جمال نازي – “العربية”:
يصاب الكثيرون بزيادة في وزن الجسم في مرحلة منتصف العمر، وتحدث بشكل تدريجي غير محسوس نوعًا. وبالطبع يلجأ البعض إلى اتباع نظام غذائي صارم أو ممارسة الرياضة، ولكن تبوء بعض المحاولات بالفشل نظرًا لطبيعة نمط الحياة المزدحم والالتزامات الأسرية والاجتماعية وساعات العمل.
وفقا لما نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية، تقدم دراستان جديدتان بارقة الأمل في شكل نهج تغييرات صغيرة لفقدان الوزن وتحسين الصحة، مع وعود مؤكدة بتحقيق نتائج واعدة قائمة على أسس علمية.
في دراستها البحثية، حللت أستاذة الطب السلوكي في جامعة لوبورو، البروفيسورة أماندا دالي وفريقها البحثي، بيانات من 19 تجربة شملت أكثر من 3000 شخص لمعرفة ما إذا كان اتباع نهج دقيق بسيط، يسفر عن تغييرات كافية للمساعدة في الحفاظ على وزن صحي، أو فقدان الوزن الزائد. أظهرت النتائج أن المشاركين الذين التزموا بنهج التغييرات الصغيرة – مثل المشي 1000 خطوة إضافية في اليوم أو خفض 100-200 سعرة حرارية عن طريق اختيار بدائل صحية للأطعمة عالية المعالجة والسكرية والغنية بالسعرات الحرارية، فقدوا حوالي 1 كغم أقل مقارنة مع هؤلاء الذين لم يتبعوا هذه الطرق على مدى ثمانية إلى 14 شهرًا. وبينما لا يبدو الكم كبيرًا، لكن تقول بروفيسور دالي إنه كان كافياً لدرء زيادة الوزن.
أهداف صغيرة يسهل تحقيقها
تقول البروفيسورة دالي: إن “زيادة الوزن لدى البالغين ليست عادة نتيجة قلة التمارين الرياضية لفترة قصيرة والإفراط في تناول كميات كبيرة من الطعام، وإنما هي غالبًا ما تكون نتيجة لانخفاض تدريجي في مستويات النشاط وزيادة مدخول الطاقة، والتي تكون آثارها تراكمية وتؤثر بمرور الوقت”.
وتضيف البروفيسورة دالي قائلة إن تقديم المبادئ التوجيهية التي تطلب من الأشخاص إجراء تغييرات كبيرة على صحتهم، مثل خفض السعرات الحرارية بمقدار 500 أو أكثر في اليوم أو اتخاذ 10000 خطوة من نقطة البداية من الصفر تتطلب الكثير وربما يكون من الأفضل أن “نجعلهم يدركون أنه من الجيد فقط إجراء تغيير صغير واحد في المرة الأولى واكتساب الثقة في تحقيقه”، مشيرة إلى أن “التغييرات الكبيرة، بطبيعتها، تجعل من الصعب على البعض تحقيقها.”
تغييرات صغيرة في الطعام
وفي الدراسة العلمية الثانية، التي نُشرت في دورية Nature Food، أفاد باحثون من جامعة ميشيغان كيف أن التغييرات الصغيرة في اختيارات الطعام يمكن أن تساعد أيضًا في الحصول على دقائق إضافية من الحياة الصحية. وبتصنيف 5800 نوع من الأطعمة وفقًا لـ “عبء المرض الغذائي” توصل الباحثون، على سبيل المثال، إلى أن التحول الغذائي الصغير مثل تناول 30 غرامًا من المكسرات والبذور يوميًا يوفر مكسبًا لمدة 25 دقيقة من الحياة الصحية – كما هو متوقع من خلال زيادة في متوسط العمر المتوقع الخالي من الأمراض. تقول دالي: إن “الرسالة من الباحثين الآن هي أن القيام بالأشياء الصغيرة، والنشاط الحركي، وتناول الطعام بشكل أفضل قليلاً، وتحويل الأفكار إلى اتباع نهج التغيير الأولي، يمكن أن يُحدث فرقًا في صحة الإنسان، كما أنها تعد أيضًا حافزًا يمكن أن يدفع إلى التفكير في تغييرات أكبر على المدى الطويل”.
