نظمت غرفة بيروت وجبل لبنان وجمعية الصناعيين اللبنانيين اليوم في مقر الغرفة “يوم الصناعة الوطنية” بمشاركة وزير الصناعة جورج بوشكيان، رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير، نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، أمين عام العلاقات الخارجية في جمعية الصناعيين منير البساط، بحضور رئيس إتحاد المستثمرين اللبنانيين جاك الصراف، رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد، وحشد من رؤساء النقابات الصناعية والصناعيين ورجال الأعمال.
وقال شقير باسم غرفة بيروت وجبل لبنان: “أهلا بكم جميعا في غرفة بيروت وجبل لبنان “بيت الاقتصاد اللبناني” في هذا اليوم الذي أردناه أن يكون يوما للصناعة الوطنية هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي الذي يختزن الكثير من القدرات والإمكانات والذي يشكل ركنا أساسيا في الاقتصاد الوطني”.
واضاف “في هذا اليوم المميز يتجسد بشكل واضح الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بين غرفة بيروت وجبل لبنان وجمعية الصناعيين والى جانبهما الهيئات الاقتصادية وبين وزارة الصناعة بشخص وزيرها جورج بوشكيان الذي أثبت خلال فترة قصيرة أنه صاحب عزيمة وإرادة قوية، وكلنا أمل أن تحقق هذه الشراكة نقلة نوعية بإستجابة الجهات الحكومية المعنية لمتطلبات صمود القطاع وتطويره وحداثته وتنافسيته”.
واكد شقير ان “مواكبة القطاع الصناعي ودعمه وتحفيزه وتوفير كل شروط تطويره يعتبر من المسلمات في الأحوال الطبيعية، كون هذا القطاع يشكل ركنا أساسيا في الاقتصاد الوطني وحاجة ماسة لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. أما في يومنا هذا، ونسبة للأزمات المتعددة والقاسية التي يمر فيها لبنان، فإن ذلك يصبح حاجة ملحة لإعتبارات عدة لعل ابرزها:
1- ان الصناعة الوطنية أثبتت خلال كل الظروف الصعبة التي مر به البلد، لا سيما الحصار في حرب تموز، وجائحة كورونا إنها لعبت دورا استراتجيا في إمداد اللبنانيين بما يحتاجونه من سلع على إختلافها.
2- مع الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها لبنان حاليا، أثبتت الصناعة الوطنية جدارة عالية بتلبية إحتياجات السوق المحلية بعد تراجع إمكانيات الاستيراد بسبب شح الدولار.
3- دور الصناعة الوطنية الأساسي في منع حصول تدهور نقدي إضافي في البلد عبر محافظتها على العملة الصعبة من جهة، وأيضا إدخال هذه العملة من خلال التصدير.
4- بالإضافة الى كونها عملية مجدية على المستوى الوطني وتساهم في الاستقرار الاجتماعي والمعيشي، فإن الصناعة اللبنانية تجسد أفضل تجسيد هوية لبنان وثقافته والذوق اللبناني وقدرات وإبداع اللبناني”.
وشدد على ان “الاستثمار في الصناعة هو مكسب وطني، ولا بد من إعطاء إهتمام خاص للقطاع الصناعي لتمكينه من القيام بدوره الوطني على أكمل وجه”، مؤكدا “قدرة الصناعة على التوسع أكثر في السوق اللبنانية وزيادة صادراتها لكن ذلك يتطلب مواكبة وقرارات سريعة من الحكومة وتشريعات من مجلس النواب”.
وأطلق شقير تحذيرا قويا مما وصفه بـ”السم القاتل” للاقتصاد الوطني وللصناعة بشكل خاص، وهو الاقتصاد غير الشرعي الذي توسع كثيرا، لا سيما المصانع غير الشرعية التي تعتبر خطر على الاقتصاد والمجتمع”.
واشار الى ان “الزيارة الى سلطنة عمان كانت ناجحة على مختلف المستويات خصوصا في ما خص القطاع الصناعي، حيث استطعنا تحقيق فرص أكيدة للقطاع الصناعي إن كان على مستوى زيادة الصادرات الصناعية اللبنانية الى عمان أو على مستوى إعطاء تحفيزات خاصة للبنانيين لإنشاء مصانع في السلطنة، أو خلق شراكات بين الجانبين”.
ثم القى نائب بكداش كلمة جمعية الصناعيين اللبنانيين، فقال: “ضربوا القطاع السياحي والمصرفي والتجاري ومؤخرا القطاع الزراعي وعلى الطريق القطاع الصناعي وبينهما القطاعين الاستشفائي والتربوي. لذا نحن نعتبر ان كل من تعاقب في الحكومات مسؤول، كلهم مسؤولون”.
ولفت الى انه “صحيح ان وقت هذه الحكومة قصير انما نطلب منكم اعطاء القطاع الاهتمام اللازم واتخاذ كل التدابير القادرة على وضعه على الخط الصحيح بما يصب لمصلحة البلد خصوصا وان الوضع ما عاد يحتمل”.
