كتب عمر البردان في “اللواء”:
بقدر ما أثارته زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت من التباسات، بالنظر إلى المواقف المثيرة للتساؤلات التي رافقتها، بقدر ما عمقت الانقسامات بين اللبنانيين، بين مؤيد لكلام الضيف الإيراني، وبين معارض وبقوة للسياسة الإيرانية التي تحاول إحكام القبضة على المؤسسات اللبنانية، وانتهاك سيادة البلد بشكل مستمر، وصولاً إلى إدخال صهاريج المحروقات، عبر المعابر غير الشرعية، ودون أدنى تنسيق مع السلطات الرسمية اللبنانية. وإنما كان ذلك عبر «حزب الله» الذي يحكم قبضته على القرار الداخلي، دون أي اعتبار لمؤسسات الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية.
وتشير أوساط معارضة لـ«اللواء»، إلى أن «زيارة عبد اللهيان إلى بيروت ليست محلية، بمعنى أن إيران أرادت أن تقول للمجتمع العربي ولدوائر القرار الخارجية، بأن وزير خارجيتها هو من يحدد النفوذ الإيراني في المنطقة، وأن هذا النفوذ قد وصل إلى البحر الأبيض المتوسط، وبأن لبنان هو جزء لا يتجزأ من النفوذ السياسي الأمني العسكري، وربما أبضاً الاقتصادي والمالي، بعد أن دخلت طهران أسواق الدواء والنفط وغيرها».
وتلفت الأوساط، إلى أن «إيران خاطبت أيضاً المجتمع الدولي من خلال هذه الزيارة، عندما استقبل الوزير الإيراني الفصائل الفلسطينية، للقول أنه ليس فقط أن لبنان هو في الجيب الإيراني، وأيضاً الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي»، مشيرة إلى أنه «يمكن ربط زيارة الوزير الإيراني إلى بيروت، بالتصريح الذي أدلى به مسؤول عسكري إيراني رفيع قبل أيام، عندما قال أن هناك ستة جيوش لإيران خارج الحدود الإيرانية، مؤكدة أنه هذه الزيارة، هي زيارة المالك لملكه، أي أن صاحبها أراد تحديد مجال النفوذ الإيراني في المنطقة، تحضيراً للمفاوضات المرتقبة بين الإيرانيين والأميركيين».
وتشدد الأوساط، على أن «إيران تريد أن تقول أن الجميع في المنطقة يخضع لشروطها، وتروج لمقولة أنها هي التي تمكنت من فك الحصار الأميركي الذي كان مفروضاً على لبنان، وهذا أمر غير صحيح. وبالتالي فإن الهدف من تضخيم الإيرانيين لموضوع الحوار مع المملكة العربية السعودية، أنهم يحاولون القول أن الجميع يريدون محاورتهم، كإحدى نقاط القوة التي يمتلكونها، حسب زعمهم»، في حين أن الصحيح برأي الأوساط، هو أنه «إذا لم تنجح المفاوضات الأميركية الإيرانية المرتقبة، فإن المنطقة ستكون على كف عفريت. والإيرانيون يدركون هذا الموضوع تماماً». وما لفت الانتباه، وأثار الكثير من التساؤلات، هو وجود الأحزاب الشيعية في استقبال وزير الخارجية الإيرانية في المطار، وكأن هذا الوزير يأتي لفريق من اللبنانيين، وليس لجميع اللبنانيين»، كما وأن من الأمور التي استرعت الانتباه، أن بعض وسائل الإعلام ضمن فريق الثامن من آذار، لم يتحدث عن زيارة عبد اللهيان، وهذ أمر يثير الشكوك». وتحدثت الأوساط عن «ثلاثة أمور، تعكس ضعفاً لدى الإيرانيين وحلفائهم، تهديد القاضي طارق البيطار، الاستعراض الإعلامي لباخرة نفط إيرانية أتت إلى لبنان عبر بانياس، إضافة إلى زيارة عبد اللهيان، في استعراض للقوة السياسية الإيرانية في المنطقة، لكنه لا يعبر حقيقة عن هذا الواقع».
وترى الأوساط السياسية، أن «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي كان الوحيد من المسؤولين اللبنانيين الذي تحدث أمام ضيفه الإيراني، من موقع الند للند، محكوم بالعمل على إعادة وصل ما انقطع مع السعودية، وهو يدرك حتى هذا اللحظة أن هذا الموضوع غير متوفر، وقد أراد من بكركي التي تتمتع بموقع صداقة مع المملكة، توجيه رسالة للرياض»، مشيرة إلى أنه «ليس هناك من اهتمام سعودي بلبنان، طالما أن لبنان واللبنانيين لا يقومون بأي مبادرة لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» ، كاشفة أن «حزب الله يدفع الحكومة الجديدة إلى إعادة فتح الاتصالات السياسية مع النظام السوري، من بوابة تعاون البلدين في ما يتصل بتأمين الكهرباء للبنان من الأردن عبر سورية، واستجرار الغاز من مصر. ولذلك فإن الحزب يضغط بهذا الاتجاه، من داخل الحكومة وخارجها»، متوقعة خطوات إضافية على هذا الصعيد.
ولا تستبعد، أن تكون هناك مخاوف جدية من «تطيير» الانتخابات النيابية، لأن «هناك أطرافاً لها مصلحة في ذلك»، مشيرة إلى أن «الخوف من نتائجها، قد يدفع إلى البعض إلى وضع العراقيل أمام إجرائها، حيث أن هناك من بدأ يضع العقبات، من أجل عدم إعطاء الحق للمغتربين بالتصويت في هذا الاستحقاق».