كتبت ريتا بولس شهوان في “نداء الوطن”:
ليس سهلاً على عائلة، في شارع واحد، أن تفقد سيارة من أمام منزلها وتتعرض سيارتها الأخرى في الشارع نفسه لمحاولة سرقة فاشلة خلال ثلاثة اشهر. هذا الشارع في جونية، قرب مدرسة “القرطباوي” مستهدف منذ سنوات بمعدل سيارة سنوياً ولم يتم رصد لا الشبكة التي تترصد أبناء الحي، ولا إعادة اي من تلك السيارات.
زاد معدل السرقات مؤخراً في كسروان ليصبح اربع سيارات خلال أسبوع في كل منطقة حسب ابناء الاحياء الذين شكوا الأمر لـ”نداء الوطن” مع نفاد صبرهم من الدولة. مشهد الزجاج المتطاير أرضاً على حدّ وصف عبير (اسم مستعار) في جونية دلّ على سرقة سيارة شقيقها الذي اصبح يذهب الى عمله اما بسيارة اجرة او مستعيراً سيارة شقيقته. لا يضاهي الشعور بعدم الأمان الذي يشعر به ابناء هذا الحي والذين اصبحوا يتناوبون على السهر على شرفات المنازل للحفاظ على أمن موقف السيارات مع انتشار هذه المحاولات، الا عدم الحيلة، فتلجأ سامية التي تسكن في البناية نفسها مع عبير الى التصفيق والصراخ عندما رصدت محاولة سرقة اخرى لتُشعر السارق ان هناك من كشفه ورآه حتى وان لم تكن عين الدولة. هذا التصفيق حرّك السارق الذي نجح بكسر الزجاج فقط ولاذ بالهرب وحرّك قوى الأمن في جونية ليسيّروا دورياتهم في الحيّ والمنطقة.
هذه الدوريات لا تؤدي عادة الى نتيجة جدية، بالنسبة إلى عبير والدليل أنهم حاولوا سرقة سيارتها على رغم تسيير الدوريات وهذا إثبات بنظرها على أن السرقات تحصل “على عينك يا تاجر”، وبأن الدولة غائبة والسارقين لا يخافون منها.
وتعود عبير الى حادثة سرقة سيارة شقيقها، فعلى حد تعبيرها ان غياب الدولة اعمق من مجرد دورية بلدية او دورية درك، فعندما تم اكتشاف السرقة هذه رفض المخفر، على حد روايتها، استقبالهم قبل موعد محدد، فانتظروا ساعة ونصف، ومثلها لسحب النشرة القضائية لشقيقها الذي لا يمكن ان يكون مجرماً، وبعد ذلك، طار ملف القضية الى المحكمة العسكرية الأمر الغريب في المسألة والذي تبين لهم، بعد المتابعة انه المكان الخطأ. فعادوا وسعوا بعد مسار طويل الى وضع الملف في طريقه الصحيح فقط للحصول على ورقة بعد مضي ثلاثة اشهر تثبت ان السرقة حدثت ليأخذوا أموالهم بالليرة اللبنانية من شركة التأمين وهي لا تناهز حجم ما دفعوه لشراء السيارة بالدولار. الصادم في هذه القضية، أن أحد سكان طليا (بعلبك) اتصل ليخبرهم انهم وجدوا هوية مالك السيارة مرمية قرب كنيسة، مما يعني ان السارق مرّ من هناك.
هل الثغرة أمنية أم إنها مشكلة اجتماعية؟
ارتفاع نسبة السرقات، مرتبطة بالحاجة المتزايدة بسبب الوضع الاقتصادي هذا ما اكده رئيس الامانة الدائمة لمجلس الامن الداخلي المركزي سابقاً العميد البروفسور فضل ضاهر لـ “نداء الوطن” رابطاً ذلك بانهيار قبضة الأمن وتردي وسائل الردع اذ لو كان هناك احصاء جنائي دقيق ودراسة للمحاضر بمقارنتها لتحديد نمط الجريمة لكل عصابة ومتابعة من كل مركز قوى أمن فيحدد فيه الشوارع المستهدفة وخرائط الحالات المشبوهة يمكن وضع خطة أمنية لمناهضة السرقات. العراقيل التي تمنع مجلس الأمن المركزي، الذي يجتمع نادراً وهو من مسؤولية وزير الداخلية، من وضع هذه الخطط هي النقص في العديد وغياب التخطيط على حد توصيف ضاهر الذي وفق خبرته فيه نصح وجود غرفة عمليات دائمة تشكل خلية ازمة وتضع الخطوط العريضة للخطط الوقائية.
علّقت بعض المصادر الأمنية على ايجاد الهوية على طريق بعلبك، لـ”نداء الوطن” بأنه احتمال كبير ان تكون هذه السيارات تهرّب الى سوريا وهذا الأمر غير متعلق بلبنان وحده فهناك طلب من الخارج لهذه الموجودات وهذه الفرضية أيضاً منتشرة في منطقة كسروان فكلما تسأل أي ضحية سرقة عن مصير سيارته يضحك كإشارة استنكارية منه مردفاً انها في سوريا ولا نفع من المتابعة القانونية. وأكدت مصادر أمنية أخرى ان هناك توقيفاً لعصابات سرقة سيارات والأمر ليس سائباً كما يروّج البعض فهناك احتمال كبير لتوقيفهم واثبت معدل الموقوفين الخطرين على ذلك، حتى مع ارتفاع معدل الجرائم المتعلقة بارتفاع نسب الفقر، نافياً أن تكون المشكلة أمنية واضعاً اياها في سياق الازمة الاجتماعية – الاقتصادية.
لم الأخطاء في النيابات العامة؟
سرقات السيارات لا تؤخذ الى المحكمة العسكرية وهي مسألة مرتبطة بالصلاحية، وفق المحامي الخبير شربل حكيم (كسروان) اذ على حد تحديده المحكمة العسكرية تختص بالقضاء العسكري او سيارة تابعة لرجل أمن وعندما تقدم الشكوى الى النيابة العامة تحوّل الى المخفر بعد نصّ المحضر وتعيين مركز الواقعة، ثم تحال الى مكتب السرقات الدولية. اذاً الإحالات تحصل عبر النيابات العامة والاخطاء ان حصلت تكون عبر النيابة العامة.
هكذا سيتكلّف ضحية الجريمة ليس فقط خسارة رزقه بل أيضاً اتعاب محاماة، كي لا يقع ضحية الفوضى في النيابات العامة والمخافر، هذا ان اراد تحقيق العدالة والوصول الى خيط ما في قضية سرقة علماً ان الأمل في عودة السيارات ضئيل، خصوصاً مع تطور الجريمة فحتى لصوص المنازل، أصبحوا في كسروان يقتحمون غرف النوم، بمفاتيح أصحاب المنازل، وتحت عين الكاميرا التي تصور الخارج والداخل الى البنايات، ولا تعود الى أرشيفها القوى الأمنية على حد رواية إحدى الضحايا التي حصلت على صور سارق منزلها بمفتاحها. فهل يلام المواطن إن لجأ الى الأمن الذاتي لحماية بيته؟