كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
مبدئياً تم تحديد موعد الانتخابات النيابية في شهر آذار من العام 2022. اربعة اشهر باتت تفصل لبنان عن استحقاقه الانتخابي، بينها شهرا مهل، ما يعني اننا بصدد الدخول في المدار الانتخابي النيابي بكل ما يعنيه ذلك من انصراف الى امور لوجستية وتقنية، ما يطرح السؤال عما يمكن لحكومة تشكلت حديثة العهد ان تنجزه في غضون اشهر قليلة في بلد متعدد الازمات، والمطلوب منها ان تجري الانتخابات في مواعيدها ورصد الاموال اللازمة لذلك. ويكمن الامتحان الأهم والأصعب في تأمين اقتراع المغتربين وتطبيق المادة 122 من قانون الانتخاب التي جمد تطبيقها في الدورة الانتخابية الماضية، على امل ان يصار الى الزامية تطبيقها في الدورة المقبلة والا صار لزوماً ادخال التعديلات على قانون الانتخاب الذي صار مادة خلافية بين القوى السياسية في الداخل.
حتى اللحظة لم تعلن اي قوى سياسية أو كتل برلمانية رأيها علناً بموضوع انتخابات اللبنانيين المقيمين خارج لبنان في ما يتعلق بتطبيق المادة 122 من قانون الانتخابات الحالي، والتي تتحدث عن إضافة ستة مقاعد لغير المقيمين الى عدد أعضاء مجلس النواب ليصبح 134 عضواً في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الانتخابية الأولى التي ستجرى وفق هذا القانون.
ووفق المادة 112 منه توزع هذه المقاعد بالتساوي على القارات الست وعلى المسيحيين والمسلمين، حيث يعطى مقعد واحد لكل من الموارنة، والروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، والسنة، والشيعة، والدروز، على أن يجرى الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يوماً على الأكثر من الموعد المعين للانتخابات في لبنان. أي أن المغتربين سوف يقترعون في دائرة افتراضية تغطي قارات العالم الست، في حين يقترع المقيمون في إحدى الدوائر الـ 15 المنصوص عنها في القانون.
مادة سجالية جديدة ستضاف الى ما سبقها لتضع الانتخابات على محك الالتزام بالمهل القانونية لاجرائها. هناك وجهة نظر تقول ان انتخاب نواب ممثلين للمغتربين دونه صعوبات واشكالات، تتصل اولاً بكيفية تحديد المقاعد التي ستشطب بدلاً من تلك المنتخبة في بلاد الاغتراب، كما أن تحديد ستة مقاعد قد يتسبب بمشكلة في صفوف المغتربين وامام الحكومة في تحديد اي طائفة لأي مقعد. ومن يحدد هذا المقعد لهذه الطائفة او تلك من المعايير، والفوز للاقوى حكماً ليس بقوة التمثيل وانما لمن يملك المال والنفوذ السياسي وهو في الخارج.
والاشكالية الثانية للمعترضين على تطبيق هذه المادة، تكمن في كيفية مشاركة النائب المنتخب في الاغتراب في التشريع اذا بقي في الخارج، وهل تبقيه عودته ليكون في عداد المشرعين النواب ممثلاً عن المغتربين ام يتحول الى مقيم؟ وهل من الصحي ان يتمثل المغتربون بستة نواب بدل ان يكون المجلس بكامله ممثلاً لهم؟ وهل يجوز ان ننقل عدوى القانون الطائفي الى بلاد الاغتراب بدل ان نحذوَ حذو الغرب في الانتخاب من دون القيد الطائفي، فنزرع الشقاق الطائفي في صفوف المغتربين وهم البعيدون عنا؟
يتخوف المتوجسون من تطبيق هذا البند من اتساع الدوائر الانتخابية الهائل في بلاد الاغتراب والذي يعزز سيطرة احزاب على حساب اخرى، فتؤمن فوز من تراه مناسباً بفعل سطوتها على ارادة المغتربين. ثمة وجهة نظر تؤيد مشاركة المغتربين في الاقتراع لكن مع عدم حصر الانتخاب بستة. وبناء عليه يتحدث هؤلاء عن وجود اتجاه لتعليق العمل في هذه المادة مع الابقاء على حق الاقتراع للمغتربين المقيمين خارج لبنان، وهذه النقاشات عبر عنها الكثير من البيانات المؤيدة لحق المغترب في الاقتراع، لكن ليس لاقتراعهم لستة نواب من بينهم كل في قارته بينما يصر على تطبيقها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، رغم تحفظ الكثير من الكتل السياسية.
وتنفي مصادر “التيار الوطني الحر” موافقة الغالبية المسيحية على الغاء هذا البند لتقول ان كل الكتل المسيحية تؤيد تطبيق ما ورد في القانون، وبالتالي فتنفيذه شرط اساسي والغاؤه سيكون جريمة مشابهة لوقف التحقيقات بانفجار المرفأ. تقول المصادر:”للمغترب الحق في التصويت على ارض الاغتراب، كما له الحق بالترشح عن القارة التي يعيش فيها على ان يفوز الاول في قارته. التركيبة الطائفية جزء من النظام اللبناني فهل نحمل المغتربين وزر هذا النظام ونحرمهم من حقهم؟”، من وجهة نظر المصادر أن “الافضل ان ندعهم ينتخبون في الاغتراب على ان نستدعيهم الى لبنان فيتم تزوير ارادة المقيمين”.
وتسأل: “من يتجرأ أن يتحمل اسقاط حق المغتربين في الاقتراع وفي الترشح عن الدوائر المقيمين فيها؟ برأيها، “من حق اللبنانيين المنتشرين في العالم ان يتمثلوا في نظام انتخابي أعرج من ألا يتمثلوا ابداً”، وخلافاً لاجتهادات قوى سياسية تعتبر تطبيق هذه المادة دونه اشكالات لوجستية وتقنية وتمثيلية وتعمل على تعديل القانون الحالي، وقدمت صيغاً للقانون المعدل وأبرزها كتلة “التنمية والتحرير”، فان “التيار الوطني” يرى أن رفض تطبيق هذه المادة من القانون يفتح الباب على تعديل قانون الانتخاب، ليبدو وكأنه محاولة لفتح الباب امام تأجيل الانتخابات او الغاء حصولها، فمن له ان يتحمل هذا الوزر خصوصاً وان غالبية الاحزاب المسيحية مؤيدة لتطبيق المادة 122 وتعارض إلغاءها، بالمقابل من يضمن سلامة التمثيل وصحة الاقتراع من دون سطوة المال والاحزاب ايضاً؟