طرق بسيطة للنشاط الحركي
1- تقوية العضلات الألوية أثناء الجلوس
أظهرت دراسة أجريت عام 2019 من جامعة ولاية ويتشيتا، ونشرت في دورية Peer J أن الضغط على عضلات الألوية في الأرداف أثناء الجلوس على كرسي يمكن أن يعزز القوة والقدرة على التحمل، وربما يقلل من خطر الإصابة. طُلب من المشاركين في الدراسة الجلوس بشكل مستقيم على كرسي – الوركين والركبتين بزاوية قائمة، والركبتان متباعدتان بعرض الكتفين والقدمين معًا – والضغط على عضلات المؤخرة بأقصى ما يمكن لمدة خمس ثوانٍ قبل الاسترخاء والتكرار. ولا يتطلب التمرين أي أثقال أو أدوات تدريبية. بعد ثمانية أسابيع من القيام بذلك لمدة 15 دقيقة متراكمة يوميًا، إذ لا يحتاج المرء حتى إلى القيام بها جميعًا مرة واحدة، أظهرت نتائج الاختبارات المعملية أنها زادت من قوة عضلات الألوية بنسبة 16% مقارنة بزيادة قدرها 11 % في مجموعة التحكم التي طُلب منها القيام بنفس القدر من تمارين جسر الألوية التقليدية.
2- القفز 10 مرات مرتين يوميًا
يمكن لأدنى قدر من التمرين أن يحدث فرقًا عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على قوة العظام طوال الحياة، مما يوازن خطر الإصابة بهشاشة العظام. بالنسبة لتجربة، نُشرت نتائجها في الدورية الأميركية لتعزيز الصحة، طُلب من 60 امرأة في فترة ما قبل انقطاع الطمث، تتراوح أعمارهن بين 25 و50 عامًا، أداء 10 أو 20 قفزة مع راحة لمدة 30 ثانية بين القفزات، مرتين يوميًا لمدة 16 أسبوعًا، لمعرفة مدى تأثيرها على عظامهن. أظهرت النتائج أن القفز اليومي أدى إلى زيادة بنسبة 0.5 % في كثافة العظام، بينما أظهرت المجموعة الضابطة التي لم تقفز انخفاضًا بنسبة 1.3 % في كثافة العظام خلال التجربة التي استمرت أربعة أشهر.
3- تقليل 10% من اللحوم الحمراء والمعالجة
في دراسة أجرتها جامعة ميشيغان، كشفت الحسابات التي قام بها الباحثون أنه مقابل كل غرام من اللحوم المصنعة التي يستهلكها الشخص، يضيع 0.45 دقيقة من العمر الافتراضي له. فإذا كان الشخص يتناول الكثير من اللحوم الحمراء أو المصنعة، فإن نصيحة الباحثين هي أن يتم استبدال 10% منها بتناول مزيج من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والمكسرات والبقوليات، بما يمكن أن يضيف 48 دقيقة من الحياة بصحة أفضل.
4- صعود 4 مجموعات من السلالم في أقل من دقيقة
في العام الماضي، أفاد باحثون في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب أن القدرة على صعود أربع درجات من السلالم، بما يعادل 60 درجة سلم، في أقل من دقيقة هي مؤشر قوي على صحة القلب الجيدة. يقول مؤلف الدراسة خيسوس بيتيرو، طبيب القلب في مستشفى جامعة كورونيا الإسبانية: “إذا استغرق الأمر منك أكثر من دقيقة ونصف لتصعد أربع مراتب على السلالم، فإن صحتك دون المستوى الأمثل، وسيكون من الجيد استشارة الطبيب”.
5- قفز الحبل لمدة 10 دقائق يوميًا
ثبت أن القفز اليومي لمدة عشر دقائق على مدى 6 أسابيع يؤدي إلى تحسينات في صحة القلب والأوعية الدموية، تعادل ما يتم الاستفادة به من خلال الركض لمدة 30 دقيقة يوميًا، بالإضافة إلى تقوية العظام.
