هل يمكن ان نرى في الايام القليلة المقبلة، خرقا ايجابيا على خط مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، يشكّل اشارة مطمئنة ومشجّعة للداخل والخارج، تدل على ان الحكومة جدية في عملها لوضع المفاوضات على السكة، والتي من دونها لن يكون انقاذ ولا اصلاح؟ حتى الساعة، الكلام كثير، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. لكن على ارض الواقع، لا خطوات عملية توحي بتقدّم على صعيد الخطة التي يُفترض ان يقدمها الوفد اللبناني للصندوق، ولا اجتماعات “فعليّة” بعد، للّجنة الوزارية التي تم تأليفها منذ اسبوع لهذا الغرض.
في جديد المواقف، أكّد رئيس الجمهورية ميشال عون لوزير الدولة في الخارجية الالمانية نيلز آنين اليوم أن “لبنان بدأ اتصالاته مع صندوق النقد الدولي لإطلاق ورشة إصلاحية بالتزامن مع التدقيق المالي الجنائي وتحريك عجلة العمل الحكومي وتطوير قطاع الكهرباء وإعادة اعمار مرفأ بيروت”. قبل ذلك، استقبل عون صباحا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي اوضح انه أطلع رئيس الجمهورية على نتائج الاجتماعات التي يعقدها مع اللجان الوزارية التي ألفت أخيرا والمكلفة متابعة مختلف المواضيع المطروحة حاليا. كذلك، وضع الرئيس ميقاتي الرئيس عون في مضمون الاتصال الذي أجراه مع صندوق النقد الدولي، تحضيرا للتفاوض لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد.
صحيح ان “النية الحسنة” موجودة، تتابع المصادر، وهي تجلّت كلاميا كما أسلفنا، وفي تواصل حصل عبر “زوم” بين مسؤولين لبنانيين ومسؤولين في الصندوق، وفي الرسالة التي وجهها ميقاتي اليه وقد قال متحدث باسم الصندوق ان رئيس الحكومة عبرّ فيها عن “تطلّع السلطات اللبنانية الى الحصول على برنامج تمويلي وإجراء محادثات تقنية تتعلق بالسياسات والاصلاحات لمواجهة الازمة المالية والاقتصادية في لبنان على ان تبدأ المحادثات في الأيام المقبلة”… الا ان هذه “الشكليات” وحدها لا تكفي ولا تطعم “خبزا”.
فالاجراءات المطلوبة من لبنان، معروفة، وقد بات القاصي والداني يعرفها، والمطلوب من الحكومة وضعها على الورق، ضمن خطة واضحة المعالم، لتذهب بها الى صندوق النقد. حتى ان هيكل هذه الخطة موجود، وقد رسمته حكومة حسان دياب، ويجب اليوم تحديثها وتعديل ارقامها في ضوء الانهيار الاضافي الذي اصاب كل شيء في العام المنصرم. حتى ان الخطوات الموجعة التي كان يطلبها الصندوق، كرفع الدعم عن المحروقات والدواء، اصبحت اليوم امرا واقعا فرض نفسه على اللبنانيين.. فما سبب البطء الرسمي في وضع الخطة التي وعد الرئيس ميقاتي بانجازها خلال 3 اسابيع؟
الخشية كبيرة، تضيف المصادر، من ان تكون الخلافات على الارقام وعلى توزيع الخسائر والجهات التي عليها تكبّدها، بين الدولة والمصارف، عادت لتذرّ بقرنها، بعد ان كانت السبب وراء تعثر مفاوضات الحكومة السابقة مع الصندوق، وهي التي تعطّل التقدم اليوم، حيث ان الفريق الرئاسي وحزب الله يضغطان لتحميل المصارف وبالتالي المودعين، العبء الاكبر، بينما ميقاتي ولجنة المال و”المركزي”، يرفضون هذا التوجّه… فهل عدنا الى مربّع الكباش هذا؟ وهل اللقاءات بين عون وميقاتي هي للتنسيق ام لمحاولة تطويق الاشتباك سريعا قبل ان يطيح الخطة والمفاوضات والانقاذ؟!