيت الأبيض وقصر الإليزيه، في بيان، أن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحدثا بناء على طلب بايدن، في أعقاب نزاع حول اتفاقية الغواصات النووية بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا. وأضاف البيان “اتفق الزعيمان على أن الاتفاق كان سيستفيد من المشاورات المفتوحة بين الحلفاء حول الأمور ذات الأهمية الاستراتيجية لفرنسا وشركائنا الأوروبيين. الرئيس بايدن نقل التزامه المستمر في هذا الصدد”. وتابع البيان “قرر الزعيمان فتح عملية مشاورات معمقة تهدف إلى تهيئة الظروف لضمان الثقة واقتراح تدابير ملموسة لتحقيق أهداف مشتركة”. كما اتفقا على عودة السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة، الذي تم استدعاؤه وسط النزاع، الأسبوع المقبل… غداة الاتصال الرئاسي، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، خلال لقاء بينهما في “الأمم المتحدة” في نيويورك، إن المخرج من الأزمة الدبلوماسية “سيستغرق وقتاً ويتطلب أفعالاً”. وذكر بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أن لودريان وبلينكن ناقشا “البنود والقضايا الرئيسية” التي سيتم تناولها خلال هذه المشاورات.
وبحسب ما تشير مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” ، فإن الاتصالات التي انطلقت بين لودريان ونظيره الاميركي، ستُستكمل بقوة في الكواليس لتهدئة الغضب الفرنسي وتبديده، على ان تتوّج هذه الحركة، بلقاء يُفترض ان يجمع الرئيسين الفرنسي والاميركي في أوروبا، شخصيًا، في أواخر تشرين الأول.
للتذكير فإن الأزمة الدبلوماسية بين البلدين اندلعت على خلفية امتعاض فرنسا بعد إعلان اتفاق أمني، الأسبوع الماضي، بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا حول تكنولوجيا الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، والذي جعل أستراليا تتخلّى عن صفقة شراء غواصات فرنسية من مجموعة نافال الفرنسية بقيمة 40 مليار دولار التي وقّعتها في عام 2016.
وللتعويض عن الضربة التي وجّهتها الى شريكتها في حلف “شمال الاطلسي”، تتابع المصادر، فإن الولايات المتحدة ستقدّم لباريس ما يرضيها في اماكن أخرى من العالم. وفي السياق مثلا، واشنطن ستفوّضها ادارة الشأن اللبناني وستتساهل مع ما تطرحه باريس من شروط لدعم لبنان بحيث ستتجاوب في تأمين المساعدات، طبعا اذا أحسنت الحكومة اللبنانية أداءً واصلاحات… وستستفيد باريس من هذه المرونة لتثبّت أرجلها اكثر على ضفاف المتوسّط ولتُمسك بورقة قويّة في هذه البقعة الجغرافية من العالم، تنفتح من خلالها على الشرق الاوسط والعواصم الكبرى في العالم العربي وتوطّد علاقاتها معها… لكن هل تصل هذه الليونة الاميركية الى حدّ السماح مثلا بتلزيم اعمال اعادة بناء مرفأ بيروت لفرنسا؟! الايام المقبلة ستحمل الجواب…