كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
يعوم لبنان على أنهار من الماء ولا يستفيد منها لا في تخزينها لأوقات الشحّ والجفاف، ولا في توليد الطاقة (الكهرومائية) لسدّ العجز الحاصل في الطاقة الكهربائية التي يحتاجها لبنان في هذه الأوقات.
قصّة السدود في لبنان أفلام محاصصة وليست مشاريع مبنية على دراسات وأبحاث، والنتيجة كانت سدوداً مثقوبة لم تنفع لجمع نقطة ماء واحدة. ولم تجد الدولة أو وزارات ووزراء الطاقة المتعاقبون، طريقة أفضل من الفيول لتوليد الكهرباء، بينما وضعت كل المصادر البديلة جانباً، حتى صار الصغير والكبير في لبنان يعلم بأن مشاريع المحاصصة السياسية لا يمكن أن تطبّق إلا عبر الفيول والبواخر، ولذلك فكل محاولات المشاريع التي أتت إلى لبنان من جهات ودول مانحة لتأمين الطاقة بغير الفيول كانت تبوء بالفشل. تملك الدولة العديد من المعامل أو محطات التوليد على المياه منها معمل نهر البارد في عكار وهو عبارة عن محطتين جهّزتا بقدرة إنتاجية 17.2 ميغاواط، ولكنه متروكٌ للصدأ.
نشير هنا إلى أنّ شركة كهرباء البارد، شركة خاصة مُنحت امتياز استثمار الطاقة من نهر البارد بتاريخ 17/1/1946 لمدة 75 سنة، انتهى في 17/1/2021، وهي تملك معملاً مائياً بمحطتين على مجرى نهر البارد. بدأت عملها سنة 1954 وتبيع كامل إنتاجها لصالح كهرباء لبنان.
تعاقدت مع مؤسسة كهرباء لبنان بتاريخ 19/8/1953، وحتى نهاية 1978 ثم مع كهرباء قاديشا بين 1/1/1979 ولغاية 30/6/1989 بعقد مصدق بتاريخ 10/4/1979، وعادت وتعاقدت مع كهرباء لبنان بتاريخ 15/6/1991. جرى تلزيم منشآت الشركة لإحدى شركات التشغيل في العام 2008 (باسيل وشركاه) وحتى اليوم، وهي لم تقم بأي عملية تطوير لمنشآت الشركة ولا لقدرتها الإنتاجية. لدى المحطتين 5 توربينات، منها واحد فقط يعمل في إحداها بينما الثانية متوقفة تماماً عن الإنتاج، ولا يعطي هذا التوربين أكثر من 1 ميغاواط بالأغلب؛ يتم وضعها على الشبكة العامة لكهرباء لبنان وتوزيعها على المناطق. أما لجهة ما تحتاجه هاتان المحطتان لتؤمّنا طاقة إنتاجية أكبر أو لأجل الإستفادة من طاقتها الإنتاجية الأساسية، فهو صيانة التوربينات الموجودة أو حتى استبدالها أو زيادة عددها مع توسيع البحيرة الموجودة وتنظيفها بشكل دائم ما يؤدي إلى ضخ أكبر لكميات المياه المخصصة لتوليد الطاقة.
الناشط في عكار جمال خضر والذي عمل مع مجموعة من الناشطين في السابق لتحسين أوضاع المعمل قال: “عندما أنشئ هذا المعمل كان من أهم المعامل في حينه. الشركة المشغّلة لم توسّع ولم تهتمّ ولم تطوّر هذا المعمل، حتى وصلنا إلى مرحلة لا يعمل فيها إلا توربين واحد. يستفيد المعمل من مياه نبع السكر ومن قوة شلال المياه والعلو الكبير الذي يفصل عكار عن الضنية”.
أضاف:”المعمل غير مستغلّ ومهمل رغم إمكانياته الضخمة؛ لا سيما في هذه الظروف التي ارتفعت فيها أسعار الفيول وانقطع التيار الكهربائي عن لبنان، وهو ليس بحاجة إلا إلى صيانة واستصلاح وتطوير بمعدات وتوربينات حديثة ومتطورة”. وشدد على وجوب “محاسبة الشركة التي استغلت المشروع ولم تقم بأي تطوير يلزم، وهي الآن تقوم بالإستفادة غير المشروعة من أموال الناس”.
أكثر من دراسة وضعت من أجل تطوير معمل البارد والإستفادة منه بطاقة إنتاجية أكبر، منها دراسة أجريت قبل سنوات قليلة اعتبرت أن المعمل قادر على تأمين أكثر من 30 ميغاواط طاقة لو جهّز بالبنى التحتية اللازمة وشبكة الطرق المحيطة، ولكن كل ذلك بحاجة إلى حكومة تضع خططاً لتطوير القطاعات الإنتاجية في لبنان وتعمل على تنفيذها خارج دائرة المحاصصة الضيقة.