كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:
تعقد لجنة المؤشر بدعوة من وزير العمل ومشاركة ممثلين عن العمال واصحاب العمل، أولى جلساتها بعد غد الخميس، لوضع مؤشر حول تصحيح الأجور، ولو انّها تأتي متأخّرة، وبقدرات مالية محدودة جدّا أو شبه معدومة للدولة والقطاع الخاص، لتحمّل زيادة في رواتب الموظفين.
مع ارتفاع كلفة السلة الغذائية والاستهلاكية الأساسية بنسبة 677%، قبل احتساب ارتفاع اسعار المحروقات، تآكلت رواتب الموظفين ولم تعد تساوي شيئاً، حيث تراجعت قدرتهم الشرائية بنسبة 92%. اما مع ارتفاع اسعار البنزين والمازوت والغاز المنزلي واحتسابها على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، فإنّ أسعار المنتجات والمواد الاستهلاكية سترتفع بنسبة 25% اضافية، في حين اصبح الحدّ الأدنى للإجور يعادل صفيحتي بنزين. فمن هو الموظف القادر اليوم على تأمين دوام عمل كامل يومياً، براتب ما زال محتسباً على سعر الصرف الرسمي عند 1500 ليرة، خصوصاً انّ كلفة الانتقال بالسيارات الخاصة والعمومية، ارتفعت بشكل قياسي، لتبلغ كلفة الكلم الواحد نحو 1,927 ليرة لبنانية. وبحسب دراسة للدولية للمعلومات، أصبحت كلفة الرحلة ذهاباً وإياباً، بيروت – طرابلس: 308 آلاف ليرة، بيروت – جونية: 95 ألف ليرة، بيروت – صيدا: 173 ألف ليرة، بيروت – زحلة: 196 ألف ليرة، بيروت – بعلبك: 308 آلاف ليرة. فأي وظيفة تخوّل صاحبها تحمّل حوالى 7 ملايين و500 الف ليرة كلفة للتنقّل الى العمل شهرياً؟
ولا تشمل أبواب الإنفاق المذكورة آنفاً، كافة تكاليف الحياة. فهناك أيضاً التعليم الذي ارتفعت كلفته في المدارس الخاصة، بالحدّ الأدنى 30 في المئة، تكاليف السكن التي ارتفعت ايضاً، ولو بشكل غير قانوني، علماً انّ تصحيح الاجور يعني تلقائياً رفع بدلات الإيجار بنصف النسبة التي ستتمّ فيها زيادة الاجور، بالإضافة الى الطبابة والكهرباء وغيرها…
وبالتالي، إذا أرادت لجنة المؤشر ان تحتسب الزيادة التي طرأت على كل أبواب الإنفاق المحتسبة ضمن تكاليف الحياة، فإنّها يجب ان تتخذ قراراً بتصحيح الأجور بنسبة 600% ليصل الحدّ الادنى الى حوالى 5 ملايين ليرة. لكنّ الدولة غير قادرة على تحمّل هذا التصحيح، والقطاع الخاص عاجز بنسبة 80% عن منح زيادات على الأجور والرواتب الشهرية، بدليل انّ بدل النقل الذي تمّ رفعه الى 24 الف ليرة يومياً، لم تطبّقه بعض مؤسسات القطاع الخاص.
ما هي الطروحات العملية القابلة للتطبيق؟
وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ معدل التضخم في العام 2020، حوالى 84%، وفي الاشهر الثمانية الاولى من العام 2021، حوالى 138 %، اي انّ معدل التضخّم الاجمالي يبلغ حوالى 220 %. وستنطلق لجنة المؤشر، حسبما اكّد مصدر مشارك في الاجتماع لـ»الجمهورية»، من هذا الرقم، حيث انّ أي زيادة للاجور يجب ان تعادل هذه النسبة، «إلّا انّه من المعلوم انّ هناك استحالة لدى الدولة او القطاع الخاص، في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية، رفع الاجور بهذه النسبة، خصوصاً انّ تداعياتها تطال الإيجارات أيضاً وترفع كلفتها بنسبة 110 في المئة (في حال اعتماد معدل التضخم 220 في المئة لزيادة الاجور). مما سيؤدّي بالتالي الى إعطاء زيادة في الاجور وانتفائها مع ارتفاع بدلات الإيجار. كذلك تؤثر زيادة الاجور على تعويضات نهاية الخدمة التي يجب أخذها في الاعتبار من ناحية تأثير ارتفاع حجمها على نسبة التضخم. علماً انّ رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين تبلغ 12 الف مليار ليرة سنوياً».
وأشار المصدر الى انّ المشكلة الرئيسية التي ستواجهها لجنة المؤشر هي عدم الاستقرار بالاسعار نتيجة تلاعب سعر صرف الدولار، وبالتالي أي زيادة في الاجور لن تكون مستقرّة، «لذلك سنقترح منح راتب شهر اضافي كلّ 3 اشهر، اي 16 راتباً في السنة بدل 12 راتباً، على غرار موظفي المصارف، الى حين تبلور الرؤية الاقتصادية للحكومة، وبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي والاتفاق على خطة واضحة وشاملة للإصلاح». وتوقع ان يتمّ التوصل في لجنة المؤشر بين أرباب العمل والعمال على زيادة متوسطة لرفع الاجور بنسبة تتراوح بين 20 و25%، بالإضافة الى حوافز اخرى على غرار رفع بدل النقل، كتأمين النقل العام المشترك، تأمين الكهرباء، المنح المدرسية، والبطاقة التمويلية.