كتب ألان سركيس في نداء الوطن:
يبدو أن الحكومة ستتعثّر بعدما بدأ يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود خصوصاً أن منطق المحاصصة سيكون سائداً في الفترة المقبلة.
تخطف الإنتخابات النيابية الأنظار من المشهد العام على رغم أن الأزمة الإقتصادية تتعمّق مع الرفع الكلي للدعم، ما ينذر بكارثة إجتماعية كبرى بدأت تهدد حتى طبقة “الدولاريين الجدد”، من هنا وجدت الأحزاب والتيارات الكبرى في هذا الحدث المأسوي مناسبة تستغل في وجع الناس وحاجاتهم من أجل كسب الأصوات.
وربما تبقى القوى الحالية أكثر تنظيماً وقدرة على التأثير بفضل إمتلاكها عنصر المال والضغط، لكن لا يمكن لهذه القوى أن تنام على حرير بسبب النقمة العارمة التي تسيطر على الشعب وحال التدهور الذي تعيشه البلاد.
ويبقى الشعار السيادي هو الأهم والذي يشكّل خشبة الخلاص لمشكلة الوطن بغض النظر عن أهمية الملفات الإصلاحية، من هنا فإن بعض القوى السيادية بدأت تعدّ العدة للمواجهة، ولقاء “السوديكو” الأخير، في المركز الرئيسي لـ”حزب الوطنيين الإحرار”، أكبر دليل على ذلك. وما يلفت الانظار أن صقور القوى السيادية مستمرون بالإعتراف بسيطرة “حزب الله” على مقدرات البلاد رغم إصرارهم على المقاومة، وما هو مستغرب أن يخرج النائب السابق فارس سعيد والذي يعتبر من أهم رموز 14 آذار بكلام يوحي وكأن معركة رئاسة الجمهورية محصورة برغبة “حزب الله” فقط، وما إذا كان يريد رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل رئيساً للجمهورية أو رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.
ويعلم الجميع أن أحد اسباب أزمة لبنان هو أن الدولة باتت في خدمة “الدويلة” ولم يعد هناك من فصل بينهما، وبالتالي فان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يدافع بشراسة عن “حزب الله”، وباسيل تحول في فترة من الفترات وزير خارجية “حزب الله”.
قالها سعيد بوضوح مع الزميل مرسيل غانم وبما معناه: إذا تحالف “حزب الله” مع باسيل في إنتخابات جبيل- كسروان وفي كل لبنان، يعني أن “الحزب” لا يزال في وارد دعم باسيل للرئاسة ولا حظوظ لفرنجية، وإذا تحالف مع فرنجية فهذا يشير إلى إبقاء آمال فرنجية عالية للوصول إلى بعبدا.
أن يخرج هذا الكلام عن محلل أو نائب فهذا أمر عادي، أما أن ينطق سعيد بهذا الكلام، وهو آخر شخص ممكن أن يُسلم بسيطرة “حزب الله” على البلاد ويرفض منطق التسويات، فان هذا الأمر يعتبر هفوة كبيرة قبل الإنتخابات أو ربما رسالة تحذير إلى ما تبقى من الفريق السيادي، وهذا التحذير مفاده أن “حزب الله” لا يزال قوياً ولا تستهينوا به ولا تناموا على حرير رغم العقوبات الأميركية المفروضة عليه.
يعلم سعيد أكثر من غيره أن ساكن بعبدا الجديد بعد عون لا يحدده تحالف “حزب الله” في كسروان مع النائب فريد هيكل الخازن أو تحالفه مع “التيار العوني”، ففي عدم التحالف حماية لفرنجية او باسيل، فمن جهة يخفف حدّة الهجوم على اللائحة التي يريد “حزب الله” إيصال مرشحيها، ومن جهة أخرى فان لعبة الحواصل هي من تتحكّم بالإنتخابات النيابية.
قد يكون كلام سعيد رسالة قاسية تدل على كيفية تحول السياسة المسيحية والوطنية، ففي السابق كان ينظر إلى إنتخابات كسروان- جبيل كإحدى اكبر المعارك المسيحية، وهي من تحدد هوية رئيس الجمهورية المسيحي نتيجة وجود اكبر كتلة مارونية ناخبة، وبالتالي لم يتحدّث سعيد عن هوى التصويت المسيحي أو في أي إتجاه ستستدير سيدة حريصا في هذه الدورة، أو صراع الأحجام والأوزان على الساحة الكسروانية والجبيلية لتحديد هوية الرئيس بعد عون، بل إن الخطورة تكمن في أنه قال إن تحالفات “حزب الله” تحدد هوية الرئيس وكأن المكون المسيحي بات بلا قيمة أو ملحقاً بالمحور الشيعي.
من المبكر الحديث عن الرئاسة قبل النيابة، في حين أن هناك عدداً لا يستهان به من المرشحين يتحضرون للإنتخابات وسط غياب مشروع موحّد لإستعادة قرار الدولة، لذلك فان الإنتخابات قد تكون محطّة جديدة للتسليم بامتلاك “الحزب” كل القرار اللبناني بعد خطفه قرار السلم والحرب.