كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
كما كان متوقعاً، جدد مجلس النواب إنتخاب أميني السر والمفوضين الثلاثة وأبقى على تركيبة اللجان النيابية كما كانت في العضوية والرؤساء والمقررين، بإستثناء تعديل طفيف حصل في حلول النائب قيصر معلوف مكان النائب الراحل مصطفى الحسيني في عضوية لجنة الإدارة والعدل، كما حل النائب محمد خواجة مكان النائب فادي علامة في لجنة تكنولوجيا المعلومات، وكذلك النائب سامي فتفت مكان النائبة ديما جمالي أيضاً في تكنولوجيا المعلومات.
وأقفلت الجلسة الأولى التي يبدأ معها العقد العادي الثاني لمجلس النواب، ثم عقدت الجلسة التشريعية التي كانت مخصصة لمناقشة تعديلات قانون الإنتخاب.
وانتهت الجلسة أيضاً كما كان مرسوماً أومتوقعاً لها بإقرارالتعديلات التقنية المرتبطة بالمهل والتواريخ الخاصة بإجراء العملية الإنتخابية، وتمّ تثبيت تاريخ إجراء الإستحقاق في 27 آذار كما أقرته اللجان النيابية المشتركة ومشاركة المغتربين على أساس تجربة العام 2018، أي الإقتراع حسب الدائرة والمنطقة، وسقط بالتصويت موضوع إستحداث المقاعد الستة التي كانت مخصصة للإنتشار في القانون، مع تسجيل إعتراض كتلة “لبنان القوي” ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي والنائب جهاد الصمد.
كذلك سقط إقتراح الكوتا النسائية بعد التصويت على صفة العجلة. وكانت الجلسة التشريعية سجلت تكراراً لمواقف القوى والكتل النيابية من المواضيع المطروحة. وكالعادة، كان لا بد من التساجل والردود المتبادلة بين النائب جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من النواب. ورد بري على قول باسيل “سنطعن بتغيير موعد الإنتخابات إلى 27 آذار”، فقال: “ما حدا يهددني كل شي بسمح فيه إلا التهديد”. وفي موضوع الكوتا النسائية، قال بري: “كأن هناك من لا يريد لهذا البلد أن يتخلص من مشاكله، لقد تقدمنا في كتلة “التنمية والتحرير” منذ ثلاث سنوات بإقتراح قانون على أساس النسبية ولبنان دائرة إنتخابية واحدة، على أساس مع مجلس الشيوخ مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وصولاً إلى الدولة المدنية، وكان بالإمكان الإنتقال بلبنان إلى مرحلة جديدة، ومن جملة ما يتضمنه إقتراح القانون الكوتا النسائية بنسبه 20 سيدة وهذا ما هو معروض اليوم”. وبعد سقوط صفة العجلة عن إقتراح قانون الكوتا النسائية، قال بري: “هيدا يلي بدكن ياه؟ هيك البلد بدو يمشي”؟ وكانت إعتراضات نواب تكتل “لبنان القوي” بدأت بمداخلة للنائب ألان عون قبيل وصول باسيل إلى الجلسة، كرر فيها الإعتراض على تقديم موعد الإنتخابات ولا سيما بسبب ظروف الطقس وهي الأسباب التي أعاد التأكيد عليها باسيل، إضافة إلى الصوم عند الطوائف المسيحية مبرزاً جدولاً من مصلحة الأرصاد الجوية حول توقعات الطقس في شهر آذار والذي يبين وجود عواصف في أواخر الشهر، ملوحاً باللجوء إلى المجلس الدستوري والطعن بالقانون في حال الإصرار على هذا الأمر، سيما وأن تحديد الموعد هو من صلاحية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية. وبطبيعة الحال فقد كان موضوع الإغتراب محط نقاش ومداخلات لمختلف النواب والكتل، فعضو تكتل “الجمهورية القوية ” النائب جورج عدوان عرض نتائج ما توصلت إليه اللجان المشتركة حول هذا الأمر، وسأل وزيري الداخلية والخارجية عن كيفية توزيع المقاعد الستة والجهوزية اللوجستية للعملية الإنتخابية لهؤلاء، وكيف ستمارس هيئة الإشراف على الإنتخابات دورها في الخارج.
وبعد إنتهاء الجلسة، قال عدوان: “حقّقنا لغير المقيمين خطوة مهمّة فبدل أن نحصر خيارهم بعدد مقاعد قلنا لهم إنّهم قادرون على المشاركة في الإنتخابات لإختيار مناطقهم والأشخاص الذين يعرفونهم، وهذا أمرعمليّ ومحقّ ويسمح لهم بالمساهمة فعليّاً بما يحصل في لبنان”.
