كتبت كلير شكر في نداء الوطن:
في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، يقول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ردّاً على سؤال حول مصير الهيئة الناظمة لإدارة قطاع الكهرباء: “ثمة أمور أستطيع القيام بها وأخرى لا أستطيع. على سبيل المثال ثمة شروط اصلاحية أنجزت ومنها قانون الشراء العام، إلا أنّه بالنسبة للهيئة الناظمة التي ينصّ عليها القانون 431 تاريخ 2002، فثمة اقتراح مقدم من “تكتل لبنان القوي” لتعديل مهام الهيئة الناظمة ودورها لتكون أشبه بمجلس استشاري ما يؤدي إلى فقدانها لرونقها، وهذا الاقتراح مقدّم من الفريق العوني، ولذا يرفضون تشكيل الهيئة قبل النظر بصلاحياتها، بينما المواطن يريد كهرباء، وأنا في الوقت الحاضر أريد أن أؤمن الكهرباء”.
هذا الموقف الواضح والصريح يعني أمرين:
– أولاً، الفريق العوني يرفض تأليف الهيئة الناظمة قبل إعادة النظر بمهامها ودورها بشكل يفقدها قيمتها لتصير أشبه بمجلس استشاري غير ملزم بقراراته.
– ثانياً، لا هيئة ناظمة في الوقت الراهن، أو في المدى المنظور.
ولا حاجة للتذكير، أنّ الهيئة الناظمة كانت موضع صراع جدي بين مختلف القوى السياسية من جهة، و”التيار الوطني الحر” من جهة ثانية بسبب رفضه تطبيق القانون 462 الذي ينصّ على إنشاء الهيئة، لحجج مختلفة، أهمها أنه “لا يمكن السير بها قبل أن يصبح القانون 462 قابلاً للتطبيق، وفق ما أوجبته المادة 48 منه في نصها على الإبقاء على جميع الأحكام القانونية والتنظيمية المعمول بها قبل نفاذ القانون 462 سارية المفعول، إلى حين أن يصبح هذا القانون نافذاً. كما أنّ القانون رقم 181 تاريخ 13/10/2011 أوجب أيضاً تعديل القانون رقم 462. كذلك، أوصى مجلس النواب الحكومة، في جلسته المنعقدة بتاريخ 14 نيسان 2019، بإنجاز التعديلات المطلوبة على القانون 462/ 2002 وتشكيل هيئة تنظيم قطاع الكهرباء، مما يؤكد وجود استحالة قانونية مانعة لتشكيل هيئة تنظيم قطاع الكهرباء في الوقت الراهن قبل إقرار التعديلات اللازمة والمطلوبة على القانون رقم 462/ 2002”.
وهذا ما أدى إلى نشوء معضلة “الدجاجة والبيضة”، من يسبق من؟… مع العلم أنّ نصّ المبادرة الفرنسية واضح في الإشارة إلى ضرورة تشكيل الهيئة، اذ جاء في متنها ضمن “التدابير المطلوب اتخاذها فوراً” (في مهلة شهر):
– تعيين المسؤولين في الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء في إطار القانون 2002/462 من دون تعديلات، مع تزويد هذه الهيئة بالإمكانيات الفعلية لممارسة عملها.
– إطلاق استدراجات عروض في ما يتعلق بمعامل توليد الكهرباء بواسطة الغاز، التي تُعتبر ذات أولوية لتقليص الاستعانة بالمولّدات.
– التخلي عن مشروع معمل سلعاتا بصيغته الحالية”.
وفي هذا السياق، لا بدّ من التذكير بمهام الهيئة وصلاحياتها كما جاءت في نصّ المادة 112 من القانون رقم 462 تاريخ 2/ 9/ 2002 (تنظيم قطاع الكهرباء)، وهي كالآتي:
– إعداد دراسات المخطط التوجيهي العام للقطاع في مجالات الإنتاج والنقل والتوزيع ورفعه للوزير لمناقشته ووضعه بالصيغة النهائية وعرضه على مجلس الوزراء لتصديقه.
– إعداد مشاريع المراسيم والأنظمة المتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون وإحالتها إلى الوزير وإبداء الرأي في مشاريع القوانين ومشاريع المراسيم المتعلقة بقطاع الكهرباء.
– تشجيع الاستثمار في قطاع الكهرباء والعمل على تحسين كفاءة التشغيل وضمان جودة الخدمات وحسن تأديتها.
– تأمين وتشجيع المنافسة في قطاع الكهرباء ومراقبة وضبط التعرفات غير التنافسية وتأمين شفافية السوق.
