جاء في “المركزية”:
لم يوفر الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله مناسبة إلا وتوجه فيها إلى قاضي التحقيق في جريمة تفجير المرفأ طارق بيطار تارة بالنبرة العالية وأخرى برفع الأصبع منبها ومهددا.
وعندما لمس نصر الله ومنظومة الممانعة أن ليس بالتهديد ولا بالقانون يمكن “قبع” البيطار جاءت زيارة رئيس وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود وعدد من القضاة. الزيارة بحد ذاتها شكلت مفاجأة، لكن الصدمة الأكبر كانت في رسالة التهديد التي نُقلت عنه حيث قال: “واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني، وإذا ما مشي الحال رح نقبعك”. الرسالة وصلت لكن من يعرف شخصية بيطار عن قرب يدرك تماما فحوى إجابته “فداه، بيمون كيف ما كانت التطييرة منو”. إلى أن جاءت الرسالة الدموية على الأرض في اشتباكات الطيونة وتهديد الناطق بإسم لجنة أهالي ضحايا المرفأ ابراهيم حطيط ليقول بالمباشر للبنانيين والحكومة: إما البيطار وإما السلم الأهلي.
اللافت أن السقف العالي في تهديدات نواب حزب الله ضد حزب القوات اللبنانية وصلت إلى حد المطالبة بحل الحزب وبهدر الدم انتقاما للضحايا الذين سقطوا في اشتباكات من صفوف الثنائي الشيعي خلال هجومهم على منطقة عين الرمانة ودفاعا عن “السلم الأهلي”. وفي هذا الإطار، تسأل أوساط سياسية معارضة: “كيف يفسر حزب الله الأحداث التي اندلعت بين عناصر الحزب وأبناء شويا في قضاء حاصبيا التي يغلب عليها النسيج الدرزي عندما اعترض الأهالي شاحنة محملة براجمات صواريخ، هي ذاتها التي أطلقت رشقاً صاروخياً باتجاه إسرائيل، بينما كان حزب الله اللبناني يُعلن مسؤوليته عن هذه العملية في بيان؟ ولماذا لا يعتبر ما حدث في خلدة بمثابة تهديد للسلم الأهلي؟ فهل يكون خرق أو تمزيق هذا الشعار محلل لحزب الله عندما يرفع الأمين العام إصبعه علما أن القاصي والداني يعلم أن رد أبناء عين الرمانة جاء دفاعا عن النفس؟ وكيف سيواجه أهالي الضحايا هجمات الحزب بعد محاولة تهديد حطيط؟ فهل ثمة مخطط لإحداث شرخ بين الأهالي بهدف تشتيت أصوات وكمها لاحقا؟
“ابراهيم حطيط موجود مع أفراد عائلته في منزله لكنه يرفض التواصل مع أهالي الضحايا والثابت أنه يخضع للتهديد وثمة جهة حزبية تديره”. بهذه الكلمات يبدأ شقيق الضحية جو نون، وليم كلامه لـ”المركزية” ويلفت إلى أن موجة التهديدات ومحاولات إحداث حالة انقسام في صفوف أهالي الضحايا بدأت بعد تسطير القاضي بيطار مذكرات استدعاء في حق نواب حاليين ووزراء سابقين لأنه يدرك أن مثل هذه التهديدات ستؤثر على عائلات ضحايا من الطائفة الشيعية وعلى الرأي العام”.
ويضيف: “قبل ساعتين من إعلان حطيط رسالته كان قد صرح لصحيفة الرأي الكويتية أنه يؤكد على تضامنه مع القاضي بيطار ويستنكر كل الضغوطات التي يتعرض لها”.
وتوازيا يشير نون: “أنه حتى الساعة كل أهالي الضحايا من الطائفة الشيعية ما زالوا عند موقفهم المؤيد للقاضي بيطار لكنهم يفضلون عدم الخروج والتصريح أمام الإعلام بحكم ظروفهم ومكان سكنهم وأبلغونا عن دعمهم الكامل لكل كلمة وموقف تتخذه اللجنة. المهم نعرف من قتل أولادنا”.
يكشف نون أنه بعث برسالة إلى حطيط أمس الأحد مع إحدى الصحافيات التي كانت تصور تقريرا في منزله لحساب برنامج تلفزيوني وسيعرض على إحدى الشاشات المحلية فجاء رد حطيط: “مش قادر إحكي لأنو تلفوني مراقب من الدولة”. الرسالة وصلت فهل من خشية لدى أهالي ضحايا المرفأ من أن ينجح حزب الله في تنفيذ تهديده ووعيده بإحداث شرخ في صفوف لجنة الأهالي؟ “حتما لا. جربوا كل الطرق وراح يجربوا بعد لكننا سنواجههم بالحق والعدالة. فنحن تحت سقف القانون وواثقون أن القاضي بيطار صلب ومتمسك بالقانون ولن يخضع للتهديد والوعيد. ما نخشاه أن يخضع مجلس القضاء الأعلى للتهديدات فيصدر فتوى قانونية من شأنها أن تكسر الجرة وتودي بهيبة القضاء في لبنان. فحذار”.
ويختم نون ردا على سؤال حول إمكان توجه لجنة أهالي الضحايا إلى المطالبة بتحقيق دولي والتحرك على الأرض في الأيام المقبلة: “ما دام هناك قاضٍ إسمه طارق بيطار يمسك بملف التحقيق في جريمة تفجير المرفأ فنحن متمسكون بالقضاء اللبناني أما إذا تمت تنحيته أو حصل مكروه ما لا سمح الله عندها تكون لدينا كل الذرائع للتوجه نحو التحقيق الدولي. وفي شأن التحركات نفضل عدم النزول بسبب الغليان والتشنج في الشارع وتهمنا سلامة الأهالي”.