Site icon IMLebanon

جورج الراسي: لن أهاجر حتّى ولو اضطررت أن أعمل بائع علكة!

كتب جورج بوعبدو في “نداء الوطن”:

وُلِد في عائلة فنّية. والده الذي طالما شجّعه على تحقيق شغفه عازف عود وأمّه لم تبخل عليه بدعم مشابه ما سهّل عليه رحلة تحسين قدراته الصوتية والفنية. كان في السادسة عشرة حين أحيا حفلات فنية مع نادي “أوبسيون”، وكانت تلك أولى فرصه للقاء الجمهور. كانت بدايته صعبة للغاية وبدأ رحلته الفعلية مع الفنّ مع الملحّن الكبير محمد جمال عنبر فحقّقت أغنيته “لا تسألني كيف بغار” نجاحاً كبيراً على المستوى العربي وأنتجت شركة “البيت الأصفر” أول ألبوم له بتمويل من الشيخ أحمد بن نشأت العنان. التقى في العام 1995 بالملحن الذائع الصيت سمير قبطي الذي اقتنع به فأصبح منتجه الخاصّ. وكانت أغنية “مين يا حبيبي مين” أول ثمرة لهذا التعاون. تدرّب لاحقاً على يد الموسيقار الكبير شاكر الموجي طارحاً معه ألبوم “حكاية” الذي ضمّ أغلبية من ألحانه. “نداء الوطن” التقت الفنان جورج الراسي في هذا اللقاء المشوّق.
اين جورج الراسي اليوم. ولماذا لا نسمع عن أغنيات جديدة لك؟

كنت بصدد إطلاق عمل جديد ولكن جائحة كورونا حالت دون ذلك. الجائحة قلبت الدنيا رأساً على عقب فتوقف سوق العمل وخصوصاً بالنسبة الى الاعمال الفنية التي لا تحتل الاولوية في حياة الناس في اللحظات الحرجة. وهكذا ألغيت كل الخطط والمشاريع: لا حفلات ولا سهرات؛ وأتى إنفجار الرابع من آب ليزيد الطين بلّة فشلّ الحركة نهائياً بشكل مأسوي.

ماذا يعني أن تكون أخ الفنانة نادين الراسي وهل يساعدك هذا الامر على الساحة الفنية؟

نادين الراسي فنانة رائعة. هي شقيقتي وحبيبة قلبي ووجودها القوي على الساحة يجعل اسمي دائم الحضور فنياً طبعاً وانا لا أنكر ذلك وأتمنى لها دوام التوفيق والتألق.

سطع نجمك في أغنيات وضعتك على خارطة الساحة الفنية. أي منها الاقرب الى قلبك؟

مررت بمحطات غنائية ثبّتت وجودي فنياً. كان أوّلها “سهر الليل”، “جاي تعتذر” و”إنت الحب”؛ وبعض الأغنيات التي جددتها “ميتا أشوفك”، “لكتب عوراق الشجر” و”رمش عينو” وصولاً الى “إنت الوجود”، “بحبك لحدود الإدمان”، و”خليها في بالك” الأغنية التي أطلقتها تزامناً مع بداية جائحة كورونا للأسف. كل الاغاني التي غنيتها قريبة الى قلبي واديتها بحب شديد.

من ينافسك على الساحة الفنية؟

الفن الذي يقدّم اليوم بعيد تماماً عما أقدّمه انا شخصياً ومن هذا المنطلق أنا بعيد كلياً عن جو المنافسة؛ فأنا أنتمي الى مدرسة الفنان جورج وسّوف وهذا شرف كبير لي.

هل أنت على تواصل معه؟ أخبرنا قليلاً عن علاقتك به.

جورج وسّوف صديق وأخ ولكن الظروف الحالية من كورونا وما الى ذلك تحول دون اللقاء. هذا لا يمنع انني اشتقت إليه كثيراً وأتمنى له دوام الصحّة والعافية وأنتظر منه أعمالاً جديدة لأنه “معلمنا” الكبير.

هل تؤيد نظرية الفنان الراحل ملحم بركات بضرورة غناء اللبنانيين بلهجتهم فقط؟

أنا أويد هذه النظرية نوعاً ما لأنه من الأفضل للفنان اللبناني أن ينطلق من لهجته الأم وهذا ما حصل معي. إنطلقت بأغانٍ لبنانية بعدها غنّيت باللهجتين المصرية والخليجيّة. جميل أن يتقن الفنان لهجات أخرى فهذا يعطيه فرصاً للوصول الى جمهور أوسع وبالانفتاح على الدول العربية كافة. بالتالي أفضل ان ينطلق من اللهجة اللبنانية ومن غير الضروري ان يحصر نفسه كفنان بها.

كيف أثر فيك انفجار مرفأ بيروت وهل تؤيد المطالبة بإسقاط الحصانات؟

أسقط انفجار الرابع من آب بلداً بكامله شعباً وكرامةً. أصبحنا أضحوكة أمام الدول الأخرى فلا تحقيق شفاف ولا رفع للحصانات وهذا شيء معيب جداً وطبعاً أطالب بإسقاطها لتحقيق العدالة فدم الضحايا لا يجب ان يهدر سدى.

