كتب المحامي حسن مطر في “اللواء”:
كلنا اللبنانيون أخذتنا العزّة بالإثم، نسينا جميعا الوطن الملاذ الأخير للأمن والآمان والعيش الواحد وكافل الحياة لكل الناس، وجعلناه رقعة شطرنج لهواجسنا ومصالحنا كل يريد الفوز بها لصالحه ومصالحه وتقديمها هدية للمستتبع إليه من دول عظمى وكبرى وأقلّ من ذلك، وكلنا قفزنا فوق الدولة الحلقة الأضعف بين الطوائف والمذاهب والقوى والأحزاب اللبنانية والتيارات المستحدثة أخيرا. ومما يزيد في مأساة هذا الوطن ان بعض حكامه وعلى مدى الربع الأخير من هذا الزمن حتى هذا العهد القائم كل يريد الإمساك به لوحده والسيطرة والنفوذ عليه وكل معه الحق فيما يريد ويزعم، وغيره الباطل الذي يأتيه من كل صوب والسلاح الأمضى في ذلك الطائفة والزجّ بها في أعلى درجات التجييش الطائفي وكأنها استمرارا لصراعات السلف الصالح فيما بينهم الذين يستحضرونهم في نزاعاتهم وقودا يزجون بهم في نزاعاتهم وخلافاتهم.. وأنبياء الله ورسله والرسالات السماوية الخالدة وتلامذتهم وأهاليهم وأتباعهم الأوائل بريئون من هذا الاستخدام.
لبنان بات منقسما الى محورين، لكل محور اتباعه الخلّص وكل يريد إلغاء اتباعه من اللبنانيين وليس المحور نفسه المكوّن من قوى ودول عالمية لا تقدر عليها القوى المحلية لانها شأن دولي عالمي. لبنان الوطن والفقراء من شعبه الذين ليس لهم محور وهم أبناء الأرض وثروته البشرية وهم تاريخه وحاضره ومستقبله وبهؤلاء، تحمى الأوطان ومن أجلهم تصان. وليس من أحد فوق الوطن وشعبه، خلافاتكم يا سادة الداخلية وتنافسكم على المواقع والمناصب وعلى الوزارات والإدارات الرسمية وغير الرسمية وعلى ثروات البلاد والعباد باتت عقارات موزّعة لكم ولأنصاركم ولمحازبيكم بل لأشخاص لكم خُلّص من طوائفكم، ونرى انكم تعملون لتسجيلها في السجل العقاري لتكون محصّنة زورا وبهتانا ضمن أملاكهم وثرواتهم.
أوقفوا السباق المحموم باتجاه نوازع مصالحكم للاستفراد بحكم لبنان والهيمنة عليه مثل هذه النوازع والسيطرة سقطت؛ لقد سقطت المارونية السياسية؛ وتلتها السنية السياسية (والأصح الحريرية السياسية) والمصير نفسه للشيعية السياسية المتقدمة الى حين وعلى هذا النمط سقطت أحزاب وحركات وتكتلات منها الحركة الوطنية ومجلسها السياسي احدى أبرز أطراف الحرب الأهلية اللبنانية، وحزب الكتائب، والكتلة الوطنية، والجبهة اللبنانية وأبرز أطراف الحرب الأهلية المذكورة شؤما وبلاء.
أعداء لبنان يعرفهم الشعب اللبناني وهم الصهيونية والاستعمار القديم والجديد وما زال يخوض حربا ضدهم، ويدركون الإنجاز الوطني الأهم للمقاومة وتحريرها تراب الوطن من المحتل الصهيوني ويقدّرون التضحيات الجسام للمقاومين من أبناء وطنهم وشبابه ورجالاته والأثمان الغالية التي دفعها اللبنانيون في الجنوب والبقاع الغربي وبيروت العاصمة وصمودها البطولي ودورها الرائد في تعزيز العيش الواحد للبنانيين جميعا وسيادة سياسة الاعتدال والمساواة والعلاقات الأخوية العربية وحفظ الصداقة مع الأصدقاء من شعوب العالم ودولها وهذه في الأصل والأساس سياسة لبنان الرسمي واللبنانيين جميعا.
وللحقيقة التي تحررنا مما نحن فيه من فوضى هدّامة بشّرتنا بها وزيرة خارجية أميركا كونداليزا رايس حينها نقول وبصراحة، ان استمرار النزاعات والمشاحنات التي لا طائل منها بين اللبنانيين سوى قتل الوطن وهجرة المواطنين وقد تؤدي لا سمح الله بها الى حروب أهلية متنقّلة تصيب الوجود اللبناني وطنا وشعبا ودولة والكيان برمّته.
علينا كلبنانيين أن لا نخسر ما استعدناه وتحرّر بالمقاومة، الوطن. بل إنقاذه وإعادة بنائه ولم شمل شعبه وتقوية دولته ومؤسساتها ودستورها وتنفيذ جدّي لما تبقي من اتفاق الطائف وبنوده الذي حمل للبنانيين بعد حواراتهم عبر أعضاء المجلس النيابي آنذاك وبدعم عربي أخوي قلّ نظيره ودعم غربي من دول كثيرة وصديقة وصولا لسفينة النجاة وهذا ما يستحقه لبنان واللبنانيون.