وبينما ساند باسيل زملاء له في التكتل داخل الجلسة كالنواب سيمون أبي رميا وسيزار أبي خليل في ملف الإغتراب، ساند عدوان أيضاً زملاء له كالنواب فادي سعد وبيار بوعاصي الذي تحدث عن تجربته في الإغتراب وأسطورة الـ10 ملايين لبناني في الخارج، وكيف ان بعضهم لا يعرف من لبنان سوى التبولة والكبة النية والصفيحة، بينما من يهتم ويشارك في الإنتخابات هم الذين هاجروا في السبعينيات ومؤخراً الذين بلغ عددهم نحو 350 ألفاً. وكانت مداخلات لنواب من مختلف الكتل حول موضوع الإغتراب، فأمين سر “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي ابو الحسن حذر من أن اللجوء إلى المجلس الدستوري قد يؤدي إلى تأجيل الإنتخابات، وأكد على حق المغتربين في المشاركة في إنتخاب الـ128 نائباً كما حصل عام 2018 وأثار موضوع تخفيض سن الإقتراع والكوتا النسائية. أما النائب انور الخليل فذكر باعتراضه باسمه وباسم كتلة “التنمية والتحرير” خلال جلسة اللجان المشتركة حول عدم طرح إقتراح الكتلة للنقاش، مؤكداً على مشاركة المغتربين كما في العام 2018. وكذلك أكد النائب سامي فتفت باسم كتلة “المستقبل” على مشاركة المغتربين كالعام 2018.
وأعلن النائب حسن فضل الله موقف “حزب الله” الداعم لبقاء النص كما هو في القانون. بدوره النائب وائل أبو فاعور كان أكثر وضوحاً في الرد على كلام باسيل عندما تحدث عن كمائن تنصب للمجلس النيابي، من خلال التهديد باللجوء إلى المجلس الدستوري وبالتالي لتطيير الإنتخابات. وتولى النائب نقولا نحاس تقديم موقف كتلة “الوسط المستقل” المؤيد لمشاركة الإغتراب كما في العام 2018.
وبينما كان نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي من المدافعين عن مقاعد الإنتشار الستة، لفتت المداخلة التي قدمها حول مطالبته بعدم تحديد سقف للإنفاق الإنتخابي، خصوصاً بعد تنطح البعض عبر وسائل الإعلام، وفق تعبيره، والقول بتخصيص 30 مليون دولار لخوض الإنتخابات، إلا إذا كانت عندما تستخدم باللغة الإنكليزية تصبح مباحة ومبررة (fundraising )، وسأل رئيس الحكومة إذا كان يستطيع وضع حد لهذا الإنفاق والمحاسبة عليه.
وكانت مداخلات للنواب فؤاد مخزومي الذي سأل عن كيفية توزع المقاعد طائفياً ومذهبياً، والنائب جهاد الصمد الذي أيد السير بالقانون كما هو أي مع المقاعد الستة، بينما سأل النائب جميل السيد رئيس الحكومة ووزير الداخلية عن موضوع تأمين الكهرباء والمحروقات وكلفة النقل والإنترنت وغيرها من الأمور اللوجستية. كما طرح النائب هادي حبيش إشكالية سحب الأموال من البنوك التي تحدد سقفاً معيناً خلال الإنتخابات. وطرحت أيضاً أسئلة حول البطاقة الممغنطة والميغاسنتر. ورد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الاسئلة بالقول إنه “سيبذل قصارى جهده لإتمام الإنتخابات النيابية في موعدها وتأمين الأمور اللوجستية”. وأكد أن “الحكومة ستعمل على تأمين حصول الإنتخابات بكل شفافية وموضوع الميغاسنتر غير وارد في القانون، ولكن سأطلب من وزير الداخلية دراسة حول الأمر”. وكما في موضوع الإغتراب، تحدث عدد من النواب في موضوع الكوتا النسائية قبل أن تسقط بالتصويت على صفة العجلة، وكانت البداية مع مقدمة الإقتراح النائب عناية عز الدين ثم النائبة رولا الطبش وعدد من النواب من مختلف الكتل تحدثوا عن رؤيتهم للكوتا.
تبقى الإشارة أخيراً إلى ان تعديلات قانون الإنتخاب قد ذيلت بمادة تقول “يعمل بهذا القانون لمرة واحدة وإستثنائية وفقاً لنص المادة 56 من الدستور”، وهذا الأمر أكد عليه بري أكثر من مرة خلال الجلسة.
وبانتظار الطعن الذي بدأ تكتل “لبنان القوي” التحضير له يبقى مصير الإنتخابات مجهولاً حتى الساعة.