لماذا لا نراك في أعمال تلفزيونية؟

صورت فيلماً سينمائياً مع صديقي الفنان آدم حمل عنوان “عصابة فنانين” ونحن بإنتظار إنتهاء جائحة كورونا عالمياً لإطلاقه. لست بعيداً اذاً عن عالم السينما والتلفزيون.

ماذا تشاهد على شاشات التلفزة؟

لا أملك وقتاً كافياً لمشاهدة التلفاز. أخرج في الصباح الباكر لاتابع أعمالي، وهذا ينسيني الوضع السيئ الذي نعيشه.

هل تحضّر لأعمال جديدة؟

أحضّر لعمل أتمنى أن يبصر النور قريباً. لدي مشاريع أخرى بعيدة عن عالم الفن في القاهرة منها افتتاح محل تجاري. لا أريد التركيز على الفن فقط لأنه لا يكفي وحده لتحقيق حياة كريمة. لدي أعمال أخرى تدرّ علي بالمال وهكذا يمكنني أن أعيش بكرامة وأحافظ على عائلتي. ما المانع في أن تكون فناناً ناجحاً ورجل أعمال متألقاً في الوقت عينه؟

أما زلت مؤمناً بلبنان او تعاني الاحباط اسوة بفنانين آخرين؟

لا اخفي عليك سراً ان قلت لك بأن إيماني بوطني بات ضعيفاً خصوصاً بعد تداعيات 4 آب وطريقة تعامل السياسيين مع كافة المشاكل وهذا أمر خطير للغاية. انهم يدفعوننا الى اليأس وللمنظومة الحاكمة أقول: ماذا فعلتم بأرض القديسين وباريس الشرق؟

هل تفكّـــر بالهجــرة والإقامــــة فــــي مكان آخر؟

أبداً! فهنا جذوري وأرضي. هنا تربيت وتعلّمت وزرعت وضحّيت. لا يمكنني الرحيل هكذا. حتّى ولو اضطررت أن أعمل بائع علكة على الطريق أو بائع بوظة في دكّان أو أن أحمل برّاد المرطبات على الشاطئ.

على الفنان أن يكون ذكياً وأن يعمل لآخرته وليس عليه أن يتّكل على الفن وحده؛ أو يلوم الدولة لعدم مساعدته في الاستشفاء أو إعالته في آخرته. نحن في بلد لا يقدّم خدمات لأحد لذلك علينا أن نعمل في قطاعات أخرى لنؤمن مستقبلنا وآخرتنا. علينا ان نتعامل مع واقعنا بذكاء كي نسلم من الأزمات غير المرتقبة.

عاطفياً هل عادت الامور الى نصابها مع؟.

الجميع يعلم عن تجربتي العاطفية التي باءت بالفشل. ولكن زوجتي السابقة جويل هي والدة إبني جو، وأنا بالتالي أحبها وأحترمها؛ وعلاقتي مع أهلها جيدة. وموضوع الخلافات بيننا أصبح من الماضي، ونحن نصبّ اهتمامنا الآن على جو ليكبر ويتعلّم لأنه أغلى ما نملك.

وليس من الخطأ طبعاً التفكير بخطوة عاطفية أخرى، ولكن الوضع الحالي ككل لا يسمح بذلك. لا يمكنك أن تأتي بابنة الناس لتبهدلها. ولا يمكنني أن أحرم إبني او افرض عليه واقعاً مزعجاً وبالتالي على الخطوة أن تكون مدروسة كي لا أخسر وأقع في المشاكل من جديد فالتجربة السابقة لم تكن جيّدة. هذا لا ينفي أنني أسعى الى الاستقرار ولبناء عائلة ربما بعد سنة أو سنتين لأن الاستقرار العائلي يغيّر من رؤيتك المستقبلية للأمور. وأتمنى للجميع أن يحظوا بعائلة جيّدة، والأولاد أغلى شيء في الدنيا.

كيف عشت تجربة كورونا؟

أصبت بالكورونا من دون علمي، ولأنني أمارس التمارين الرياضية دائماً لم ألحظ أية عوارض. ولكنني تأثرت بإصابة إبني بها والحمد لله هو بصحة جيّدة الآن.

ما هي أولويتك في الحياة اليوم؟

ابني في اعلى سلم اولوياتي، ثم الرياضة الجسدية أما الفن فهو في المرتبة الثالثة. الفن يأخذ من وقتي الكثير في حين أنه لا يعطيني الكثير في المقابل؛ خاصة في الظروف العصيبة هذه، فلا تأمين ولا ضمانات ولا أحد يهتم بالفنان. وعدد كبير من الفنانين سجين منزله ولا يجد عملاً. فعلاً لا أدري كيف نعيش ربما عن طريق الخطأ ولكننا نحمد الله على كل شيء.

ماذا تقول للبنانيين؟

أقول لكل فرد لبناني أن يتّكل على نفسه وألاّ ينتظر شيئاً من الدولة لأن لبنان هكذا منذ بدء التكوين ولن يتغيّر، ينشط لعشرة أعوام وينتكس لعشرين. نحن شعب عظيم نملك ذكاء حاداً ولكننا عاجزون عن التحكم بنفسنا وادارة شؤوننا. وطالما لا نملك نظاماً يوجّهنا، نعرف من خلاله ما هي حقوقنا وواجباتنا، وطالما نستمر في تغليب المصلحة الشخصيّة على مصلحة الوطن لن نبني بلداً وعلى الدنيا السلام.