وتابع: “شارك الصناعيون مع الهيئات الاقتصادية في اللقاءات التي عقدت في مسقط بهدف التفتيش عن خطة بديلة (plan b) والاستثمار خارج لبنان الا اننا نؤكد اننا لن نترك لبنان بل على العكس كصناعيين وتجار سنلجأ إما للتخفيف من انتاجنا ريثما تتحسن الاوضاع يف لبنان، اما نحافظ على حجم الانتاج ونعمل في الموازاة على فتح خطوط استثمارية جديدة خارج لبنان تمكننا من الصمود”.
واردف بكداش: “لا يمكن لاي اقتصاد ان ينمو الا من خلال تكبيره والحفاظ على كل القطاعات فيه من دون استثناء وخصوصا الصناعة التي هي القطاع الوحيد الذي تمكن من التأقلم مع الجو السياسي والامني، فقد تبين ان الصناعة جاهزة للتطور والازدهار، إذ بعدما ضرب القطاع السياحي الذي كان مصدرا مهما لدخول العملات الصعبة الى البلد، كانت الصناعة موجودة، وبعدما فتك وباء كورونا كانت الصناعة تعمل، وعندما تدنت فاتورة الاستيراد كانت الصناعة تنتج وتعمل 24/24 لا بل انشأت مئات المصانع والخطوط الانتاجية الجديدة”.
وعلق بكداش على تعميم وزارة الصناعة الاخير الذي يطالب فيه بالتشدد بالتزام معايير التصنيع واحترام شروط السلامة، فأكد ان “معظم المنتسبين الى جمعية الصناعيين ملتزمين بمعايير السلامة والمواصفات بنسبة 99.99%، لكن للاسف وبحسب احصاءات وزارة الصناعة هناك حوالى 4500 مصنع في لبنان بينما عدد المنتسبين الى جمعية الصناعيين 850 مصنعا فقط.
واضاف: “انطلاقا من ذلك ندعو لتعاون بين جمعية الصناعيين ووزارة الصناعة في هذا الموضوع كي تتمكن الجمعية من المساعدة في هذا الموضوع خصوصا وان لا قدرة للوزارة على متابعة هذا الكم من المصانع، ودعا لان تكون احدى شروط اخذ الرخصة لانشاء مصنع جديد الانتساب الى جمعية الصناعيين”.
كما دعا الى “العمل على وقف التهرب والتهريب الذي يشكل حوالى 60 في المئة من حجم الاقتصاد، وكلنا يعلم ان هذا المطلب يحتاج الى قرار سياسي، لافتا الى ان استمراره من دون رادع سيقضي على العمل الشرعي”.
وامل بكداش في “تحويل اسم وزارة الصناعة الى وزارة الصناعة والتجارة الخارجية اذ لا يجوز ان لا تكون وزارة الصناعة حاضرة لدى ابرام اتفاقية تجارية مع الخارج وترك الامر لوزارة الاقتصاد لا سيما اذا كانت الاتفاقية تتعلق بالشؤون الصناعية”.
بدوره، قال بوشكيان: “إن احياء “يوم الصناعة الوطنية” مبادرة وطنية بامتياز، تنم عن وعي وادراك لأهمية الصناعة ودورها”.
واشار بوشكيان الى “أننا بدأنا منذ تسلمنا الوزارة بورشة عمل حقيقية، على أكثر من صعيد. وأصبح واقعا أنه لا بد من التمييز بين ما كان سائدا في الماضي وما هو سائد حاليا. كانت الدعوة في السابق إلى تشجيع شراء الصناعة الوطنية “مهما كان الأمر” هي الأساس في الحملات التوريجية والتسويقية والدعائية والاعلامية. وهذا الأمر صحيح ومطلوب وما زلنا نقوم به ونشجع عليه”.
واوضح: “لكن انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار، وتدني القدرة الشرائية لدى المواطنين، والارتفاع الجنوني للأسعار خفض الاستهلاك بشكل تلقائي، ولم يعد بالامكان “المونة” على المواطن بشراء منتجات بلاده إذا كان سعرها أغلى من مثيلاتها المستوردة”.
ولفت الى ان “اللبناني أصبح يفتش على الرفوف في المحال التجارية والسوبرماركت على السعر وليس على الماركة، متجاهلا المصدر والنوعية والكمية والحجم والمكونات. كما انه ضاق ذرعا بسعر سلعة بعدد “أصفار” لا تنتهي. جل ما يريده هو تجنب الوصول إلى الصندوق خائفا، مرتعبا من دفع ثمن” تحويجة” ما تبقى في جيبه من معاش ذاب في نار الغلاء”.
وشدد بوشكيان على “استنهاض الاقتصاد يتم باسترجاع بناء مداميك الثقة بالدولة وأجهزتها. الثقة هي التي تطمئن الرأس المال وتدفع صاحبه الى الاستثمار والتوظيف ووضع ماله من دون خوف وقلق على مستقبله”.
