جاء في “المركزية”:
نافرٌ ومستفز مقطع الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي منذ أيام وتظهر فيه مجموعة كبيرة من الزوار المتجهين إلى العراق لمناسبة أربعينية الحسين وهم يلطمون داخل مطار رفيق الحريري. وفيما طالب البعض بأن تقام الصلاة لكافة الأديان والطوائف في أماكنها المعروفة لا في الأماكن العامة، صدرت ردود “دفاعية” من أنصار حزب الله باستماتة عن الطقوس، لا بل ذهبوا أبعد من ذلك بالمطالبة بتغيير اسم المطار من مطار رفيق الحريري الدولي إلى مطار حسن نصرالله أو عباس الموسوي اللذين جاءا بالعزة للبنان، فيما اقترح ساخرون تسميته مطار الخميني لأنه بات كذلك وفق تعبير بعضهم.!
مشهدية طقوس اللطم في إحدى قاعات مطار بيروت ليست سابقة. فقبيل حلول ذكرى اغتيال قاسم سليماني رفع حزب الله صورا عملاقة له في مناطق سيطرته في بيروت والجنوب والبقاع وكذلك على طريق المطار. وفي مشهد لا يقل استفزازا وتساؤلا حول ما إذا تحول لبنان إلى مقاطعة في ولاية الفقيه، لافتة سير إرشادية تسمّي طريق الخروج من مطار رفيق الحريري في العاصمة اللبنانية بيروت بـ”جادة الإمام الخميني”، رفعتها اتحادات بلديات الضاحية الجنوبية.فهل أصبحت بيروت مقاطعة ايرانية؟
الوزيرة السابقة مي شدياق تؤكد لـ”المركزية” رفضها لمحاولات هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية من بوابة مطار رفيق الحريري الدولي وتقول:” المشهد مستفز فعلا فهذه التقاليد لا تمت إلينا بصلة واللبنانيون ليسوا تابعين لولاية الفقيه أو أقله ليس كل اللبنانيين”. واستنكرت تحويل إحدى القاعات الكبرى في المطار المخصصة للإنتظار إلى قاعة “صلاة”:” لا يمكن تحويل قاعة عامة إلى مصلى ووضع الهتافات على مكبرات للصوت. هل ثمة إذن خاص للقيام بهذه المشهدية؟ ولماذا لم يصدر توضيح من قبل إدارة مطار رفيق الحريري؟”.
وتختم د. شدياق”ما حصل في مطار بيروت هو استكمال لتدمير ما تبقى من صورة لبنان ويطلبون من الشباب اللبناني ألا يهاجر وأن يبقى في وطن بات مقاطعة إيرانية ،وطن معزول عن عالمه ويتحملون مسؤولية ذلك .خلصنا بقى”.
ما لا يقبل الجدل أن مدخل مطار بيروت الدولي بات مرآة لواقع المشهد السياسي في الداخل اللبناني ومشاهد الصور واللافتات والمجسمات المنثورة على طول طريق المطار ليست إلا عملية منظمة وممنهجة لتغيير هوّية لبنان وتزوير تاريخه ووضع اليد على حاضره ومستقبله!.. والسؤال الذي يطرح هل يقتصر الإستفزاز الذي يعكسه مشهد الصور واللافتات على طريق المطار اللبنانيين فقط؟ ماذا عن المسؤولين والطبقة السياسية والديبلوماسيين الذين يزورون لبنان ؟ تراها تترك انطباعا بأنهم يدخلون طهران أم بيروت؟
رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان طوني نيسي يؤكد عبر”المركزية” أن “كل المسؤولين الأجانب والعرب وحتى الهيئات الدولية وغير الحكومية باتت تتعامل مع لبنان وكأنه دولة محتلة من قبل إيران بدليل أن غالبية دول الخليج ومنها السعودية والإمارات سحبت سفراءها من لبنان بطريقة ديبلوماسية وتتعامل حكوماتها مع لبنان على ىغرار اليمن وسوريا .أما عالميا فهناك تسليم بأن سيطرة حزب الله أبعدت شبح الحرب الأهلية، على رغم الإعتراف الضمني بأن لبنان بات دولة محتلة من قبل إيران، والمجتمع الدولي المنشغل بأموره الداخلية وإبرام الإتفاقات النووية لا يريد أن ينشغل بأكثر من توفير المساعدات للجيش اللبناني والقطاعات التربوية عبر المنظمات غير الحكومية”.
يضيف نيسي” عندما نقرأ كل هذه الوقائع تتوضح الصورة التي تعكسها المشهدية على طريق المطار وهي أن لبنان وُضع على قائمة الدول التي تحتلها إيران وعليه لم تعد صور خامنئي وقاسم سليماني وحسن نصرالله تستفز الديبلوماسيين الأجانب والعرب حتى أنهم باتوا يتعاطون مع الأمر الواقع على قاعدة أن لبنان بلد محتل”.
أن يتعامل الديبلوماسيون والزوار العرب والأجانب وحتى اللبنانيون الذين يدخلون لبنان عبر بوابة المطار مع مشهدية “جمهورية طهران” المتمثلة بالصور والمجسمات شيء، وأن تتحول طريق المطار إلى مرآة تعكس واقع الإحتلال الإيراني للدولة اللبنانية شيء آخر. وعليه يفترض التعامل مع واقع الإحتلال بطريقة مختلفة. وتعقيبا على ذلك يقول نيسي:” طريق المطار هي مجرد إعلان للجمهورية الإيرانية وقد تكرس مع إدخال حزب الله شاحنات المازوت الإيراني عبر سوريا وإطلاق الرصاص وقذائف الآربي جي احتفالا بتعيين وزير وهذه العراضة ليست إلا إعلانا سياسيا باحتلال لبنان والقول بأنهم الآمر الناهي في غياب الشرعية السياسية والأمنية وأي عمل لا يخضع لقرار سلطة الإحتلال لا يمر وإلا…”