شرطان لا ثالث لهما وضعهما الثنائي الشيعي للعودة إلى مجلس الوزراء: إقالة المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، أو إقناعه بالتنحي عن القضية، وبالتالي تحويل السلطة التنفيذية إلى مجلس تصريف أعمال.
توازيا، ذكرت معلومات عن التحضير لطبخة تسويات تقضي إما بإقناع البيطار بالتنحي بنفسه عن القضية في الأيام المقبلة، أو التوصل إلى تسوية قانونية تقضي باستمراره في التحقيقات ولكن من دون التحقيق مع الوزراء والنواب إنما فقط مع الموظفين، أو أن يعمل حزب الله قضائيا عبر مجموعة من القضاة إلى اتخاذ قرارات تتناقض مع قرار البيطار وبالتالي يبقى محققا عدليا في ملف جريمة تفجير المرفأ من دون أن يكون لقراراته القضائية أي تأثير. أي معادلة تسبق في ظل تهديدات حزب الله المتواصلة على خلفية إشتباكات الطيونة؟
وحدها معادلة إعلان القاضي البيطار تنحيه عن متابعة التحقيق في ملف المرفأ قد تسبق وتحدث صدمة على رغم نفيها إعلاميا. وفي هذا الإطار تشير مصادر مقربة ل”المركزية”، أنها “فهمت من أصدقاء مشتركين أن القاضي البيطار أعلن انه لن “يتحول إلى “طنسا” الجمهورية اللبنانية. وهو في غنى عن ذلك”. فهل يعني ذلك انه اتخذ قرارا بالتنحي تزامنا مع بدء الدورة العادية للمجلس النيابي في 19 تشرين الأول وعليه لا يعود يحق له استدعاء أي من النواب والوزراء السابقين إلى التحقيق بحجة الحصانات؟ وما هو مصير مذكرات التوقيف التي أصدرها بحق الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل بعد تمنعهما عن المثول أمامه بموجب المواعيد والتي تصبح غير قائمة قانونا بعد عودة المجلس النيابي إلى الإنعقاد في دورته العادية؟
الأستاذ في القانون الدستوري الإداري البروفسور أمين عاطف صليبا أوضح ل”المركزية” المسار القانوني للمذكرة التي تصدر عن المحقق العدلي على الشكل التالي:” عندما يقرر المحقق العدلي اصدار مذكرة توقيف غيابية بحق المدعى عليه تنظم على 5 نسخ، وتودع النيابة العامة التنفيذية للتنفيذ، وتعممها على الضابطة العدلية المعنية من أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة ،وتُرسل نسخة منها الى الفصيلة الاقليمية حيث هو عنوان المطلوب توقيفه.
ويضيف: “بعد إحالة نسخة من المذكرة إلى الضابطة العدلية تعمل على إحالتها إلى الأمن العام ليصار إلى تعميم إسم المدعى عليه على المعابر الجوية والبرية والجوية لمنع خروجه من البلاد ولفت إلى أن “لا يمكن لأحد وقف تنفيذ المذكرة إلا المحقق العدلي. وهي لا تدخل في صلاحيات وزير الداخلية . جل ما في الأمر أنه يمكن أن يطلب من القطع “تجميدها ” أو التريث فتبقى في أدراج الفصيلة الإقليمية”.
ما حصل داخل مجلس الوزراء لحظة توجيه وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى تهديدا غير مباشر إلى وزير الداخلية القاضي بسام مولوي شكل سابقة في تاريخ السلطة التنفيذية لكنه اقتصر على مشهدية النيل من هيبة الدولة فحسب. فهل تجوز التضحية بهيبة القضاء والأصول الدستورية كرمال عين نائب أو وزير محسوب على الثنائي الشيعي؟ يلفت صليبا إلى أن “لا مفاعيل قانونية للسجال الذي حصل بين الوزيرين المرتضى ومولوي في مجلس الوزراء واعتبر أن “طلب الوزير المرتضى من زميله المولوي عدم تنفيذ طلب مذكرة البيطار مخالفا للدستور لأنه طرح موضوعا من خارج جدول مجلس الوزراء”.
السؤال الذي يطرح أين تقف مذكرات التوقيف التي اصدرها القاضي البيطار اليوم وفي أية أدراج “تنام”؟ . يجيب البروفسور صليبا بسؤال ” هل خرجت المذكرة من النيابة العامة التمييزية وتم إيداعها المرجع المختص للتنفيذ؟ وطالما لم يصدر أي شيء عن الضابطة العدلية حتى اللحظة فهذا يعني أن المذكرة لا تزال في الأدراج. ربما في النيابة العامة التمييزية أو الفصيلة العامة أو القطعة الأمنية…أيا تكن موجودة اليوم أن النتيجة واحدة ، ذبح مفهوم العدالة وهيبتها إذ لا يحق لأحد وقف تنفيذ المذكرة إلا إذا كانت الحجة تفادي الإخلال بالأمن العام”. وفي السياق يوضح صليبا أن هناك اجتهادا إداريا صادرا عن مجلس الدولة الفرنسية عندما كانت تحتل الجزائر ويسمح بتجميد تنفيذ أي قرار صادر عن المحاكم بموجب عدم الإخلال بالأمن وذلك على خلفية طلب إحدى المحاكم الفرنسية حينذاك إخلاء مزارع في الجزائر، فتمنعت الضابطة العدلية عن تنفيذه تحت هذه الحجة وعند مراجعة مجلس الدولة اصدر حكما قضى باعطاء السلطة حق عدم التنفيذ حفاظا على السلم الاهلي.
كل هذا يحصل والقاضي البيطار لا يزال محققا عدليا في ملف تفجير المرفأ. ماذا لو تزامنت عودة انعقاد المجلس النيابي في دورته العادية في 19 الجاري مع خبر تنحي القاضي البيطار؟ يوضح البروفسور صليبا”عندها يطرح وزير العدل إسم قاضٍ على مجلس القضاء الأعلى وفي حال الموافقة، يصدر مرسوم بتعيينه محققا عدليا في ملف تفجير المرفأ ويتابع المحقق العدلي التحقيقات من حيث توقف السلف”.
ولا يخفي صليبا خشيته من ان تخلق هذه المسالة خللا ما في مسار الملف “إذ يمكن للمحقق العدلي الجديد أن يتخذ قرارا بالعودة إلى المادة 70/71 فيحيل الملف إلى المجلس النيابي ليصار إلى مثول الوزراء السابقين أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وقد يكون المخرج الوحيد وفقا للقانون رقم 13 1990 الذي يحدد اصول المحاكمة امام هذا المجلس لكنه يثبت تدخل السياسة في عمل القضاء” .