IMLebanon

“الرئيس القوي” والمرأة الحديدية

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:  

«الرئيس القوي» في لبنان، هو ألذي يشل الدولة، ويخرق الدستور، ويعطل عمل المؤسسات، ويبيح المحظورات، ويصادر القضاء، ويسخر كل مقدرات البلد، لمصالحه الخاصة على حساب المصلحة اللبنانية كلها. وهو الرئيس الذي خرب الاقتصاد وافقر الشعب ودمر النظام المصرفي، وهجر الأطباء الى الخارج، وحرم اللبنانيين من الدواء والمحروقات، و التيار الكهربائي وعمم على ربوع البلد العتمة والظلامية.

مواصفات القوة للرئيس في لبنان، هي تجسيد، لسوء الاداء، والفشل والخراب الذي الحقه بمواطنيه وبلده، واخرج البلد من حال الازدهار والحقه بمصاف الدول المتخلفة وأعاد اللبنانيين، عشرات السنين الى الوراء.هو الرئيس الذي يعيش على اوهام الوعود البراقة، والشعارات الفارغة، لم يترك في دفاتر أوراقه المحروقة، في بداياته السلطوية، سوى صفحات سوداء، سيختتم فيها مسيرته المنطوية، في شهورها الاخيرة، بمجلدات كارثية، تختزلها، الحالة الجهنمية التي بشرّ بها مواطنيه واصاب فيها بالتمام والكمال.

«الرئيس القوي»، هو الذي قطع أوصال لبنان مع محيطه ودق اسافين الفرقة مع الاصدقاء، وساوم على القرار الوطني والسيادي لصالح محورالممانعة، ورهن مستقبل البلد لصالح المشروع الايراني،، وسخّر مؤسسات الدولة ومقدراتها، لتولي السلطة، على حساب مصالح الشعب اللبناني كله. وهو الذي، لايشعر مع معاناة ناسه، ولا عوزهم وتعاستهم، وهمه الوحيد، التشبث بالسلطة، او توريثها لولي عهده السياسي، حتى ولو تطلب الامر، التضحية بآخر لبناني.

وللمفارقة، في المانيا، تتنحى هذه الأيام المستشارة انجيلا ميركل عن

صهوة المستشارية، بملىء ارادتها، بعد ان قادت بلادها لسنوات طويلة وحققت سلسلة نجاحات وانجازات. اطلقت الصحافة المحلية والعالمية، لقب المرأة الحديدية، على المستشارة الالمانية، أنجيلا ميركل، لتمرسها، بقيادة بلدها، نحو التطور والمنافسة، وحرصها على تحسين عيش مواطنيها، في ظل الازمات الدولية الصعبة والمعقدة، وليس للمباهاة والتفخيم المزيف.

لم تسع ميركل للتمديد او التمسك بالسلطة، او تخالف الدستور للبقاء في السلطة، بعد ستة عشر عام من توليها المسؤولية. وللمفارقة، تكمن مكامن القوة لدى المرأةالحديدية، بالبصمات المميزة بادارة السلطة، واستمرار تصدر بلادها لاقوى الاقتصادات بالعالم.

تركت ميركل السلطة برغم إنجازاتها الكثيرة، بعد ان وجدت ان بريقها في موقع المستشارية، قد خفت وهجه عن السابق، وحان الوقت، لكي تترجل، و تفسح بالمجال، لمن يقود المانيا، للمرحلة المقبلة، بعقلية شابة جديدية، تواكب المتغيرات السياسية والتحالفات المستجدة، باساليب وافكار مختلفة.

يفخر الالمان، بما تركته المستشارة المتقاعدة من إرث غني لبلادها، طوال توليها مسؤولية المستشارية، برغم الازمات والمشاكل السياسية والمالية العالمية، التي ضغطت على المانيا، ولم تتوان عن تحمل مسؤولياتها، والخروج من هذه الازمات، اقوى من السابق.

اطلقت عليها الصحافة الالمانية والعالمية، اكثر من تسمية، تجسد قوة شخصيتها، ان كان في تزعم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لسنوات، قبل تربعها على عرش المستشارية، لاكثر من عقد ونصف على التوالي، وتصدر تسميتها بالمرأة الحديدية، على باقي التسميات الاخرى.

يتباهى الالمان بقوةالمستشارة، وما تركته لبلادها من الانجازات على كل الصعد، واخر ابتكاراتهم بتكريم انجيلا ميركل، وتخليد ذكراها، صك ميداليات ذهبية تحمل صورتها، تقديرا منهم لما قامت به تجاه بلادهم، من انجازات، تبقى موضع فخر واعتزاز على مر الزمان، وتصنّف في خانة العظماء، وهي مازالت على الحياة.

وللمفارقة، نحن في لبنان ناسف لحالنا واوضاعنا، مقارنة بين ماتركته انجيلا ميركل لبلادها والشعب الألماني، و بين مايتركه «الرئيس القوي» من خراب ودمار وانهيار في كل مقومات البلد والدولة معا، وحال الشعب اللبناني المأساوية على كل المستويات وهمّه الوحيد توريث الرئاسة، لولي عهده. فما تركته المرأة الحديدية للشعب الألماني من انجازات، تباهي فيها دول العالم، وهي تستحق لقب المرأة الحديدية، بجدارة، وليس تصنعا، او مجاملة، على عكس مايطلق تملقاً، على رئيس الجمهورية في بلدنا.