بعد كل ما شهده لبنان من أحداث أمنية كادت تؤدي الى فتنة داخلية وتعيده الى الحرب الاهلية، تذكّر اوساط سياسية مراقبة بأهمية العودة الى طاولة حوار وطني كاطار وحيد عقلاني لمنع الفتنة وتحصين السلم الاهلي، لافتة الى ان الحوار ضروري لتعزيز فرص مساعدة لبنان من الدول المانحة والمؤسسات المالية التي تدعو الى المحافظة على الاستقرار وتفويت الفرصة على اعداء الدولة ومنع انجراره الى صراع المحاور في وقت تشهد المنطقة حوارا بين الايرانيين والسعوديين للتسوية، وهو يفترض ان يستفيد منه لبنان ويستثمره في اطار التهدئة حتى اذا ما تم الاتفاق يكون مهيأ بعدة العمل اللازمة للمرحلة المقبلة.
وتتوقف الاوساط عند كلام النائب جبران باسيل في إطلالته يوم السبت لمناسبة ذكرى 13 تشرين لاسيما قوله “نحن دعونا الى استراتيجية دفاعية تحفظ لبنان وعناصر قوته الرادعة لأطماع اسرائيل. نحن مع ان يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة من دون ان نخسر حقنا المقدس بالدفاع عن النفس لصالح العدو. نحن مع تحييد لبنان عن اي نزاع لا علاقة او مصلحة له فيه”، لتذكّر بأن “التيار الوطني الحر” هو من انسحب من هيئة الحوار التي عقدت برئاسة الرئيس ميشال سليمان عندما عرض مشروعه للاستراتيجية الدفاعية وتوقفت الهيئة بفعل غياب حزب الله والرئيس ميشال عون ومكونات اخرى من 8 آذار، وبأن باسيل، تجاهل عندما كان وزيرا للخارجية ذكر اعلان بعبدا الرامي الى تحييد لبنان، وهو وثيقة دولية في البيانات الختامية للقمم العربية والاجتماعات الغربية التي شارك فيها لبنان. وسألت الاوساط: “لماذا لم يبادر الرئيس ميشال عون الى وضع استراتيجية دفاعية فور وصوله الى بعبدا وقد اعلن اكثر من مرة عن وضعها؟ ألم يحن وقت الحياد والعودة الى الحوار؟”.
مصادر سياسية مطلعة أكدت لـ”المركزية” ضرورة وحتمية العودة الى الحوار، واستطردت: “لكن ما يحصل في لبنان، يجعلنا، قبل البحث بمشروع الحياد وعقد طاولة الحوار، نفكر باستحالة العيش في بلد فيه نظام مركزي. فالعيش في لبنان الكبير بنظامه المركزي اصبح مستحيلا وبات لزاما علينا التفكير بنظام دستوري بديل. ليس فقط بديلاً عن الطائف، بل ايضا بديل عن كل الصيغة التي نعيشها منذ العام 1920 مروراً بالعام 1943 وصولاً الى اليوم، لأن التطورات الاخيرة وان لم تكن جديدة، وقد شهد لبنان على مرّ السنوات أحداثا مشابهة في تاريخه الحديث ولكن عودتها تؤكد اننا ما زلنا عند نقطة الصفر. ما زلنا في العام 1958 و1969 و1975 لم يتغير اي شيء، وتبين ان العيش المشترك في ظل نظام مركزي “مش ظابط” وهذا الامر يدفعنا الى ضرورة المطالبة قبل كل شيء بمؤتمر دولي، لأن جلوس بعضنا مع بعض اصبح مستحيلا من دون حَكَم، خاصة بعد الذي حصل وخطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امس، اصبحنا بحاجة الى مؤتمر دولي يساعد اللبنانيين على تقرير مصيرهم وإقامة نظام يسمح بالاختلاف في إطار اتحادي موحد، لا ان يتعرض كل جيل لحرب”. ورأت المصادر ان “المؤتمر الدولي سيساعد لبنان وسيطرح شكل الدستور والحياد وضمان امان هذه الدولة الصغيرة المكونة من مكونات متصارعة مع بعضها”.
وختمت المصادر: كيف سنقيم حوارا مع شخص يقول بأنه حضر في وجه اللبنانيين 100 الف مقاتل. فالصالة لا تتسع لمئة الف مقاتل، هذه تحتاج الى جبهات قتال. والدليل ان اي طاولة حوار لم تنجح منذ الـ1975 حتى اليوم في ظل وجود السلاح، اكان السلاح الفلسطيني او السوري او اليساري او اليميني او الجبهة اللبنانية او القواتي او سلاح حزب الله. لا ينجح أي حوار بوجود سلاح مع طرف.