جال وزير الصناعة جورج بوشكيان في معهد البحوث الصناعية، تلبية لدعوة المدير العام للمعهد الدكتور بسام الفرن، بمشاركة المدير العام للوزارة داني جدعون والمديرة العامة لمؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية ليبنور المهندسة لينا درغام ومديري وكوادر ورؤساء الأقسام والمراكز في المعهد. وتفقد المختبرات، واستمع إلى شروح تفصيلية عن تجهيزاتها وطرق عملها.
وقبل الجولة، عقد اجتماع في قاعة المحاضرات عرض خلاله فيلم عن تاريخ المعهد ومراحل تطوره.
وقال بوشكيان: “يسعدني أن أزور معهد البحوث الصناعية لأتفقد مختبراته وأقسامه ومراكزه البحثية. كما يشرفني أن أتواجد في هذا الصرح الوطني والعلمي والاقتصادي والصناعي المتطور والمتقدم الذي يعتبر ركنا أساسيا ومرجعية للمؤسسات ودافعا لنجاحها وازدهارها. أذكر هذا الكلام وكلي ثقة بما أقوله انطلاقا من خبرتي الشخصية في عملي الخاص مع معهد البحوث الصناعية قبل أعوام خلت. ولقد تطور المعهد بكل تأكيد ووضوح على مر السنين على أكثر من صعيد، وتوسعت نشاطاته، وأصبحت مختبراته تغطي مروحة أكبر من الفحوصات والخدمات المخبرية. كما تتولى مراكزه البحثية الدراسات والاستشارات للصناعيين من أجل تحديث قطاعات صناعية واعدة، ماليا واداريا ومؤسساتيا وتقليصا للكلفة على صعيد استخدام المياه وترشيد استعمال الطاقة”.
وأضاف: “يعود الفضل لاستدامة المعهد وتطوره وتقدمه وتبوئه مركزا متقدما في مجال خدمة الاقتصاد الوطني والمساهمة في نموه، إلى إدارة المعهد، وتخطيط الدكتور الفرن ورؤيته المستقبلية، إضافة إلى تفاني فريق العمل والموظفين جميعا في العمل لدعم الصناعة الوطنية وسائر قطاعات الأعمال والإنتاج. وكما سمعت وأهنئكم على ذلك، تمكنتم من تجاوز أزمة كورونا وجمود الأعمال التي هيمنت على لبنان والمؤسسات العام الماضي. وبفضل السياسة الرشيدة، حافظتم على عمل المعهد بالوتيرة المعتادة خدمة للاقتصاد والمجتمع. وهذا الأمر بحد ذاته انجاز كبير في ظل وضع صعب ومعقد جدا”.
وتابع: “ما أريد قوله لكم، هو أن تواصلوا نشاطكم كما يستوجب القانون ويتطلبه الضمير. نحن اليوم في خدمة المواطن والصناعي وكل صاحب عمل. وأصبح معهد البحوث الصناعية بمثابة حاضنة ورافعة مواكبة لقطاعات الأعمال في لبنان. لذلك، يتطلب الوضع منا جميعا التضحية في سبيل لبنان”.
وأكد ان “الفرصة موجودة”، وقال: “لقد شهد وطننا مراحل أكثر صعوبة في تاريخه القديم والحديث. والشعب اللبناني فريد من نوعه. وهو متعلق بأرضه وتراثه وتقاليده. ونحن مصممون على بناء لبنان الغد معا. عامل الثقة أساس في اعادة اللحمة بين الدولة ومؤسساتها وبين المجتمع والمواطن. وحكومة الانقاذ التي تشكلت ستعمل على اعادة بناء الثقة بالأفعال والممارسات الجيدة والالتزام والجدية والشفافية”.
وأردف: “لا مجال بعد الآن لمزج المصلحتين العامة والخاصة بين بعضهما البعض. عند تسلمي المهام الوزارية، أقدمت على الاستقالة من أعمالي الخاصة لتفادي اغتنام الفرص العامة وتوظيفها في المصالح الخاصة. هذا ما ينص عليه القانون والواجب والضمير. ونحن مدعوون الى تطبيق القانون والنظام. لا أكثر ولا أقل. فنمهد بذلك الطريق أمام اعادة بناء الثقة مدماكا مدماكا. أمامنا تحديات كبيرة سنتعاون جميعا على تجاوزها وتخطيها. ولن نألو جهدا من أجل تحقيق هدف بناء الدولة من جديد على أسس عصرية وحديثة تليق بكرامة اللبنانيين وطموحاتهم وتطلعاتهم المستقبلية”.
بدوره، رحب الفرن بالوزير “صديق المعهد والمطلع على ماهية وطبيعة عمله والداعم له”، متمنيا له “النجاح في مهامه الوزارية”، ومشددا على “وضع المعهد بتصرفه والمساهمة في نمو الاقتصاد اللبناني وتحديث الصناعة الوطنية”. ورد الوزير بوشكيان، فأعلن عن افتخاره وافتخار اللبنانيين بمعهد البحوث الصناعية، كاشفا أنه سيدعو البعثات والمنظمات والموفدين اللبنانيين لعقد الاجتماعات في المعهد الذي يعتبر مرجعية وركنا أساسيا في الاقتصاد الوطني.
