كتب يوسف دياب في “الانباء الكويتية”:
وضعت الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية نفسها في سباق مع الوقت، وهي تكثف تحقيقاتها لكشف الملابسات المحيطة بأحداث الطيونة، التي أوقعت سبعة قتلى وعشرات الجرحى وأحيت ذاكرة الحرب الأهلية، وذلك بهدف تدارك التداعيات الأمنية لهذه الأحداث، حيث عمدت إلى توقيف عدد كبير من المشتبه بتورطهم في الاشتباكات المسلحة. وكشف مصدر قضائي بارز لـ «الأنباء»، عن أن التوقيفات تجاوزت الـ 20 شخصا، من الذين أطلقوا النار على المتظاهرين وكانوا منتشرين على أسطح مبان في منطقة عين الرمانة، وآخرين دخلوا على خط المعركة في منطقة الشياح ووصلوا إلى نقطة الطيونة التي كانت مسرحا للعملية العسكرية.
وأعاد الفيديو الذي تداوله ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، المأخوذ من إحدى كاميرات المراقبة عند أحد مداخل منطقة عين الرمانة، خلط الأوراق ونسف الروايات التي تحدثت عن تعرض المتظاهرين لأعمال قنص متعمد من محازبي «القوات اللبنانية»، لأن الفيديو يكشف أن أحد عناصر الجيش اللبناني هو من أطلق النار على شخص كان يصر على تخطي الحاجز العسكري ودخول منطقة عين الرمانة ذات الغالبية المسيحية، وهذا ما أدى إلى سقوط أول قتيل، واستتبع بحالة فوضى وتضارب وتراشق بالحجارة ومن ثم تبادل لإطلاق النار.
ولم تنف قيادة الجيش ما جاء في مضمون الفيديو المتداول، وأعلنت في بيان أن «العنصر الذي أطلق النار هو قيد التوقيف ويخضع للتحقيق بإشراف القضاء المختص». وأوضح مصدر أمني لـ «الأنباء» أن «هذا الفيديو الموثق هو الذي حمل قيادة على إصدار بيان يخالف بيانها الأول، الذي كان تحدث عن تعرض المتظاهرين لإطلاق نار وأعمال قنص».
واستكمالا لتكليفه مخابرات الجيش اللبناني، بإجراء التحقيقات الأولية المستمرة منذ بدء الاشتباكات، سطر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، استنابات إلى كل من جهاز أمن الدولة والأمن العام وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، كلفهم بموجبها إجراء التحريات والاستقصاءات وجمع المعلومات عما حصل، كما أمر بإجراء عملية مسح شاملة لكاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة، لكشف هويات جميع المسلحين من الطرفين. وأوضح المصدر أن مخابرات الجيش «تمكنت من توقيف 20 شخصا حتى الآن من طرفي الاشتباك، وهذا الرقم مرشح للارتفاع»، مؤكدا أن «الأجهزة الأمنية تعمل على تعقب ومطاردة العشرات ممن ظهرت صورهم في موقع المعركة والشوارع الداخلية، وباتت أسماؤهم معروفة»، مشيرا إلى أن هؤلاء «لم يشتركوا في المعركة فحسب، بل استقدموا شبانا إلى المنطقة للمشاركة في المواجهة».
وتتركز التحقيقات، على «التثبت من حقيقة الظهور المسلح الكثيف والاستعراضات العسكرية التي جرى تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما إذا حصلت يوم الاشتباكات أم أنها صور قديمة، وذلك لاتخاذ المقتضى في حال صحتها». وأضاف «يركز التحقيق أيضا على نقطة أساسية ومهمة، وهي التثبت بشكل قاطع مما إذا تعرض المتظاهرون لكمين مسلح، وأطلق عليهم النار من قبل قناصين، أثناء عبورهم شارع سامي الصلح باتجاه قصر العدل، أم أن إشكالا حصل وأدى إلى إطلاق نار متبادل، توسعت على أثره المواجهة العسكرية بالأسلحة التي استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة والقذاف الصاروخية».