أشهر قليلة تفصل لبنان عن موعد الانتخابات النيابية المفترض تنظيمها قبل انتهاء ولاية مجلس النواب في 21 أيار 2022. وبعد الأخبار المتداولة عن إمكانية منع مشاركة المغتربين في الاقتراع من الخارج، انطلق التسجيل على المنصة المخصصة لانتخابات غير المقيمين مطلع الجاري.
بالتوازاي، أكّد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي أن “انتخابات المغتربين قائمة وهذا حقّهم وبالمنطق القانوني لا يجب نزعه”.
أما وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب فوصف الحديث عن إلغاء انتخابات المغتربين بـ”الشائعة”، لافتاً إلى أن الإلغاء ليس من اختصاص وزارته، مشدداً على أن “دوره ينطوي فقط على تطبيق القانون، وإذا تغيّر الحالي سنطبق القانون الجديد”، وذلك خلال اجتماع عقده الوزيران نهاية الشهر المنصرم للبحث في موضوع انتخابات المغتربين، وتجهيز لجنة مشتركة بين وزارتي الخارجية والداخلية لمناقشة دقائق تطبيق القانون وتحديد المقاعد واقتراع المغتربين.
في الواقع، يعدّ اقتراع غير المقيمين في بلدهم حق معترف فيه دولياً، والحرية في ممارسته تعتبر الوسيلة الأبرز للتعبير الحر عن إرادة المواطن – المصدر الشرعي للسلطات – بالمشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده.
ورغم المذكور آنفاً، يبقى التخوف من “إقصاء” المغتربين وارد، خصوصاً وأن التعويل عليهم للعب دور أساسي في إحداث التغيير كبير، وهم ينتظرون ذلك يفارغ الصبر، على اعتبار أنهم الأكثر قدرة على التحرّر من هيمنة الأحزاب المرتعبة من أصواتهم والتي تحاول أن تقلص عدد النواب الممكن أن تقترعهم الجالية اللبنانية في العالم إلى 6، للبقاء في دائرة الأمان إذ لا يمكن لهذا العدد من المقاعد أن يحدث فرقاً. فما موقف الاغتراب من التطورات في الملف؟ وهل من خطوات ينفّذونها أو يحضّرون لها للتصدي لأي محاولة تمنعهم من ممارسة حقهم؟
رئيس منصة “Our New Lebanon” فارس وهبي أكد من واشنطن لـ”المركزية”، “أننا نشجّع في الاغتراب جميع اللبنانيين القاطنين خارج بلادهم على التسجيل لممارسة حق الاقتراع. وبالتوازي، نتواصل مع الدول التي نقيم فيها مع الإصرار على ضرورة أن يشرف مجلس إدارة مستقل على الانتخابات وهو ما يسمّى independent election management board بهدف التأكد من أن العملية الانتخابية ستكون نزيهة، لأننا لا نريد أن تُدار من قبل وزارة الداخلية، خصوصاً أن لا يمكن للمواطن أن يسلم رقبته لمن سبق أن سرقه وحجز أمواله وللفاسدين الذي سيقومون بالمستحيل حفاظاً على كراسيهم، إذ لا يأبهون لبناء وطن. كذلك، نسعى إلى تنظيم الجالية اللبنانية حول العالم”.
وشدد على ضرورة أن “يحصل المغتربون على حقوقهم، عبر السماح لهم بالتصويت لـ128 مقعدا نيابيا مثل أي لبناني مقيم آخر، ولطالما جاهرت الطبقة الحاكمة بأن لبنان لم يكن ليصمد ويستمر لولا الاغتراب. إلى ذلك، يجب أن تتم الانتخابات في موعدها وأن تشمل المغترب، وإذا حصلت أي عرقلة تمنحنا الطبقة الحاكمة في هذه الحالة أداة إضافية في يدنا لمحاربتها وخلعها عن مناصب المسؤولية وإدارة البلد”، مؤكداً أن “المغتربين ينقلون حقيقة ما يحصل في لبنان للدول التي يعيشون فيها، فهم يعرفونها أصلاً لكنها تصل من مواطنيها أيضاً. وكوني أملك الجنسيتين الأميركية واللبنانية من حقي كمواطن أن أقوم بما يتوافق ومصحلة البلدين، من دون أي تناقض”.
وعن إمكانية التواصل مع النواب المعبرين عن رغبتهم في أن تشمل الانتخابات المنتشرين، لفت وهبي إلى أن “المغتربين على اتصال مع أهلهم في لبنان الذي يعكسون واقع الأمور، ونتلمس ضرورة وإلحاح إجراء الانتخابات في موعدها، ولا نقف في وجه من يسعى إلى تحقيق ذلك. لكن في النهاية الانتخابات مرحلة من المعركة، ونحن مثابرون لحين بناء الوطن، بحيث تسيطر مجموعة مسلّحة بسلاح غير شرعي ومأمورة من الخارج على لبنان، وهذه مشكلة كبيرة يجب أن نحلّها بالطرق السلمية من دون عنف ودم وقتل. لا يمكن للانتخابات وحدها أن تحقق هذا الهدف، يجب أن يحصل تفاهم وطني بما يتناسب مع مصلحة البلد وشعبه وليس مع رغبة أي جهة خارجية. لذا، علينا تخطي هذه المشكلة بالديمقراطية إلى جانب اقتناع شركائنا في البلد بأن لا يمكن الاستمرار بحمل السلاح غير الشرعي. يجب أن يتم حصره بيد الجيش اللبناني وأن يفرض سيطرته على مختلف الأراضي وعلى الحدود”.
وفي ما خصّ دعم المستقلين أو الثوار في حال ترشح أي منهم للانتخابات أجاب “نحن ندعم الشخص الكفوء والنزيه والذي يحمل برنامجاً ويريد أن يكون لبنان بلداً سيادياً، فمن لا يؤمن بسيادة البلد وسيطرة جيشه عليه والتخلص من الخضوع للنفوذ الخارجي لا يمتلك أحد أبرز المعايير ليحظى بدعمنا…”.
على خطّ آخر وفي ما يتعلق بالجهود المبذولة من ائتلافات مجموعات الضغظ حول العالم بغية إنقاذ لبنان لا سيما من الاحتلال، أشار وهبي إلى “أننا ننسق جهودنا في أميركا وحول العالم مع “الائتلاف المدني اللبناني” للضغط ولتوعية النواب بأنهم يمثلون الناخبين، وهذا لا يحصل بين ليلة وضحاها. تقدمنا أشواطا في الإطار وعلى الأرجح سنرى تغييرات بارزة وأساسية في القريب العاجل، لأن في النهاية من نهب أموالنا معروف وسيلاحقون جميعاً وسيحاكمون على سرقاتهم”.