كتب عمر حبنجر في “الأنباء” الكويتية:
اليوم تعود الحصانات للنواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، مع بدء الدورة العادية لمجلس النواب، لتعلق الإجراءات القضائية ضدهم، الى حين انتهاء هذه الدورة النيابية في آخر السنة الجارية.
واللافت هنا ان المادة 32 من الدستور تلزم مجلس النواب بتخصيص جلسة اليوم وما يليها، للبحث في الموازنة العامة والتصويت عليها قبل أي عمل آخر، فإذا بالمشاريع والاقتراحات المزدحمة على باب جلسة اليوم، محورها تكبيل المحقق العدلي طارق البيطار، والحد من اندفاعته باتجاه كشف المسؤولين عن التورط المباشر، أو الإهمال، بقضية انفجار المرفأ وتداعياته المتشعبة. أبرز مشاريع القانونين المطروحة، تعيين هيئة اتهامية من ثلاثة قضاة لاستئناف قرارات المحقق العدلي طارق البيطار، العصي على الضغوط السياسية، وسيحل هذا التوجه محل اقتراح آخر بأن تصدر الحكومة مرسوما بـ «قبع» المحقق البيطار، أو طرح اقتراح قانون امام مجلس النواب يسحب من المحقق العدلي سلطة التحقيق، تحديدا مع الرؤساء والوزراء والنواب، وإحالتهم الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء غير المتوافر.
واليوم أيضا يجتمع مجلس القضاء الأعلى، بعد اكتمال عقده، من دون مشاركة المحقق العدلي البيطار، الذي لم توجه اليه الدعوة، خلافا لما ذكر سابقا. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مطمئن الى الوضع الأمني، لكنه أكد عدم توجيهه الدعوة لاجتماع مجلس الوزراء قبل إيجاد حل للمشكلة القائمة، حول ربط مشاركة حزب الله وحركة أمل باجتماعات الحكومة بإقالة المحقق العدلي، «لأني لا أريد استفزاز أي طرف» وفق ما نقل عنه موقع المدن.
ويبدو ان فريقي حزب الله – أمل اللذين طالبا بتنحية القاضي البيطار قبل حادثة «الطيونة» أصبحا أكثر إصرارا على موقفهما بعد الحادثة، فما كان قبلها، لم يعد كذلك بعدها.
في غضون ذلك، تستمر المهاترات والاتهامات ناشطة، على محاور أمل – حزب الله من جهة والقوات اللبنانية من جهة أخرى، وفيما تواصل أمل وحزب الله كيل الاتهامات للقوات بالقنص على المتظاهرين السلميين، ردت القوات على نائبي الحزب محمد رعد وحسن فضل الله بالقول: «اننا نتفهم الحرج الذي وقعت فيه قيادة حزب الله، لكننا لا نفهم لماذا يخترع الحزب لبيئته عدوا خياليا، هو القوات اللبنانية، ويسبغون عليها الصفات التي هي براء منها..».
يبقى ان المواقف المتشنجة، لا تعدم الحلول، فقبل كلمة السيد حسن نصر الله مساء أمس الاثنين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، تحدث الرئيس نبيه بري بالمناسبة، مشيرا الى استخلاص دروس من هدى وإيمان ونور.
ومن علامات هذه الرسالة، ما سيطرح على مجلس النواب في جلسته التشريعية الأولى اليوم الثلاثاء، وتناقش اقتراحا أشرف عليه وزير العدل هنري خوري، المنتمي الى فريق الرئيس عون، بصيغة المعجل المكرر، بإنشاء «هيئة اتهامية عدلية»، تختص بالنظر في قرارات المحقق العدلي، وتتألف من ثلاثة قضاة، من باب إرضاء الغاضبين على المحقق، وآخرهم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي توجه الى القاضي البيطار بالقول:«لن نقبل ان تجر البلد الى الذبح مقابل جائزة ترضية أميركية»
ونقل موقع اخباري شمالي، ان والد القاضي البيطار، فايز البيطار، طلب منه التنحي بعد التهديدات التي وجهها اليه السيد وفيق صفا، مسؤول الأمن والارتباط في حزب الله، فأجابه القاضي طارق: «أنت ربيتني على أن أكون صادقا مع نفسي قبل كل كل شيء، ومن زرع الروح هو وحده القادر على ان يأخذها. وأبلغ والده بأنه طلب من صفا الحضور الى مكتبه في قصر العدل اذا كان لديه ما يقوله ويفيد التحقيق، إلا ان صفا رفض، وعند هذا الحد انتهى التواصل».
وترى المصادر المتابعة ان طرح تشكيل هيئة اتهامية عدلية، هدفه انقاذ حكومة ميقاتي، في ظل تصلب الثنائي الشيعي، معطوفا على الخيار الذي تحدث عنه رئيس التيار الحر جبران باسيل في خطاب ذكرى 13 أكتوبر، «أما تفاهم مارمخايل مع حزب الله وأما الطيونة…».
إلى ذلك، لاحظت المصادر المتابعة، محاولات لتوريط الجيش في حادثة الطيونة، من خلال اتهام احد عناصره، بالطلقة الأولى التي أشعلت «حرب الطيونة»، وحثت المصادر جماعة الحكم على حماية الجيش بدل الاحتماء به، والقنص على الآخرين من متراسه. وتقول قيادة الجيش ان الجندي المقصود موقوف رهن التحقيق لمعرفة ملابسات ما حصل، في حين أكد مسؤول التواصل في القوات اللبنانية شارل جبور لقناة «الجديد» ان «أحد القناصين في أحداث الطيونة كان تابعا لحزب الله، وقد جرى تهريبه بسيارة زجاجها مغشى».