كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
من الطبيعي أن تتساءلوا «ما الذي يحصل معكم» أو حتى التفكير إلى أبعد من ذلك والقول: «هل هذه أولى علامات الألزهايمر؟» عندما تعجزون عن تَذكّر اسم الشخص الذي تتحدثون إليه، أو تُخرّبون المنزل بأكمله بحثاً عن مفاتيحكم… لكنّ الخبر الجيّد هو أنّ اضطراب الذاكرة يمكن أن يحدث في أي عمر.
في الواقع، واستناداً إلى طبيب الأعصاب والمدير الطبي لـ»NeuroGrow Brain Fitness Center» في ماكلين – فيرجينيا، الدكتور مجيد فوتوحي، هناك 3 أسباب رئيسة لفقدان الذاكرة المرتبط بالتقدم في العمر:
تقلّص حجم الدماغ
إنّ الذاكرة تنخفض طبيعياً بنحو 2 في المئة مع كل عقد من العمر، ما يعني أنها تصبح أسوأ عند بلوغ 30 عاماً مقارنةً بالـ20! ويرجع السبب إلى تقلّص الجزء من الدماغ الذي يخزّن الذكريات والمعروف بالحُصين.
التعرّض لمشكلات صحّية تؤثر في الذاكرة
وفق جمعية القلب الأميركية، رُبط ضغط الدم المرتفع، خصوصاً في منتصف العمر، بزيادة خطر الإصابة بالخرف في مراحل لاحقة من الحياة. إنّ عدم علاج الضغط العالي يؤدي إلى تضييق الشرايين وانسدادها في كل مكان، بما فيها الدماغ. ومن جهة أخرى، يُعتبر الكولسترول المرتفع بمثابة «سُمّ» للدماغ بما أنه يحفّز تشكّل بروتين «بيتا-أميلويد» الذي يؤدي دوراً رئيساً في تطور الألزهايمر، بحسب دراسة نُشرت عام 2018 في «Nature Chemistry». كذلك يمكن لمشكلات صحّية أخرى، مثل الكآبة وانقطاع التنفس أثناء النوم، أن تؤذي الدماغ. وإذا كنتم تعجزون عن السماع جيداً، فلا تتردّدوا في استشارة الطبيب بعدما وجد بحث صدر عام 2019 في «The Hearing Journal» علاقة بين فقدان السمع والخرف.
تَغيّر الهورمونات
قد تلاحظ المرأة أنها تنسى، خصوصاً خلال الحمل، أو عند بلوغها 40 أو 50 عاماً، وهي الفترة التي تدخل فيها مرحلة انقطاع الطمث. ويرجع السبب إلى الانخفاض المؤقت في هورمون الاستروجين. ولكن عند تنظيم الهورمونات، فإنّ الذاكرة تعود إلى وضعها الطبيعي.
وفي حين أنه لا يمكن السيطرة على بعض الأجزاء من تدهور الذاكرة المرتبطة بالتقدم في العمر، إلّا أنّ هناك مجموعة أمور يمكن الاستعانة بها للمساعدة على دعم الذاكرة الصحّية. وفي ما يلي أبرز نصائح الدكتور فوتوحي:
مزاولة الرياضة
يتكوّن ثلث الدماغ من الأوعية الدموية، لذلك ليس من المُفاجئ أنّ هناك علاقة بين النشاط البدني وحجم الدماغ. ولقد أظهرت دراسة نُشرت عام 2011 في «PNAS» أنّ البالغين الأكبر سنّاً الذين حرصوا على المشي سريعاً لمدة 40 دقيقة 3 مرّات أسبوعياً على مدار عام كامل ازداد حجم منطقة الحُصين لديهم بنحو 2 في المئة، علماً أنها تتقلّص عموماً نحو 0,5 في المئة سنوياً. كذلك توصلت دراسة صدرت عام 2017 في «The Journals of Gerontology: Series A» إلى وجود رابط بين قلّة الحركة وخطر الخرف. وأجرى الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لنحو 2000 شخص تخطّوا 60 عاماً، ووجدوا أنه كلما زاد نشاطهم ارتفع حجم الحُصين لديهم.
الحدّ من الجلوس
من المهمّ جداً تفادي كثرة الجلوس خلال اليوم، حتى لو كنتم تحرصون على ممارسة الرياضة. ففي دراسة نُشرت عام 2018 في «PLOS One»، شَملت بالغين بين 45 و75 عاماً، تبيّن أنّ الذين جلسوا من 3 إلى 7 ساعات يومياً تعرّضوا لترقّق كبير في الفص الصدغي حيث يشكّل الدماغ ذكريات جديدة. كما أنه عادةً ما يسبق الخرف.
ممارسة تمارين اليقظة الذهنية
إنّ التوتر بحدّ ذاته سامّ لخلايا الدماغ، بحيث يقتلها ويقلّص قشرة الفص الجبهي والحُصين، المسؤولَين عن الذاكرة والتعلّم. ولقد توصلت مراجعة نُشرت عام 2018 في «BMJ Open» إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون توتراً شديداً كانوا أكثر عرضة للخرف لاحقاً. غير أنّ ممارسة تقنيات اليقظة الذهنية، مثل التأمل أو اليوغا، قد تؤدي دوراً فعّالاً. ولقد بَيّنت دراسة صدرت عام 2016 في «Journal of Alzheimer’s Disease» أنّ الأشخاص فوق 55 عاماً الذين مارسوا اليوغا لمدة ساعة أسبوعياً جنباً إلى 20 دقيقة من التأمل في المنزل، تحسّنت ذاكرتهم بشكل ملحوظ. وفي الواقع، يمكنكم بلوغ هذه المنافع بمجرّد إدخال 5 إلى 10 دقائق من تمارين التنفس العميق إلى روتينكم اليومي.
التزام الحمية المتوسطية
إنّ غذاء البحر الأبيض المتوسط، الغنيّ بالفاكهة والخضار والدهون الصحّية والحبوب الكاملة والبقوليات، لا ينعكس إيجاباً على القلب فحسب إنما أيضاً على الدماغ. فقد وجد العلماء أنّ الدهون الصحّية تخفض التهاب الدماغ، في حين أنّ مضادات الأكسدة تساعد على حماية الخلايا من التلف. في الواقع، رُبط اتباع الحمية المتوسطية بخفض خطر الضعف الإدراكي بنسبة 35 في المئة لدى البالغين الذين تخطوا 60 عاماً، بحسب بحث نُشر عام 2017 في «Journal of the American Geriatric Society».
النوم جيداً
أثناء النوم، ينشغل الدماغ بتقوية الروابط بين خلاياه ونقل المعلومات. تعمل هذه العملية بشكلٍ أساسي على تحويل الذكريات والمهارات إلى منطقة دماغية أكثر كفاءة، ما يسمح تذكّرها بسهولة. واستناداً إلى دراسة نُشرت عام 2016 في «Cortex»، عندما قيل للأشخاص كلمات غير مألوفة ومختلفة ثمّ طُلب منهم تَذكّرها بعد مرور 12 ساعة على النوم أو اليقظة، تبيّن أنّ الذين ناموا كانوا أكثر ميلاً لتذكرها. ناهيك عن أنّ النوم يسمح للدماغ بطرد البقايا، مثل «بيتا-أميلويد» التي تُعزّز خطر الألزهايمر. المطلوب منكم إيلاء أهمّية قصوى لنومكم، واتّباع عادات صحّية مثل الخلود إلى الفراش والاستيقاظ في التوقيت ذاته يومياً، وتفادي الشاشات الإلكترونية قبل النوم ببضع ساعات.