وقال: “هناك ركود وانكماش لا مثيل لهما، ولم يشهدهما لبنان حتى في سنين الحرب. كيف يتنقل الانسان والموظف بسيارته ويتم توزيع الانتاج بسعر تنكة بنزين يفوق الـ 300 ألف ليرة هو أقل بقليل عن نصف الحد الادنى للأجور؟”، معتبرا ان “هذا الأمر مرتبط إلى حد كبير بمصرف لبنان والمصارف الخاصة المطلوب أن تستعيد دورها الريادي في تجديد برامجها التسليفية ومنح التسهيلات والضمانات المصرفية مطلوبة، ليعود مجتمعنا استهلاكيا ومنتجا أيضا”.
وأعلن ان “الوزارة شددت على اطلاق خارطة طريق تقوم على الانتاج الجيد وتطبيق المواصفات والمعايير، واقفال المؤسسات غير المرخصة، وقوننة المستحقة منها، ومضاعفة الكشوفات والمراقبة، وتعزيز القدرات التنافسية والانتاجية والتصديرية”، مؤكدا ان “شعار “صناعة وطنية بجودة عالمية” ليس صعب المنال. الصناعيون ضنينون بمؤسساتهم وعائلاتهم وعائلات العاملين لديهم. لقد وظفوا مليارات الدولارات في قطاع هم حريصون عليه بمقدار حرص الدولة عليهم”.
وأكد بوشكيان ان “اليوم الوطني للصناعة” هو أمل ومستقبل وليس ماضيا وذكرى. إنه ليس مناسبة ظرفية محدودة في المكان والزمان تنتهي بخروجنا من القاعة، وإنما هي فعل ايمان مستمر بلبنان، والتزام بشبابنا، بمستقبلنا، باقتصادنا. إنه نشاط يومي لا يتوقف على مدار الساعات والأيام، مشددا على انه سيسعى ويحاول كي يستعيد الانتاج الوطني مكانته الأولى على الرفوف والصفوف وفي القلوب”.
وختم: “لبنان مقبل بعد شهر على عيد الاستقلال. وكما تكبر فرحة اللبنانيين ويزيد فخرهم واعتزازهم بالاستقلال، سنعمل على رفع مكانة الصناعة واسمها وجودتها عاليا في لبنان ودول العالم”.
وقدم أمين عام العلاقات الخارجية في جمعية الصناعيين منير البساط عرضا عن الصناعة الوطنية لجهة إمكانياتها وقدرتها التشغيلية وتكاملها مع القطاعات والأعمال الأخرى، وكذلك التطور الحاصل على مستوى الصادرات الصناعية ووجهتها وأنواع الصناعات المصدرة.
كما تناول تطور الصناعة في السنتين الأخيرتين لجهة زيادة حصتها في الاقتصاد الوطني وتوسعها في السوق المحلية، مؤكدا ان الصادرات كما حصة الصناعة الوطنية في السوق المحلية سيستمران في تحقيق التقدم على المدى المنظور.
ثم دار نقاش مطول بين الصناعيين وبوشكيان وشقير حول مواضيع صناعية اساسية ومؤثرة.
وفي نهاية “يوم الصناعة الوطنية”، أعلن شقير توصيات “يوم الصناعة الوطنية، وقال: “إن التوصيات التي سنعلنها في “يوم الصناعة الوطنية” جاءت خلاصة لنقاشات سابقة، حيث تم تحديدها بشكل أن يكون عددها قليل مع وجود قابلية لتنفيذها، وذلك كي نتيح لوزير الصناعة جورج بوشكيان امكانية اقرارها ووضعها موضع التنفيذ خلال ولاية الحكومة القصيرة، على أمل ان نتمكن في وقت قريب وبالتعاون بين القطاعين العام والخاص من وضع استراتيجية وطنية للقطاع الصناعي”.
وجاء في التوصيات:
“1- مكافحة المصانع والمؤسسات غير الشرعية والتهرب الضريبي والتهريب عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية.
2- استكمال اجراءات الحماية من الاغراق ومراجعة تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة، والمسارعة الى حل مشكلة التصدير الى المملكة العربية السعودية.
3- دعم المصانع التي تستخدم طاقة مكثفة عبر رديات تحسم من المستحقات الضريبية لهذه المصانع.
4- الحفاظ على تنافسية المنتجات الصناعية اللبنانية عبر ايجاد برامج تمويلية طويلة الأمد لتحديث وتطوير الالات الصناعية، الاستثمار بالطاقة البديلة و تنفيذ مشاريع الالتزام البيئي عبر OXYGEN FUND او اي مشاريع أخرى من الجهات المانحة.
5- المتابعة الحثيثة مع مصرف لبنان لبت ودفع جميع الملفات العالقة لتمويل استيراد المواد الاولية الصناعية و الحاصلة على موافقة مسبقة من المصرف
6- إقرار عدد من التشريعات والقوانين لتحفيز القطاع الصناعي، منها:
– اعفاء الصناعيين من ضريبة الدخل للعام 2020.
– إعفاء المصانع من ضريبة الأرباح على الصادرات 100% بدلا من 50%.
– قانون دمج المصانع.
– قانون الشراء العام.
– الزامية مشتريات النازحين من الصناعة الوطنية”.