برهن “حزب الله” مجدداً أن سلاحه هو للاستخدام الداخلي، ووجّهه إلى اللبنانيين في عين الرمانة وفرن الشباك وبدارو والطيونة، بعد أن كان استعمله مؤخراً في خلدة وشويّا وقبلها في بيروت والجبل، تماماً كما استعمله لضرب الشعوب العربية في سوريا والعراق واليمن، في حين أن هذا السلاح يؤمّن حراسة الحدود جنوباً لإراحة الإسرائيليين!
ما حدث الخميس الماضي لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة تهديدات مستمرة منذ أشهر على خلفية التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت، وكان نصرالله بدأها بتهديد القاضي فادي صوان ومن ثم انتقل إلى تهديد خلفه في التحقيق العدلي في الجريمة القاضي طارق البيطار.
ليست “القوات اللبنانية” من هددت السلم الأهلي في حال لم تتم تنحية القاضي البيطار بل السيد حسن نصرالله، وليس أي مسؤول في “القوات” من توعّد اللبنانيين بأنهم “سيرون ما لم يشاهدوه من قبل الخميس” بل الوزير محمد مرتضى متحدثاً بلسان السيد نصرالله والرئيس نبيه بري على طاولة مجلس الوزراء الثلثاء الماضي، وبالفعل استعاد اللبنانيون مشاهد الحرب الأهلية بإنزال مئات المسلحين إلى الشوارع واستعمال آلاف الطلقات النارية إضافة إلى القذائف الصاروخية وإعادة رسم “خطوط التماس” القديمة بعدما فشل المهاجمون في اقتحام الأحياء السكنية!
ومنذ الخميس وحتى اليوم لم يتوقف مسؤولو الثنائي الشيعي عن تهديد اللبنانيين رغم انفضاح مخططهم بكل الأفلام التي فاضت بها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت بما لا يقبل أي شك مخططاتهم الخطرة تحت عنوان: إذا أراد اللبنانيون معرفة الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ فإن الحزب سيأخذ البلد إلى حرب أهلية لمحاولة طمس حقيقة الجريمة بجريمة أبشع وأسوأ!
يرفض “حزب الله” كل أنواع التحقيق في الجرائم التي يرتكبها، أكان تحقيقاً دولياً كما في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وكل جرائم اغتيال قادة 14 آذار، كما رفض ويرفض أيضاً أي تحقيق دولي في جريمة المرفأ، ويصرّ على عرقلة أي تحقيق محلي ما لم يخدم مبتغاه ويضلّل التحقيق.
وأضاف “حزب الله” إلى “انجازاته” في اتهام “القوات اللبنانية” والتحريض ضدها كما في التحريض أولاً وأساساً ضد القاضي البيطار، معزوفة اتهام الجيش اللبناني الذي كان يقوم بأبسط واجباته في حفظ الأمن ومنع الاعتداءات على المدنيين وتخريب ممتلكاتهم، بعد أن كان استبق الموضوع بالتهديد بما سمّاه “استئصال الأميركيين” من الدولة اللبنانية وأجهزتها وإداراتها، في تلويح واضح ضد الجيش اللبناني وقيادته.
وقبل انتظار أي تحقيق، ولأنه يدرك الحقيقة جيداً وتفاصيل ما حدث في ذاك الخميس المشؤوم، عمد ويعمد الحزب عبر أرفع قياداته ومسؤوليه، باستعمال أسوأ حملات التحريض والتخوين ضد كل من يخالفه الرأي وضد كل من لم يرضخ له، ظناً منه أنه يستطيع إخضاع معارضيه بالتهويل كما في فرض مشيئته المسبقة على التحقيق والقضاء والجيش وعلى مجلس الوزراء.
نعم، أنا كلبنانية أرفض سلاح الحزب وأي سلاح غير شرعي خارج مؤسسات الدولة اللبنانية وأشعر أنني مهددة اليوم أكثر من أي يوم مضى. أنا كما جميع اللبنانيين نحتاج إلى حماية حقيقية من الدولة اللبنانية ومن المجتمع الدولي في مواجهة بطش فريق مسلّح يأتمر بأوامر إيرانية ويظن أنه يستطيع احتلال البلد وفرض إرادته على اللبنانيين.
نعم أنا كلبنانية أطالب اليوم أكثر من أي يوم مضى بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وفي طليعتها القرارات 1559 و1680 و1701 للانتهاء من كل الأسلحة الميليشيوية غير الشرعية، لأن “حزب الله” بممارساته العنفية يدفعني إلى المطالبة بـ”الطلاق الكامل” في حال أصرّ على الإطاحة بالدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية الشرعية وقضائها لمحاولة فرض هيمنته وإرادته علينا.
لم نستسلم يوماً… ولن نستسلم اليوم مهما بلغت التحديات والتهديدات… فهل من يتّعظ قبل فوات الأوان؟!