– تحديد وتصنيف مختلف فئات خدمات الإنتاج والنقل والتوزيع التي تعكس بشكل مناسب الفروقات في خصائص استعمال الكهرباء تبعاً لفئات المستهلكين المختلفة ونوعية الخدمة المعنية وأوقاتها.
– تحديد سقف لأسعار خدمات الإنتاج وللتعرفات المطبقة على مختلف خدمات نقل وتوزيع الكهرباء ولبدلات الاشتراك وبدل الخدمات والغرامات وكيفية تحصيلها.
– وضع المعايير التقنية والفنية والبيئية وقواعد التثبت من التقيد بها ومراقبة وضبط تطبيقها. تأخذ الهيئة في الاعتبار عند الاضطلاع بمسؤولياتها، أفضل المعايير العالمية المتعلقة بتنظيم قطاع الكهرباء.
– تحديد قواعد ومعايير التراخيص والأذونات على ألا تتعارض هذه القواعد والمعايير مع أحكام هذا القانون.
– إصدار وتجديد وتعليق وتعديل وإلغاء التراخيص والأذونات. في حال قررت الهيئة تجديد الترخيص أو الإذن على إمكانية التجديد، على الهيئة إبلاغ أصحاب التراخيص والأذونات شروط التجديد قبل سنتين من إنفاذ مهلة الترخيص أو الإذن.
– مراقبة تقيد أصحاب التراخيص والأذونات في مجالي الإنتاج والتوزيع وقطاع النقل بالقوانين والأنظمة والاتفاقيات وشروط التراخيص والأذونات ودفاتر الشروط تأميناً لحسن الخدمة للمشتركين، لا سيما ما يتعلق بأنظمة التعرفات وبوليصة الاشتراك. للهيئة، في حال عدم تقيدهم بما ذكر أعلاه، تطبيق القوانين المرعية الإجراء. وعلى هؤلاء الأشخاص ومؤسسة الكهرباء تزويد الهيئة بالمعلومات والبيانات الفنية والمالية وأي معلومات أخرى تطلبها الهيئة تحقيقاً لأهدافها.
– تأمين المساواة بين أصحاب التراخيص والأذونات في الاستفادة من تجهيزات النقل، وفقاً للتعرفات المحددة.
– مراقبة حسن سير خدمات الإنتاج والنقل والتوزيع حتى إيصال التيار الكهربائي إلى المستهلك وذلك بعد التشاور مع الجهات المختصة، ومع مراعاة شروط المنافسة الحرة في القطاع وسياسة الحكومة واستراتيجيتها وشروط الاتفاقيات والتراخيص والأذونات السارية المفعول، وحماية مصلحة المستهلكين وتأمين الاستقرار في قطاع الطاقة الكهربائية وتوازن أسعار الخدمات، وذلك وفقاً للقوانين النافذة في هذا الإطار.
– دراسة وإقرار طلبات أصحاب التراخيص والأذونات لتعديل الخدمات المرخص لهم بتقديمها، والموافقة عليها عند مواجهة حالات النقص في الإمداد أو العطل في التجهيزات أو في حالة القوة القاهرة.
– وضع تقرير سنوي عن أعمالها يرفع إلى مجلس الوزراء بواسطة الوزير خلال الأشهر الثلاثة التي تلي كل سنة مالية وينشر هذا التقرير في الجريدة الرسمية، ويتضمن خلاصة عن الإجراءات التي اتخذتها الهيئة تنفيذاً للمهام المنوطة بها، ومدى مساهمتها في تحقيق الأهداف المحددة في هذا القانون.
– العمل كوسيط وكهيئة تحكيمية للبت بالنزاعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون بين اصحاب التراخيص، وكذلك العمل لحل الخلافات ودياً بين أصحاب تراخيص التوزيع وبين المستهلكين.
– اتخاذ أي قرارات أو إجراءات أو أعمال أو مهام أخرى ينص عليها هذا القانون والأنظمة السارية المفعول.
وعليه، لا بدّ من السؤال: هل سيكتفي ميقاتي في هذه الحكومة في تأمين الفيول والغاز لضمان استمرارية التيار الكهربائي وفق انتاج المعامل القائمة؟ ليترك الخلاف حول المعامل والهيئة الناظمة إلى ما بعد الانتخابات؟ أم اهماله للهيئة هو نتاج التفاهم مع رئيس التيار جبران باسيل؟ أم نحن مقبلون على زمن الخصخصة والتخلي بالتالي عن كل الهيئات الناظمة؟