وألقى الفرن كلمة جاء فيها: “عام 2020 كان كارثيا في العالم ولبنان. مصير مجهول انتظره اللبنانيون بخوف على غدهم، وبقلق على المستقبل المتوسط والقريب. لا اقتصاد مطمئنا مع انهيار قيمة العملة الوطنية، والأمر ذاته على الصعيد الصحي مع انتشار وباء كوفيد – 19، وسجلات الموت تتسارع بأرقام مخيفة، ناهيك عن الأوضاع الاجتماعية والتربوية المتدهورة. شبه انهيار المنظومة السائدة لادارة البلاد خلفت هلعا اضافيا من انفلات الوضع الأمني المضبوط إلى حد كبير”.
وأضاف: “ضمن هذا المشهد البانورامي المكهرب والدراماتيكي للعام الماضي، لم يكن معهد البحوث الصناعية في منأى عن احداثياته ونتائجه. ورغم الظروف الاستثنائية، حافظ على طاقة كوادره المعتادة، واندفاعهم الحيوي، وحماسهم الجريء، وشعورهم الوطني، وحسهم المسؤول، وبالتالي أداء دورهم كاملا في ضمان الخدمة العامة للمواطنين”.
وأكد ان “هذه هي روحية معهد البحوث الصناعية التي اكتنزها وبناها خلال مسار طويل وشاق، وتصميم هادف ورصين، ورؤية مستقبلية وواعدة، وما زال ينتهجها منذ 25 عاما”، وقال: “ربع قرن على هذه المسيرة التطويرية المستمرة والمستدامة، وفق استراتيجية ثابتة ومرنة تتلاءم مع التحديات وتواجهها بكل تخطيط وحركية اقصادية – تشاركية تتخطى الصعاب والمعوقات”.
وأردف: “كما أسلفنا، الصعوبات الكبيرة لم تحد من قدرات المعهد وعطاءاته وخدماته الاستشارية والبحثية والمخبرية. فقد واصل دوره كالسابق، متجنبا التراجع الذي سجله معظم المؤسسات، محافظا على ذات نسبة الخدمات والملفات التي عالجها في السابق، في سابقة لم تعرفها إلا القلة القليلة من المؤسسات التي استمرت في عملها. وبإرادة قوية وتصميم ثابت ودراية فائقة، استطاعت ادارة المعهد تجنيبه إقفالا تاما بظل جمود الدورة الاقتصادية المخيف. واستمر الموظفون في العمل يوميا وأحيانا في عطلة نهاية الأسبوع. لم تتوقف المختبرات يوما. وبقيت كافة المديريات على كامل جهوزيتها”.
وقال: “وإذا كانت جائحة كورونا، فرضت المشاركة في النشاطات الخارجية عبر تقنية الاتصال الافتراضي والــ Video Conference نظرا إلى التدابير الوقائية، المنفذة عالميا، فإن إدارة معهد البحوث الصناعية، وجهازها البشري الأخصائي، شاركوا بالمباشر في نشاطات عديدة على صعيد السراي الحكومي، ووزارات الصناعة والبيئة والاقتصاد والتجارة والدفاع الوطني والصحة العامة، والجيش اللبناني، والعديد من الإدارات والمؤسسات العامة، والجامعة اللبنانية، والقطاع الصناعي الخاص وعالم الأعمال في لبنان. وفتح المعهد قاعة المحاضرات أمام وزارتي الصناعة والإعلام، لعقد ندوات تتعلق بالتعاون الاعلامي – الصناعي على صعيد الترويج للقطاع الانتاجي. كما لم يتأخر المركز الأوروبي اللبناني للتحديث الصناعي عن موجباته العملانية مع الصناعيين والقطاع الصناعي، لا سيما بواسطة الربط الإلكتروني، ودعم الجسر الرابط بين الأوساط الأكاديمية وريادة الأعمال ودعم أربع فرق خضعت لبرامج تدريبية. وتابع أيضا مركز الإبتكار تقويم خمسة مشاريع، في حين تابع المركز اللبناني للإنتاج الأنظف نشاطاته المتنوعة كالمعتاد”.
وأشار، في الختام، الى “ان تراجع حركة التجارة الخارجية انعكس على إحصاءات الملفات الجمركية، والمختبرات. لكن في الإجمال، بقي مستوى النشاط في معهد البحوث الصناعية، أعلى قياسا عما كان عليه على صعيد القطاعات الإقتصادية كافة”، موضحا انه “وخلافا عن السنوات السابقة، وبسبب الأوضاع المعروفة، تقرر هذا العام عرض التقرير السنوي عن عام 2020 على موقع المعهد الإلكتروني”.