6- قضاء 60 دقيقة في الهواء الطلق
إن الخروج من المنزل لمدة ساعة يوميًا هو بالاختصار الترجمة الدقيقة لصحة أفضل، وفقًا لنتائج دراسة ستنشر في عدد ديسمبر من دورية Affective Disorders. درس شون كاين، الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة موناش في أستراليا، تأثيرات التعرض لضوء النهار على الحالة المزاجية وصحة أكثر من 400 ألف مشارك في Biobank بالمملكة المتحدة. واكتشف أن البالغين في المملكة المتحدة، في المتوسط، يقضون حوالي 2.5 ساعة من النهار في الخارج، وأن كل ساعة من التعرض لضوء النهار مرتبطة بسهولة الاستيقاظ في الصباح وتقليل الشعور بالإرهاق بشكل عام. يقول كين: إن “الحصول على ضوء ساطع في النهار لا يقل أهمية عن تجنب الضوء في الليل للنوم”.
7- 1000 خطوة إضافية يوميًا
بدلاً من استهداف 10000 خطوة أو ما يزيد، ابدأ بتسجيل 1000 خطوة إضافية يوميًا. تقول هنريتا غراهام، الباحثة في علوم الرياضة والتمارين الرياضية في جامعة لوبورو وزملاؤها، والباحثة الرئيسية في الدراسة العلمية الأخيرة. إن “الأشخاص الذين يقومون بعدد خطوات منخفض يوميًا والذين يحاولون إنجاز 10000 خطوة يوميًا من اليوم الأول هم أكثر عرضة للاستسلام”. حتى هذا القدر من الخطوات المضافة، أي 1000 خطوة فقط، سيؤتي ثماره. في مايو، قام باحثون من جامعة نورث كارولينا بإعداد دراسة حول عادات المشي لـ 16732 امرأة تبلغ أعمارهن 60 عامًا أو أكثر. عند تقديم النتائج التي توصلوا إليها في مؤتمر علم الأوبئة والوقاية ونمط الحياة وصحة القلب واستقلاب القلب التابع لجمعية القلب الأميركية، أظهروا أنه، مقارنة بالنساء اللائي لم يقمن بخطوات يومية، فإن كل زيادة أولية قدرها 1000 خطوة في اليوم مرتبطة بانخفاض خطر الوفاة أثناء ذلك بنسبة 28 %، خلال فترة المتابعة التي بلغت ثماني سنوات، كما أن النساء اللواتي قطعن أكثر من 2000 خطوة يوميًا في نوبات متواصلة انخفض خطر الوفاة لديهن بنسبة 32 %. ويمكن ببساطة قياس الأمر دون الحاجة لاستخدام عداد الخطوات بطريقة أخرى، إذ يمكن ممارسة المشي لمدة دقيقتين كل ساعة من يوم العمل، أي حوالي 20 دقيقة يوميًا، وهو الهدف الذي أظهر فريق من كلية الطب بجامعة يوتا أنه ارتبط بانخفاض خطر الوفاة بنسبة 33%.
8- الهرولة لمدة 5 دقائق
تقول بروفيسور دالي إنه يمكن البدء بتحديد أهداف صغيرة قبل الطموح للجري الماراثوني “لمسافات تصل إلى حوالي 10 كيلومترات أو أكثر”. يمكن أن تحدث أنماط التمرين الصغيرة المتسقة ولكن المعتدلة فرقًا كبيرًا. أظهرت إحدى الدراسات، التي نُشرت في دورية الكلية الأميركية لأمراض القلب، والتي شملت 55137 بالغًا أن الجري بوتيرة يمكن التحكم فيها لمدة خمس دقائق فقط في اليوم كان مرتبطًا بزيادة العمر الافتراضي لشخص بالغ بحوالي ثلاثة سنوات.
9- التزم بجرعات تدريبية مدتها 20 ثانية
إذا لم تتمكن حقًا من العثور على الوقت (أو الدافع) لممارسة الرياضة، فإن ممارسة تناول الدفعات الخفيفة أمر يجب التفكير فيه. وجد مارتن جيبالا، أستاذ علم الحركة في جامعة ماكماستر في كندا والباحث الرئيسي لدراسة عن الجرعات التدريبية الخفيفة، أن 20 ثانية فقط من الجهد الشاق، مثل صعود 60 درجة سلم، أدت ممارستها ثلاث مرات يوميًا إلى زيادة بنسبة 5 % في اللياقة البدنية وتحسين في قوة عضلات الساق بعد ستة أسابيع. وتقول غراهام إن نفس القدر من أي نشاط سيساعدك، وتوضح قائلة: “يمكنك السير أو الجري في المكان، أي شيء يجعلك تتنفس بقوة سيكون مفيدًا. إن أي قدر من النشاط أفضل من لا شيء.”
