كتبت كارولين عاكوم في صحيفة الشرق الأوسط:
يشهد لبنان حركة دبلوماسية لافتة منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتتصدر العناوين الإصلاحية ومن ضمنها الانتخابات النيابية والتحقيقات في انفجار المرفأ، حيث اللقاءات التي تشمل إضافة إلى رئيسي الجمهورية والحكومة والبرلمان الوزراء المعنيين بالقضايا على غرار وزير المال والأشغال والعدل وغيرهم.
وإضافة إلى الحركة المكوكية التي تقوم بها السفيرة الأميركية دوروثي شيا وعدد من السفراء، يقوم حالياً وزير الدولة للشؤون الخارجية الألمانية نيلز انن ومنسق مؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان بجولة على المسؤولين للاطلاع على مسار عمل الحكومة.
وتصف مصادر مواكبة هذه الحركة الدبلوماسية بالطبيعية بعد تشكيل الحكومة، لا سيما أن المجتمع الدولي والدول المهتمة بلبنان كانت تؤكد على ضرورة تأليفها وتنفيذ الإصلاحات. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد تشكيل الحكومة التي تحظى بدعم أوروبي ولا سيما فرنسي وإلى حد ما أميركي من الطبيعي أن نرى هذا التهافت تحت عناوين أساسية هي تطبيق الإصلاحات وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها إضافة إلى الوصول إلى الحقيقة في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت. ويبدي الجميع استعدادهم للتعاون عبر الشركات والمؤسسات لا سيما في المشاريع ومنها إعادة إعمار المرفأ. وتلفت المصادر إلى أن تنفيذ الإصلاحات يعتبر أولوية ومدخلا أساسيا للمساعدات التي وعد بها لبنان مع تأكيدها أن التوجه بالنسبة إلى المساعدات وهو ما تؤكده الوفود مرتبط بالإصلاحات أولاً، بعد فقدان ثقة المجتمع الدولي بلبنان ومطالبته الجانب اللبناني بإظهار حسن نية في هذا الإطار.
وضمن هذه الحركة التقى أمس الوزير الألماني رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكد أن «الحكومة الجديدة سوف تعمل بسرعة من أجل تحقيق البرنامج الإصلاحي لإعادة النهوض الاقتصادي وأن الاتصال تم مع صندوق النقد الدولي لهذه الغاية، بالتزامن مع استمرار التدقيق المالي الجنائي الذي بدأ من الحسابات المالية لمصرف لبنان وسيشمل لاحقاً الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والمجالس والصناديق».
وأكد الرئيس عون «إرادة التغلب على الصعوبات التي تواجه لبنان من الداخل والخارج، وأن تخطيها يتم تدريجياً لاستعادة ثقة المجتمع الدولي ودعمه، وسيتم العمل في هذا المجال وصولاً إلى تحقيق الغاية المنشودة».
وأشار عون إلى أن «الخطة التي أعدها لبنان لإعادة الإعمار تلحظ أيضاً معالجة الفقر وتحقيق الاستقرار النقدي وتفعيل قطاع الكهرباء وإعادة إعمار المرفأ، وصولاً إلى مشاريع إنمائية أخرى على مستوى البلاد واستحداث الحكومة الإلكترونية»، لافتاً إلى أن «أي جهة يمكنها أن تساعد لبنان على تنفيذ هذه المشاريع، هي موضع ترحيب اللبنانيين».
وكان الوزير الألماني نقل في مستهل الاجتماع الذي حضره السفير الألماني أندرياس كيندل والوفد المرافق، وقوف بلاده إلى جانب الشعب اللبناني، مركزاً على «ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات كافة، لا سيما أن ألمانيا باتت ثاني أكبر دولة مانحة للبنان، وهي عازمة على استمرار التعاون لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين».
وقال إن بلاده «قدمت دعماً مباشراً للبنان وستواصل تقديم هذا الدعم، لا سيما بعد تشكيل حكومة جديدة والخطوات المتوقع أن تتخذها في إطار معالجة الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان»، ولفت إلى أن «الانتخابات التي تمت في ألمانيا سوف تنتج عنها حكومة جديدة ستواصل تقديم الدعم اللازم للبنان وستتعاون مع الحكومة اللبنانية لتحقيق ما يساعد على نهوض لبنان واستقراره».
وضمن الجولة التي يقوم بها السفير الفرنسي بيار دوكان في لبنان كان موضوع إعادة إعمار المرفأ ومشاريع أخرى محور بحث بينه وبين وزير الأشغال علي حميه في حضور رئيس القسم الاقتصادي في السفارة الفرنسية فرنسوا دو ريكولفيس ووفد مرافق، وأكد دوكان أنه لم يأت إلى بيروت لأجل فرنسا أو لمصلحتها بل لمساعدة لبنان واللبنانيين.
وتناول الوزير حميه مع الوفد ثلاث قضايا، هي: المرفأ، والمطار والنقل، وقال عن إعادة إعمار مرفأ بيروت: «يجب وضع دراسة مفصلة لواقع حال المرفأ ونظامه الإداري الجديد للتمكن من وضع مشروع قانون يعرض على مجلسي الوزراء والنواب، باعتباره مرفقاً استراتيجياً هاماً كنقطة وصل بين الشرق والغرب كونه المعبر الرئيسي لجذب الاستثمارات ولنمو الاقتصاد اللبناني».
وأثنى السفير دوكان على ما قاله الوزير حميه بشأن ضرورة وجود إدارة جديدة قانونية لمرفأ بيروت، مقترحا عليه «اعتماد النموذج المتوسطي القائم على علاقة المرفأ مع الإدارة المركزية أو النموذج البلطيقي القائم على علاقة المرفأ بالهيئات المحلية ليلتقي الطرفان على النموذج المتوسطي»، مشيراً إلى «أننا بصدد إطلاق مناقصة عالمية مفتوحة قريباً وذلك لتشغيل محطة الحاويات كونها تتمتع بأهمية محورية حيوية في المرفأ».