IMLebanon

بيار جامجيان يؤثر السقوط قبل مشهده الأخير

كتب طوني طراد في “الجمهورية”:

لم يُدرك «بيارو»، المتمَيّز في مسلسل «المعلمة والأستاذ» مع الكبيرَين هند أبي اللمع وابراهيم مرعشلي، أنّ القدر كان يترَصّده وهو يتحَفّز لتمثيله مشهداً في مسلسل جديد، فغابَ ضاحكاً قبل أن تنتشله أيادي «المُسعفين» من عَتمة الموت…

هذا الممثل الـ»غير شِكل»، الذي أعطى قيمة مُضافة لكل الأعمال التلفزيونية اللبنانية والمسرحية والسينمائية التي أدّى فيها أدواراً مميّزة، أضحكتنا طويلاً «مِن كل قلوبنا»، كان قبل يوم واحد يضحك «من كل قلبه» على المرض، وكان «يَستهتِر» باليأس على رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها مَن «يشتغِل» في قطاع التمثيل اللبناني… ضحك واستهتَر لكنه لم يشعر بأنّ القدر يعدّ له «لعبة الموت» بعد أن مثّل دوراً لافتاً منذ سنوات خَلت في مسلسل «لعبة الموت» مع المتميّزة سيرين عبد النور…

أهو القدر الذي أراد أن يحطّم «بيارو» وهو في عزّ خبرته الفنية؟ أم أنّ هناك مرضاً خَفياً كان يلاحقه جرّاء جلسات التصوير الطويلة مع أنه لم يَشكُ يوماً من ألم أو وَهن؟!!

كانت مسيرته الفنية الطويلة تتأرجَح بين الكوميديا والدراما، وكان مُقنِعاً في كل المواقف، منذ تَمَيّزه في مسرحيات الأخوين الرحباني، مروراً بـ»عَملَقتِه» مع مسرحيات زياد الرحباني وخصوصاً في «نَزل السرور»، ووصولاً الى المسلسلات الدرامية اللبنانية التي راجَت في أواخر تسعينات القرن العشرين وتَرسّخَت في أوائل القرن الواحد والعشرين…

إعترف الممثلون المحترفون بقدرته الخارقة على التَكَيّف مع كل المشاهد التمثيلية مهما كانت صعبة أو عَصِيّة، فقال عنه الممثل أسعد رشدان: «هو ممثل ذو موهبة خارقة، صَدوق، ومُتمَيّز في الكوميديا والدراما على السواء…».

أمّا الكاتبة كلوديا مرشليان، التي أدى أدواراً مُلفتة في المسلسلات التي كتبتها، فوَصَفته بالممثل اللي «بيشيل الهَم عن القلب»… ومع أنه اشتهر بالأعمال الضاحكة، إلّا أنّ دمعته كانت مؤثّرة جداً في الأدوار الدرامية التي يؤديها، ونادراً ما نُشاهد ممثلاً «يتعَملَق» في الكوميديا لينقلنا الى عالمٍ ضاحِك و»يتحَسّر» في الدراما لينقلنا الى قمة الحزن…».

وَطَأ بيار جماجيان سنّ السبعين وما زال في «عزّ شبابه» الفنّي… مَرحَه الدائم يأبى عليه أن يعترف بـ»الخَتيرَة»، علماً أننا كبرنا مع المسلسلات التي كان يؤدي أدواراً لافتة فيها على تلفزيون لبنان في ثمانينات القرن العشرين، وصولاً الى التلفزيونات التي غَزت حياتنا لاحقاً… ولذلك، قال عنه الفنان سليم علاء الدين: «إنه جزء من الذاكرة الجماعية الفنية الحلوة التي تشكّلت في المسلسلات التلفزيونية… حضوره على الشاشة، رغم بشاعة الحرب، كان يُواسينا… هو إنسان حقيقي ومناضل في كافة مجالات الحياة… كان لي شَرف التعرّف إليه زميلاً في نقابة ممثلي المسرح والسينما والتلفزيون، فكان لي أخاً كبيراً وزميلاً صَدوقاً…».

«بيارو» أو «نابوليون» أو… أدمَتنا لحظة رحيلك المُفاجىء… فهَلّا أخذتنا معك الى عالمك!!