جاء في “أخبار اليوم”:
استغربت مصادر سياسية متابعة أن يلجأ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل إلى اجتزاء خبر من تقرير نشرته جريدة Le Temps السويسرية للتصويب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك في تغريدة اتهم فيها باسيل حاكم المركزي بأنه أخفى جزءًا من تقرير لصندوق النقد الدولي، وبأن الحاكم “طمس الحقيقة عمداً فأضاف جريمة على جريمة”!
وتشرح المصادر لوكالة “أخبار اليوم” أن لجوء باسيل إلى مثل هذه الأساليب يقوّي حاكم مصرف لبنان ولا يضرّه، أولاً لأن من يهاجمه هو جبران باسيل الذي فرضت عليه العقوبات بموجب قانون ماغنتسكي، وثانياً لأن اجتزاء الحقيقة لا يخدم مروّجها. فالصحيفة السويسرية كانت أشارت بوضوح إلى أن صندوق النقد الدولي هو من يُصدر التقرير، وأن حجب أوراق من هذا التقرير تعود سلطة القرار فيه إلى الصندوق وليس اي طرف آخر، وبالتالي محاولة اتهام سلامة بأنه ارتكب جريمة امر باطل، وخصوصاً أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان أكد أكثر من مرة قبيل اندلاع الثورة في لبنان في 17 تشرين الأول 2019 أن الليرة بخير وأن البلد غير مفلس، فهل أن رئيس الجمهورية ارتكب جريمة بمنطق أنه كان يُخفي الحقيقة أو يقبل باسيل بأن يقول إن رئيس الجمهورية لم يكن يعلم بحقيقة الأرقام ولا مستشارين لديه ولا معلومات وبالتالي كان أشبه بـ”شاهد ماشفش حاجة” مالياً واقتصادياً لا سمح الله؟ وهل كانت أرقام الدين العام والعجز المتنامي في الموازنات السنوية إضافة إلى الخلل الكارثي على صعيد الميزان التجاري محجوبة أو مخفية عن رئيس الجمهورية وفريقه السياسي؟
وتلفت المصادر إلى أن صندوق النقد يعتمد أساليب محددة في إصدار تقاريره في كل دول العالم بالتنسيق مع حكومات هذه الدول، وهو يتجنّب “إثارة حال من الهلع” أو التسبّب بصدمات غير مفيدة كما حصل الأسبوع الماضي في تقرير الصندوق حول البرازيل حيث خففت مديرته كريستالينا جورجيفا من مضمون تقرير حول تأثير التغيّر المناخي على اقتصاد البرازيل بعد اعتراض الرئيس البرازيلي على اللغة التي يعتمدها التقرير.
أما في لبنان، وبالعودة إلى العام 2016، وبعد صدور التقرير، فقد نوّه صندوق النقد الدولي بالهندسات المالية التي نفّذها مصرف لبنان والتي حسّنت تصنيف لبنان اقتصاديا، في حين كانت المشكلة تتعلق بعدم اقدام المسؤولين السياسيين على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، التي لو نفذوها لكان وضع لبنان بألف خير، ما يعني أن مسؤولية الانهيار تقع على عاتق الطبقة الحاكمة وليس على عاتق حاكم المركزي. فلو تم تنفيذ الإصلاحات منذ مؤتمرات باريس وصولاً إلى الإصلاحات التي طلبها مؤتمر “سيدر” لما كان وقع الانهيار المالي، ولو تمّ إصلاح قطاع الكهرباء وتعيين الهيئة الناظمة لما كنا وقعنا في الانهيار ووصلنا إلى جهنم، وخصوصاً أن قطاع الكهرباء استنفز أكثر من نصف الدين العام، ولو لم يتعرّض لبنان إلى المقاطعة العربية والخليجية تحديدا على مستوى السياحة والاستثمارات والمساعدات بسبب مشاركة “حزب الله” في حروب المنطقة وفي استعداء السعودية والإمارات وكل دول المنطقة لما كنا وصلنا إلى “جهنم”.
انطلاقاً مما تقدّم تختم المصادر بأن سياسات مصرف لبنان سعت لأن تؤمّن صمود اللبنانيين أطول فترة ممكنة علّ وعسى من بيدهم الحكم والسلطة والقرار في لبنان أن يستفيق ضميرهم ويباشروا بتنفيذ الإصلاحات ووقف السمسرات والزبائنية السياسية والتوظيفات العشوائية التي أرهقت الخزينة وكانت السبب في الانهيار الكبير، فهل من يتّعظ اليوم قبل الغد فيبادر إلى الإصلاح عوض الاستمرار في إلقاء التهم زوراً وبهتاناً على الآخرين بهدف التغطية على ارتكاباته؟