10- ممارسة اليوغا لمدة 15 دقيقة يوميًا
إذا لم يستطع المرء الالتزام بحصة يوغا مدتها 90 دقيقة، فليبدأ بـ 15 دقيقة من التمرينات البسيطة، وسيحصل على فوائد كبرى. أفادت دراسة، تم نشر نتائجها في دورية الكلية الأميركية لأمراض القلب، كيف أن ممارسة اليوغا والتنفس العميق لمدة ربع ساعة أدت إلى خفض ضغط الدم بنسبة 10 % وكذلك خفض معدل ضربات القلب لمدة 24 ساعة على الأقل في مجموعة من 78 مريضًا يعانون من ارتفاع ضغط الدم الخفيف.
11- الوقوف على ساق واحدة لمدة 20 ثانية يوميًا
يوجد في جسم الشخص، عند بلوغ مرحلة العشرينيات من العمر، حوالي 70000 خلية عصبية متخصصة، هي الخلايا العصبية الحركية، وتتركز في الجزء السفلي من الحبل الشوكي، الذي يتصل مع عضلات الساق للتحكم في التوازن. لكن الباحثين في جامعة مانشستر متروبوليتان أظهروا أنه بحلول سن 75 عامًا، يتم فقد 40 % من هذه الخلايا العصبية الحركية حتى في الأفراد الأكثر لياقة. وتكون النتيجة هي تدهور في تناسق الحركة والتوازن. في حين أن الشباب يمكن أن يقف على ساق واحدة، وعيناه مغمضتان، لمدة 30 ثانية، فإن متوسط العمر البالغ 70 عامًا، يمكن أن يصمد لمدة أربع إلى خمس ثوانٍ فقط. لكن يمكن تحسين الفترة الزمنية بالممارسة. ينبغي أن يكون الهدف في البداية هو الوقوف على ساق واحدة لمدة 20 ثانية يوميًا، ثم يتم تطوير الأمر تدريجيًا ويتم تكرار التمرين مع إغلاق العينين. تقول غراهام: “يمكنك الوقوف على ساق واحدة أثناء تنظيف أسنانك بالفرشاة أو انتظار غليان الماء [لصنع الشاي أو القهوة”.
12- رفع الأوزان لمدة 13 دقيقة
لا يحتاج أو يستطيع كل شخص التوجه إلى صالة الألعاب الرياضية لمجرد التدريب على رفع أوزان بجرعات قليلة لفترات قصيرة. وبالفعل قام أخصائيو فسيولوجيا التمرين في كلية ليمان في نيويورك بالتوصل إلى إمكانية عدم الذهاب للتدريب بالصالات الرياضية وتحقيق نتائج جيدة حيث طلبوا من المشاركين في دراسة علمية إجراء 8 إلى 12 تكرارًا من التمارين بأوزان في ثلاث جلسات أسبوعية، ورفعها حتى تصبح عضلاتهم متعبة للغاية بحيث لا يمكنها القيام بأي شيء آخر. وبينما طُلب الباحثون من البعض أداء خمس مجموعات من كل منها في جلسة رياضية تستغرق 70 دقيقة، حددوا لمشاركين آخرين القيام بثلاث مجموعات فقط لمدة 40 دقيقة والقيام بمجموعة واحدة من كل تمرين، وقضت مجموعة صالة الألعاب الرياضية حوالي 13 دقيقة فقط في ممارسة رفع الأثقال. بعد شهرين تم قيام العضلات ليكشف الباحثون أن مكاسب القوة كانت متشابهة في جميع المجموعات وأن أولئك الذين قاموا بالروتين السريع أي ممارسة التمرينات لمدة 13 دقيقة في صالة الألعاب الرياضية كانت لديهم نتائج مماثلة لمن قاموا بالتدريبات في منازلهم لفترات زمنية وحصص تدريبية أطول.