لا يكفي أن يحزن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بسبب انتهاك “حزب الله” للسيادة اللبنانية وتهريب المازوت الإيراني عبر الحدود السائبة والمعابر غير الشرعية على طول الحدود اللبنانية- السورية. لا يكفي أن يحزن لأن لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة دستورياً التي تضمن له دعوة مجلس الوزراء إلى عقد جلسة طارئة وتكليف الجيش اللبناني ضبط الحدود ومنع كل أشكال التهريب واعتقال المهرّبين… لكنه لم ولن يفعل ذلك حتماً!
حزن ميقاتي على انتهاك السيادة يُعدّ نقطة من 4 نقاط تهدّد بجعل حكومته شبيهة بحكومة الرئيس حسان دياب:
ـ النقطة الثانية تتمثل في إعلان ميقاتي علناً عجز حكومته عن طرق أبواب الإصلاحات المطلوبة داخلياً وعربياً ودولياً، وفي طليعتها الإصلاح المطلوب في قطاع الكهرباء، وذلك بإعلانه عجز حكومته عن تعيين هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء بذريعة أنها تشكل موضوعاً خلافياً. وبهذا الإعلان يكون ميقاتي رضخ لمطالب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي يعتبر قطاع الكهرباء ملكاً له أو يعتبر نفسه وصياً على هذا القطاع، وهو يرفض تعيين هيئة ناظمة قبل تعديل قانون الكهرباء ونزع كل الصلاحيات من الهيئة وحصرها بوزير الطاقة لتبقى كل القرارات بيد باسيل نفسه عملياً.
ـ النقطة الثالثة ظهرت في تراجع ميقاتي أمام رئيس الجمهورية في عملية تشكيل وفد لبنان لمفاوضة صندوق النقد الدولي، وذلك عبر القبول بإدخال مستشارين إلى الوفد وهما: مستشار رئيس الجمهورية شربل قرداحي ومستشار النائب جبران باسيل رفيق حداد، ولو كلّف ذلك استبعاد وزير الطاقة عن الوفد. فرئيس الجمهورية، ومن خلف باسيل، يصرّان على أن يتدخلا بالمفاوضات مع صندوق النقد من أجل تأمين حماية مصالحهما إضافة إلى ابتزاز خصومها وفي طليعتهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
ـ النقطة الرابعة النافرة أيضاً كانت في خضوع ميقاتي لمطلب “حزب الله” إجراء الانتخابات النيابية في 27 آذار المقبل، أي بتقريب موعدها من 8 أيار بما يمهّد إما لتطيير الانتخابات برمّتها بسبب خلق إشكالات حول ملفي اقتراع المغتربين و”الميغاسنترز”، وإما أقله إلغاء اقتراع المغتربين وإلغاء “الميغاسنترز” بما يريح الحزب الذي سيعجز عن التحكم بالمقترعين في دوائر نفوذه في حال لجأوا إلى “الميغاسنترز” في المناطق البعيدة عنه، كما أن أكثرية المغتربين تصوّت ضده كما أظهرت نتائج انتخابات الـ2018.
لا يمكن للرئيس ميقاتي أن يكتفي ببعض الزيارات الأوروبية للتعويل على الحصول على مساعدات لحكومته لتأمين نقلة في ظروف معيشة اللبنانيين الذين يمرّون في أسوأ أيامهم على الإطلاق. ويدرك ميقاتي المحنّك وصاحب الخبرة الطويلة في العمل السياسي والحكومي أن مفتاح الفرج يبقى بيد الرياض وأبو ظبي اللتين لن تفتحا أبوابهما في وجه حكومة تؤكد في كل خطوة و”حزن” أنها حكومة “حزب الله”. وبالتالي فإن المطلوب من ميقاتي الكثير من الأفعال بعيداً عن المحاباة لهذا الطرف أو ذاك، وخصوصاً أن الفشل في تقديم المطلوب قد يعني سقوطاً سريعاً للحكومة التي يتربّص بها بعض المشاركين فيها قبل خصومها… وإلا فإن نجيب ميقاتي مهدد بأن يتحول إلى نموذج جديد من حسان دياب، وهو ما لم نعهده قبلاً من ميقاتي!