يجمع متابعو مسار الاوضاع السياسية والعسكرية في المنطقة العربية على أن المعالجات لمشكلاتها تبدأ من حل الازمة اليمنية ثم العراقية والسورية فاللبنانية. الا أن هؤلاء انفسهم يرون أن المدخل لوقف كل تلك الصراعات يكمن في العودة الى الاتفاق النووي الاميركي -الايراني المدعّم بحصار وعقوبات عالمية على طهران.
تقول اوساط دبلوماسية غربية إن الولايات المتحدة تعيد النظر في مقاربتها السياسية لعدد من الملفات في الشرق الاوسط من المنظار الديموقراطي حسب النصوص في اميركا، وان المنطقة دخلت مرحلة جديدة، تفيد المعطيات انها ستعتمد المفاوضات سبيلا وحيدا لحل المواضيع الخلافية بعيدا من المواجهات العسكرية، وان الحوثيين القلقين من المفاوضات السعودية – الايرانية الجارية ، يسعون من خلال اطلاق المسيرات باتجاه السعودية وشن هجمات على مأرب للسيطرة على المدينة ومرفئها الى تحسين موقعهم وتقوية أوراقهم خشية ان يدفعوا ثمن المفاوضات ويتم تحويلهم الى كبش محرقة على نار المخططات المرسومة للحلول.
الوزير والنائب السابق فارس بويز يقول لـ”المركزية”في السياق: “نحن أمام واقع دولي جديد يتهرب من الحروب المباشرة ويتجه الى الصدامات المتنقلة أو الحروب الصغرى ما يعني صراحة لجوء الدول الكبرى لما يعرف بتقليص الانتشار والوجود على الارض، او “الضبضبة”، لتجنب الاكلاف المالية مع عدم فتح الباب للحلول كما في العراق وسوريا ولبنان. باختصار هذه هي السياسة الاميركية التي يعتمدها الرئيس بايدن اليوم الذي عاد الى التفاوض مع الجمهورية الاسلامية في ضوء الضمانة التي توفرها الجالية اليهودية في إيران والتي تشكل رادعا للصراع العسكري الايراني-الاسرائيلي، علما ان هذا النهج لا ينسحب على دول الخليج التي لا تزال في حالة صراع مع طهران وان بطابع غير عسكري. جدير بالذكر أن هذه المشهدية لا تعني كما قلت عدم الصدام، لكنه ان حصل سيكون محدودا سواء بين إسرائيل وحزب الله او بينها وبين لبنان الذي لا يزال في حالة صراع مع تل أبيب، أو حتى في الداخل على ما جرى بين عين الرمانة والشياح أو قد يجري مستقبلا في أي منطقة أخرى بعدما باتت الارض خصبة وساحة مفتوحة لكافة أجهزة المخابرات العربية والغربية وتدخلاتها نتيجة أزماته السياسية والمالية والمذهبية والطائفية. وما القبض على القناصين السوريين وأحد عناصر الأجهزة اللبنانية على الاسطح على خط صيدا القديمة سوى دليل الى أن لبنان في عين العاصفة الاقليمية وهذا يذكرنا بدور المخابرات الاجنبية في حرب العام 75 واطلاقها النارعلى المتظاهرين، مع العلم ان الاجواء الراهنة شبيهة الى حد كبير باجواء الحرب الاهلية من حيث التظاهرات شبه اليومية أو لجهة تعميم سياسة تخويف اللبنانيين من بعضهم البعض وتدهور الاحوال المعيشية والظروف الحياتية إذ كادت تعبئة غالون بنزين تؤدي في كثير من الاحيان الى اشعال حرب”.
ويختم بويز مذكرا بأن المنطقة في غياب القرار السلمي العالمي تتجه الى نوع من الصدامات والحروب الصغرى، داعيا اللبنانيين الى الاتعاظ والوعي لان الحرب الباردة والسائدة في ما بينهم منذ الطائف قد تتحول الى اهلية ساخنة على غرار ما جرى بين عين الرمانة والشياح سيما وأن الارض مهيئة لذلك.