Site icon IMLebanon

 بريق “فائض القوة” ينطفئ… لا مكان للترهيب!

جاء في المركزية:

تدرك مجمل القوى السياسية والحزبية ضمن المنظومة الحاكمة وخارجها ان لعبة الشارع لم تؤدي مرة في تاريخ لبنان الى انتصار حزب على آخر الا مرحليا. ويدرك حزب الله الذي اعتاد شهر سلاحه في وجه سائر الاحزاب وكل لبناني يتجرأ على مواجهة مشروعه، لا سيما من داخل بيئته المسيطر عليها بقوة المال والسلاح والترهيب حيث يلزم، وحتى خارج الحدود اللبنانية من  سوريا الى العراق واليمن حيث افلح فائض قوته في قلب توازنات ومقاييس سياسية وديموغرافية، ان ما يسري خارج البيت اللبناني لا ينطبق في داخله، وان مراكمة انتصاراته هناك لا يمكن ان تنسحب على لبنان حيث الاختلاف الكبير في التركيبة الطائفية والنظام السياسي.

حتى يوم الخميس الماضي وتحديدا في واقعة الطيونة، كان الحزب، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” يراهن على فائض قوته وبطشه العسكري لاخضاع اللبنانيين لقراراته وامرته من جهة، وعلى “وعي” القادة السياسيين ومحاذرتهم الانزلاق الى اي لعبة او مواجهة امنية من شأنها ان تهز الاستقرار المُرسّم بالاحمر ليس فقط محليا بل من الخارج ايضا، معتقدا ان جبروته لا يهتز وان احدا لا يخوض مغامرة امنية غير محسوبة النتائج، لكن ما جرى في ذلك التاريخ وضع حدا للرهان، بعدما قرر سكان عين الرمانة بمختلف انتماءاتهم الحزبية والسياسية وبمعزل عن دور حزب القوات اللبنانية في ما جرى، وهو شأن متروك للتحقيقات النزيهة والقضاء العادل، وضع حد لممارسات جماعة “شيعة شيعة” المستفزة بكل ابعادها التخريبية والفئوية والمذهبية والاقصائية لسائر الطوائف والمذاهب اللبنانية، وقد فاض كأس ضبط النفس مع اعمال العنف والاعتداء على الاملاك العامة والخاصة التي مارسها هؤلاء في شارع عين الرمانة ومع السباب والشتائم لرموز دينية مسيحية، تتكرر تباعا منذ ثورة 17 تشرين وغزوات الرينغ.

وبعيدا من حسابات الربح والخسارة في اشتباكات الطيونة، واول الخاسرين فيها هي الدولة اللبنانية من دون منازع، ثبت بالوجه الشرعي ان شبح ” فائض القوة” الذي يشكل منذ العام 2005 فزّاعة للبنانين لم يعد كذلك وقد فقد وهجه وقدرته على الفرض وعلى تغيير الواقع السياسي والاجتماعي، وما التوتر والتهديد الذي اطلقه الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في اطلالته مساء الاثنين واستحضار  كل ادوات مضبطة الاتهام للقوات اللبنانية سوى الدليل الى تداعيات تلقف فشل فائض القوة في فرض معادلة سياسية جديدة وسقوط مبدأ التفوق العسكري ليس بمئة الف بل بالملايين في  احداث التغيير وقلب الموازين السياسية في المشهد اللبناني. وبات لزاما على الحزب، بحسب المصادر اجراء اعادة قراءة لواقع تعاطيه مع القوى السياسية والمكونات الطائفية في لبنان لعدم حدوث تصادم عنفي يفقده  ما تبقى له من وهج يكاد ينطفئ، بعدما تحوّل من مقاومة ضد العدو الاسرائيلي الى مقاومة ضد اخيه اللبناني منذ حوادث 7 ايار البغيضة.

درس واحد يفترض ان يتلقنه الحزب من حوادث الطيونة واشتباكاتها المسلحة، ان اللجوء الى القوة بعد اليوم لم يعد يجدي نفعا لا بل يسحب منه اوراق تغطيته سياسيا ومسيحيا في شكل خاص وقد فاقت اوزار ممارساته قدرة قيادة حليفه التيار الوطني الحر على التحمل واقناع جمهوره بصوابيتها او بابتلاعها، وهو الذي لم ينفذ البند الرابع الاساسي في تفاهم مار مخايل المتصل باعادة بناء الدولة والقضاء المستقل واخذ من التيار الكثير الكثير مقابل مقعد بعبدا الرئاسي. وتؤكد المصادر ان الحزب ان اراد فعلا البقاء في لبنان فعليه قراءة التاريخ بعمق واستخلاص العبر، فلا غلبة لفريق على آخر بالسلاح مهما عظُم ولا فرض معادلات سياسية بالقوة، بل صياغة تفاهمات مع القوى السياسية والجلوس الى طاولة حوار تنتج اتفاقا على طبيعة المرحلة المقبلة بكل اوجهها وما اتفاق الطائف الذي وضع حدا للحرب الاهلية في لبنان بكل ما شهدت سوى الدليل القاطع، والعبرة لمن يعتبر.