كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
أطفأت انتفاضة «17 تشرين» شمعتها الثانية أمس، بزخم اقل من السنة الأولى، تبعا للظروف والأزمات السياسية والأمنية والصحية التي مر، ويمر بها لبنان، لكنها هددت مرابع السياسيين واقتحمت مضارب الأحزاب وفرضت على رجال السلطة والأحزاب السياسية، الإقامة الجبرية في بيوتهم الزجاجية المحروسة، بعدما حرم عليهم وطأة الأماكن العامة، من المنتديات إلى المقاهي والمطاعم. هذه الانتفاضة ثورت الشعب اللبناني، وكشفت العورات السياسية والاقتصادية وعطلت الحياة العامة في مجالات كثيرة، لكنها أينعت في صناديق الاقتراع النقابية والجامعية، ما جعل السلطة القائمة تتهيب إجراء انتخابات تشريعية.
واختصر الاحتفال بذكرى الانتفاضة، التي وصفها رئيس «التيار الحر» جبران باسيل بـ«العميلة»، على التجمع في ساحة الشهداء والانطلاق إلى موقع تمثال المغتربين حيث أضاءوا الشعلة مجددا.
تقلص مساحة الحراك الثوري، مردود إلى الانهاك الاقتصادي والمعيشي، الذي عاناه اللبنانيون هذا السنة، وإلى تأزم حركة النقل والتواصل بفعل الثورة المضادة من جانب الدولار على بقايا القدرة الشرائية لليرة اللبنانية، إضافة إلى صمم المنظومة الحاكمة حيال ما يجري، مع وصول حكومة نجيب ميقاتي إلى طريق شبه مسدود، وسط الأضداد الذين جمعتهم ضمن جدران المحاصصة الضيقة، بأمل أن تخرج من العوسج ثمرا، ولكن عبثا، ذهبت جهود رئيس الحكومة «المهندس» المتخصص بتدوير الزوايا، لأن إرث تفجير المرفأ كان لانطلاقة حكومته بالمرصاد، ثم جاءت عاصفة الطيونة الدامية، لتحشرها في زاوية العجز تجاه القوى السياسية، المتحكمة بمسارها.
وآخر مشاهد العجز، تعذر عقد اجتماع لمجلس الوزراء، قبل تلبية شروط «حزب الله»، ومعه «أمل» بإقالة المحقق العدلي طارق البيطار، وتوقيف من تعتبرهم «أمل» والحزب متورطين في أحداث الطيونة!.
وثمة مهلة محددة، بيوم غد الثلثاء، فإما تلبية هذه الشروط، وإما لا مجلس وزراء، وربما لا حكومة!. في هذه الأثناء، وحول الاتفاق على أن يجتمع مجلس القضاء الأعلى مع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يوم الثلثاء للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق وصولا لتحييد الرؤساء والوزراء المطلوبين إليه، استغربت مصادر قضائية اجتماع مجلس القضاء الأعلى، الذي هو في الوقت نفسه، رئيس المجلس العدلي، مع المحقق العدلي قبل أن يصدر قراره الاتهامي في المسألة.
والاستغراب يتناول قبول رئيس المجلس سهيل عبود ما طلبته السلطة السياسية، والكلام العالي النبرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ضد المحقق، وبما سرب عن مهلة أعطاها رئيس المجلس نبيه بري للحكومة تنتهي غدا.
فمن الناحية القانونية ليس بوسع مجلس القضاء مناقشة قاض في ملف مازال بين يديه، والأرجح أنه سيكون اجتماع رفع عتب لأنه لا وزير العدل ولا رئيس القضاء الأعلى يمكن أن يرتكبا مثل هذه المخالفة.
ويفترض أن يستأنف البيطار تحقيقاته في ضوء المستجدات القضائية، ومنها توقف مفاعيل الاستدعاءات الموجهة إلى النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر، مع استعادتهما الحصانة النيابية، ويبقى موعد استجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب في 24 الجاري قائما، وتبقى مذكرتا التوقيف الصادرتان بحق كل من النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس نافذتين.
وفي هذا السياق، نظم اعتصام أمام منزل وزير الداخلية بسام المولوي في طرابلس لمطالبته بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحقق العدلي البيطار.
بالمقابل، واصل ثنائي «حزب الله» – «أمل» حملتهما الشعواء ضد رئيس «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع ضمن إطار ما يراه القواتيون سعيا من هذا الثنائي لإلباس القوات اللبنانية مسؤولية القنص على المتظاهرين فيما لم يصدر عن الجيش والقضاء ما يشير إلى ذلك حتى الآن.
رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد هاجم في خطاب منه من وصفهم بالعنصريين المتصهينين الطالعين من صدف الأرجوان.
وقال ان حزب الله عقد تفاهم مع اكبر مكون مسيحي في البلد لنحفظ السلم الأهلي ولنقطع الطريق على من زرع قناصته على السطوح، وخلص إلى القول: دم أهلنا ليس حبرا.
وينتظر أن يكون خطاب الأمين العام للسيد حسن نصرالله مساء اليوم الاثنين أشد على القوات ورئيسها مع الملاحظة أن «ضحايا الطيونة» هم من حركة أمل.
الشيخ محمد علي الجوزي مفتي جبل لبنان للسنة والجماعة عاكس هذه الحملة واعتبر ان ما حصل في الطيونة وعين الرمانة انتفاضة ضد الهمجية التي ظهرت في مظاهرة تحد للشعب اللبناني كله وليس المسيحيين وحدهم.
وانضم رئيس التيار الحر جبران باسيل إلى الثنائي أمل وحزب الله في الهجوم على القوات ورئيسها ودعا اللبنانيين إلى الاختيار بين مشهد مار مخايل (تفاهم مار مخايل بين الحزب والتيار) ومشهد الطيونة. ورد النائب علي حسن خليل على باسيل من دون أن يسميه بقوله: تصحيحا للزعيم المستجد نقول: ان نواب الأمة يحميهم الدستور الذي هو الحامي أيضا لرأس الدولة والمسؤول الأول العارف بجريمة المرفأ ليخبر اللبنانيين عن موقفه في المجلس الأعلى للدفاع، وأضاف: الفاسد هو الذي لا يوافق على رفع الحصانات عن الجميع من رأس الدولة إلى أصغر موظف.