كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:
حقّقت أغنية “عبالي الحلو” كلمات وألحان سليم عساف، توزيع جمال ياسين وميكس وماستيرينغ ريمون حاج، للفنان ناجي الأسطا نجاحاً كبيراً بعد إطلاقها خلال الصيف الحالي. “نداء الوطن” التقت الفنان الشاب الذي يفكّر بالهجرة في هذا الحوار.
حققت “عبالي الحلـو” نجاحاً واسعاً. أخبرنا عنها؟
كان من المفترض أن تصدر الصيف الفائت لكنّ إنفجار المرفأ أوقف مشاريعنا الفنية كافة خصوصاً أننا دخلنا في أجواء حزينة. انتظرت للصيف الحالي حتّى أصدرها ولكنّ الأوضاع الإقتصادية والأجواء العامة المتردية في البلاد أرجأت الإعلان عنها لأسابيع عدة. الأغنية “مهضومة” وتبعث الفرح في قلوب المستمعين الذين قد يرون فيها متنفّساً في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يعيشون فيها.
لماذا صوّرتها على طريقة “الفيديو كليب” بدلاً من قيامك بجلسة تصوير عادية وإرفاق صورك بكلمات الأغنية كما يعمد البعض أخيراً؟
أتّبع اليوم استراتيجية جديدة تكمن بإيلاء الأهمية إنتاجياً على الكلمات واللحن والتوزيع. تعاونت مع أهم المخرجين في العالم العربي كفادي حداد وسعيد الماروق وليال راجحة حيث قدّمت أعمالاً مصوّرة لقيت نجاحاً كبيراً. أما فيديو كليب “عبالي الحلو” الذي حمل توقيع المخرج الشاب أسعد شديد فكان بسيطاً وأحببته كثيراً.
على أي اساس تختار أغنياتك؟
قد أكون مقلّاً بالأعمال التي أطرحها لكنني أبحث دوماً عن “النوعية” الجيّدة في كل أغنية. أحاول معرفة المواضيع التي تسترعي انتباه الناس والأعمال الفنية التي تلفتهم من حيث الكلمات، اللحن وحتى التوزيع. ومن هذا المنطلق أضاعف مجهودي في كلّ أغنية أقدمها. وغالباً ما يتفاوت النجاح بين أغنية وأخرى لكنني أحاول الحفاظ على مستوى فنّي معيّن.
هل استمعت لأغنية صدرت أخيراً وتمنّيت لو كانت لك؟
كلا، خصوصاً أنني غالباً ما أواكب الشعراء فأستمع لكلمات وألحان عدة حتى أنّ بعض الأغنيات الناجحة أكون قد اطّلعتُ عليها مسبقاً ولم يصلني إحساسها. كما أنّ نجاح الأغنية مقرون بعوامل عدة منها الصوت، إحساس الفن، التوقيت الذي صدرت فيه والظروف المؤاتية لطرحها.
كيف يؤثر الوضع الاقتصادي اليوم على الأعمال الفنية؟
للأسف باتت العوامل الحياتية تفوق أهميةً العمل الفني. يلعب اسم الفنان واللحن الذي بات محصوراً بالنوتات الموسيقية السبع في السلم الموسيقي والتوزيع الذي يختلف ويتطوّر لخدمة العمل، دوراً مهماً في نجاح أي أغنية. في المقابل، يبقى الانتاج المحرّك الرئيس في انتشار الأغنية ومن دونه لا لزوم للعناصر التي تحدّثنا عنها مسبقاً. لذلك، أنتج حالياً أعمالي الفنية بنفسي، رغم أنني أواجه عقبات كثيرة في ظلّ الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي نعيشها.
لماذا لم تقدّم أغنية تتناول موضوع إنفجار مرفأ بيروت كما فعل البعض؟
قدّمت أغنية وطنية بعد أسبوعين من الإنفجار من كلمات الشاعر مازن ضاهر ومن ألحاني في تجربتي الأولى. ويقول مطلعها:
“يا وطني شو سرك
تعبنا لنداويك
قدامي عم شوف رفاقي
شهدا بأرضك ضلّو”.
قدّم الكثيرون أغنيات عدة لبيروت والإنفجار حتى أنّ الموضوع بات تجارياً في بعض الأحيان، لكنّ “يا وطني شو سرك” ولدت صدفة في اتّصال هاتفي كنت أجريته وضاهر تحدّثنا فيه عن الوضع العام في البلاد، فقلت له حينها: “هالوطن شو سرّو ساعة بتفكر تفل وساعة بتفكر تبقى”. لمعت الفكرة برأس ضاهر فأرسل كلمات الأغنية في الليلة عينها وسهرت حتى الصباح لتلحينها وسجّلتها في اليوم التالي.
كيف تفاعل الناس معك خلال إحيائك حفلة في طرطوس بسوريا؟
كانت أجواء الحفلة إيجابية وتفاعل الناس مع الاغاني التي قدّمتها وردّدوها معي تعبيراً عن محبتهم ووفائهم. زرت سوريا للمرة الأولى منذ خمس سنوات في خضمّ الأزمة التي تتخبّط بها البلاد ولقيتُ ترحيباً كبيراً من الشعب.
أتفكّر بالهجرة؟
للأسف نعم، إذا سنحت الفرصة لإبني أن يحصل على الجنسية الأميركية خصوصاً أنّ لنا أقرباء في الولايات المتحدة الأميركية، لكنني لطالما عارضتُ هذا الموضوع إذ أردت أن يعيش أولادي في وطنهم وخصوصاً بكنف زحلة. أندم اليوم على هذا القرار وأبحث عن سبيل للهجرة. الأفق مسدودة في لبنان وأعتبر أنه علينا البدء بالإصلاح “من تحت لفوق” وليس العكس. الفساد “معشعش” في لبنان وما يزيد الطين بلّة الطائفية المستشرية في النفوس. أنا “قرفان” من الوضع الحالي وخائف على أولادي ومستقبلهم.
ما النصيحة التي توجّهها للآباء في لبنان؟
بات همّنا تأمين الخبز لإطعام الأولاد وملء خزانات سياراتنا بالوقود.
كان أيلول شهر التحضير للدخول الى المدارس لكنّ أولويات ربّ البيت تبدّلت مع تأمين الغذاء والأدوية والحليب.
للأسف بتنا نتأقلم مع الوضع حتى أننا نسينا المشاكل التي عانينا منها منذ سنتين كحجز أموالنا في المصارف وغيرها من المطالب.
غرّدت منذ مدة منتقداً عملية تشكيل الحكومة بعد إنفجار التليل في عكار. ما الذي أردت إيصاله؟
تملّكني الغضب فقلت صراحة: “خلّيكن عم تعلقوا مين بياخد الداخلية ومين الشؤون الاجتماعية ومين العدل. يا عيب الشوم! #عكار”.
لم يعد باستطاعتنا الإستماع الى كلمات السياسيين وتصريحاتهم… ما الذي تبقّى من البلد كي يتقاسموه في ما بينهم؟
نحتاج أن يجتمع قدّيسو العالم أجمع لاجتراح العجائب لإنقاذ الوضع في لبنان. آمل أن نعيش كما نستحق في هذا الوطن في القريب العاجل.