كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
الخلاف القائم حالياً بين وزارة الطاقة وأصحاب المولدات على خلفية التفاوت في تسعيرة الكيلواط/ساعة، قد ينسحب ويُستنسخ في مرحلة مقبلة ما بين وزارة الطاقة وأصحاب محطات المحروقات للأسباب نفسها. فهم أفرغوا محطاتهم من المازوت وتوقفوا عن بيعه بسبب الغبن اللاحق في التسعيرة، ويطالبون منذ الآن ان تأتي تسعيرة البنزين بالدولار متى حُرّرت أسعاره.
ثلاثة عوامل مجتمعة ستلعب دوراً أساسياً في تحديد سعر صفيحة البنزين في الفترة المقبلة.
أولاً: سعر الدولار الذي سيحدّده مصرف لبنان وسيبيع على أساسه العملة الصعبة للشركات، وهو يعتمد منذ اسبوعين تسعيرة الـ 14 الفاً، التي قفزت بالاسعار من حوالى 126 الفاً (سعر الصرف المعتمد يومها 8000 ليرة) الى 206400 ليرة أخيراً. ومن غير الواضح بعد أي تسعيرة ستُعتمد في الجدول الذي سيصدر اليوم، خصوصاً انّ سعر الدولار المعتمد في منصة صيرفة ارتفع أمس إلى 15500 ليرة، أما سعر الدولار في السوق الموازي فهو في حدود 17500 ليرة. اما في حال قرّر مصرف لبنان الاستمرار بمدّ قطاع المحروقات بالدولارات، فهذا يعني انّه يواصل استنزاف ما يملك من دولارات، اذا كان يستعمل الاحتياطي الإلزامي، او بالضغط على السوق الموازي، اذا كان يشتريها منها. وفي جميع الاحوال هو يراكم الخسائر لأنّه يبيعها بأقل من سعرها الحقيقي، والذي وصل الى 17500 ليرة في السوق الموازي.
ثانياً: الوعود بتحرير اسعار البنزين اعتباراً من شهر تشرين الاول ليلحق بالمازوت، بحيث يصبح على التجار ان يؤمّنوا الدولار «الفريش» لشراء المحروقات من الخارج. وفي هذه الحالة، سيحلّق سعر الدولار في السوق السوداء نظراً لازدياد الطلب عليه إذا وجد. وفي هذا الوضع، يطالب اصحاب محطات المحروقات بأن يصبح سعر صفيحة البنزين بالدولار. وقبل تأمين أي خطط بديلة، مثل البطاقة التمويلية او خطط للنقل العام، فأنّ تداعيات هذا التوجّه ستكون كارثية على المواطنين.
ثالثاً: من سوء طالع اللبنانيين، انّ سعر برميل النفط عالمياً بدأ يسجّل ارتفاعات تصاعدية وصلت الى 81 دولاراً للبرميل، ومن شأن ذلك ايضاً ان ينعكس عوامل ضغط إضافية على سعر الصفيحة، من المتوقع ان تبدأ انعكاساتها بالظهور اعتباراً من اليوم وعلى مدى الاسابيع الاربعة المقبلة، بغض النظر عن العاملين الاولين. لكن بنتيجة هذه العوامل مجتمعة، من الصعب تحديد حجم الزيادة على الأسعار المرتقبة.
الزيادات ستتوالى
وفي متابعة لهذا الموضوع، يؤكّد عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ»الجمهورية»، انّ سعر صفيحة البنزين سيلحظ ارتفاعاً اعتباراً من اليوم، ويمتد اقله الى 4 اسابيع، وذلك نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار من جهة، وارتفاع سعر برميل النفط عالمياً من جهة أخرى، والذي قفز الى 81 دولاراً. وبما انّ هذين العاملين يدخلان في تركيبة الجدول، سيرتفع سعرا المازوت والبنزين على السواء.
وقال: «ما عاد ممكناً التكهن بزيادة الاسعار المرتقبة لأن ليس هناك قاعدة علمية معتمدة في التسعير حالياً، فليس معروفاً بعد اي سعر صرف سيُعتمد للبناء عليه، الّا انّ الاكيد انّ الزيادات لن تقلّ عن 4000 ليرة ومفتوحة قد تصل الى 10 آلاف أو أكثر».
وعمّا اذا كان وزير الطاقة مستمراً في آلية رفع الدعم تدريجياً، قال: «هكذا تبدو الامور حتى الآن. فالظاهر انّ الرفع لن يكون كلياً طالما لم يبدأ العمل بعد بالبطاقة التمويلية، والتوجّه العام للاستمرار برفع الدعم تدريجياً، فهناك شبه استحالة لرفع الدعم اليوم من 14200 ليرة الى 17500 ليرة، لكن من المؤكّد انّ الزيادات على الصفيحة ستتوالى بسبب ارتفاع برميل النفط عالمياً».
وأوضح انّه ما ان يتقرّر اعتماد آلية جديدة لاحتساب سعر الصفيحة، والمقصود هنا تغيير احتساب سعر الدولار، سيرتفع سعرها حكماً، ولا علاقة لذلك مطلقاً بفتح اعتمادات جديدة. اما متى تحرّر الاستيراد كلياً، فسيصبح على التجار تأمين الدولارات من السوق لشراء بواخر البنزين. وفي هذه الحالة يطالب اصحاب محطات المحروقات بأن تصبح التسعيرة بالدولار.
اضاف: «لا يمكن ان نقبل السير بالتسعيرة الرسمية التي ستقدّمها وزارة الطاقة على غرار ما حصل لدى تسعيرها صفيحة الديزل اويل، وهذا ما يفّسر عدم توفر مادة المازوت لدى المحطات. ففي الحقيقة، انّ وزارة الطاقة أصدرت جدولين لتسعيرة المازوت، الاولى حدّدت فيه طن المازوت بـ581 دولاراً، والثانية حدّدت سعر صفيحة المازوت على المحطات بـ183400 ليرة. ففي عملية حسابية صغيرة، انّ كلفة طن المازوت وفق سعر الدولار الموازي (581//17500) تساوي حوالى 10 ملايين و167 الفاً، اذا تمّ تقسيم هذا المبلغ على 50 (عدد الصفائح/طن) يتبين اّن السعر الحقيقي للصفيحة يجب ان يكون 203 آلاف ليرة، من دون احتساب الجعالة ولا كلفة النقل وبقية المصاريف. وعليه، من سيتحمّل هذه الخسارة وهذا الفارق بالأسعار؟ فهل يُعقل انّ الوزارة تحتسب دولار المازوت مثل دولار البنزين المدعوم، مع العلم انّ المازوت غير مدعوم ودولاره يُشترى من السوق الموازي؟».
تابع: «أليس الامر نفسه ما حصل مع اصحاب المولّدات الذين قرّروا على هذا الأساس عدم التزام تسعيرة الوزارة؟ بينما نحن قرّرنا عدم بيع المازوت تجنباً للصدامات والمشاكل على المحطات».
وعن إمكانية تجدّد ازمة المحروقات، قال البراكس: «اذا ما استمر مصرف لبنان باعتماد آلية العمل السابقة، والتي ترتكز خصوصاً على التأخّر في فتح الاعتمادات وتجفيف السوق من المحروقات، فالطوابير عائدة لا محالة. وحالياً شارف المخزون على الانتهاء، بحيث من المتوقع ان يكفي حتى مطلع الاسبوع المقبل. الّا انّ مصرف لبنان لم يفتح بعد اي اعتماد للاستيراد حتى الآن».