Site icon IMLebanon

هل تؤجَّل الانتخابات بذريعة الإصلاحات؟

كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية: 

على خطين متوازيين، تعمل القوى السياسية اللبنانية، الأول، هو البحث في برنامج الإصلاح والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، والثاني هو افتتاح مبكّر للمعركة الانتخابية، لكنّ الغرابة أن الهدف هو جعل الخطين يلتقيان في النهاية عند مصلحة واحدة هي المصلحة الانتخابية.

أي خطة إصلاحية؟

على المسار الأول أفادت المعلومات بأنه بعد زيارة الرئيس نجيب ميقاتي إلى فرنسا، أوفدت باريس إلى بيروت المستشار المكلّف متابعة مقررات “مؤتمر سيدر” لمساعدة سفيرها بيار دوكان في مواكبة مسار الإصلاح ووضع خطة واضحة للتفاوض مع صندوق النقد.

وتواجه الخطة أسئلة كثيرة، فهل ستتمكن الحكومة من توزيع الخسائر على المودعين والمصارف معاً؟ وهل ستنجح في العودة إلى “خطة لازار” التي حمّلت الخسائر للمصارف وحدها؟ أم أن مَن سيتحمل الخسائر هم المودعون؟ وهل سيتم إقرار قانون الكابيتال كونترول لحماية الناس، ولو بشكل متأخر؟ أم أن الحماية ستكون للقطاع المصرفي؟

وبحسب مصادر حكومية، فإن الانقسام لا يزال على حاله حول الوجهة التي يجب تحميلها الخسائر، والعنوان العريض لهذا الانقسام هو أن البعض يريد تحميل المسؤولية للمصارف، والبعض الآخر يريد حمايتها.

بطاقة تمويلية أم رفع أجور؟

في المقابل، وعلى إيقاع الرفع التدريجي للدعم، لا يزال الخلاف قائماً حول البطاقة التمويلية، التي يفترض أن يتم إقرارها لتوفير الحماية الاجتماعية للمواطنين ذوي الدخل المحدود. وهناك رفض من رئيس الحكومة لفكرة البطاقة، فهو يفضل إصلاح الرواتب والأجور بشكل كامل، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي، لأنه سيؤدي إلى زيادة منسوب التضخم، وسيؤثر على ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.

وفي كلتا الحالتين، سواء أقرت البطاقة التمويلية، أم تم رفع الرواتب والأجور بنسبة 50 بالمئة أو أكثر، إلا أنّ الغاية الأساسية ستكون انتخابية، فكل طرف سياسي يسعى إلى بيع هذا الإجراء إلى بيئته الحاضنة لتعزيز شعبيته انتخابياً، خصوصاً أن السباق الانتخابي قد افتتح باكراً.

وقد بدأت جميع القوى السياسية تتحضر بقوة إلى الانتخابات، وأي ملف مطروح على الساحة ستتم مقاربته انطلاقاً من حسابات انتخابية.

البيطار وتحقيق المرفأ

تتعاطى القوى السياسية مع هذه الانتخابات على أنها معركة وجودية، خصوصاً بعد كل التطورات منذ “ثورة 17 تشرين” إلى اليوم، مروراً بتفجير مرفأ بيروت، والذي ستكون التحقيقات حول أسبابه ومع المتهمين به أو المدعى عليهم بنداً أساسياً من بنود خوض المعركة الانتخابية.

فالمدعى عليهم أصبحوا يعتبرون أن استهدافهم من خلال التحقيقات له أبعاد سياسية، أما مَن يناصرون القاضي طارق البيطار فهم يرفعون السقف لاستهداف خصومهم.

انتخابات المغتربين

في الوقت نفسه، تلجأ القوى المختلفة تسعير للخطاب المذهبي والطائفي، كما اعتادت قبل أي استحقاق انتخابي. لا ينفصل ذلك عن فتح بازار الانتخابات انطلاقاً من الإضاءة على مسألة انتخاب المغتربين اللبنانيين في الخارج لـ 6 نواب يمثلون “الانتشار” داخل البرلمان التي ينص عليها القانون.

وهنا تفيد المعلومات بأن الانقسام بلغ منتهاه، إذ إن أطرافاً عديدة ترفض تنفيذ هذا الإجراء، وتطالب بتعديل القانون لتأجيله، لا سيما أن هناك قناعة لدى هذه القوى السياسية بأن انتخابات المغتربين ستعطي انطباعاً حول تراجع شعبية القوى السياسية، وهي غير قادرة على التأثير على قرار الناخبين بخلاف ما سيكون الوضع عليه في الداخل اللبناني. أيضاً تفيد معلومات بأن حزب الله سيرفض انتخابات المغتربين، لأنه بسبب العقوبات المفروضة عليه لن يتمكّن من القيام بالحملات الانتخابية ولن يجرؤ المؤيدون له الذهاب لانتخابه.

أكثر مَن يتحمس إلى انتخابات المغتربين هما القوى المسيحية، أي التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، وكذلك بالنسبة إلى قوى المجتمع المدني، يراهن هؤلاء على معيار نتائج انتخابات المغتربين لإثبات شرعيتهم وشعبيتهم.

وفي كل الاحوال، فإن إلغاء انتخابات المغتربين يحتاج إلى تعديل للقانون، وبحال فتح باب التعديلات ستطالب قوى أخرى بإدخال المزيد من التعديلات التي تسعى إليها كاعتماد صوتين تفضيليين بدلاً من صوت واحد. وسط كل هذا الصخب، هناك من يعبّر عن خشيته من اتخاذ هذه الخلافات كذريعة لتأجيل الانتخابات وتطييرها، فيما هناك إصرار شعبي ودولي على إجرائها في مواعيدها.