في وقت اتخذ مجلس النواب في جلسته التشريعية الاولى في عقده العادي في 19 تشرين الجاري، سلسلة قرارات في شأن الانتخابات النيابية العتيدة، يفترض ان تشكّل مؤشرا الى ان الاستحقاق حاصل لا محالة… الا ان هذا الامر لا يزال حتى الساعة غير مضمون، والانتخاباتُ ليست في الجيب بعد، بل يحوط مصيرها ضباب سميك، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
الثلثاء الماضي، أقر البرلمان إجراء الانتخابات في 27 آذار، رغم اعتراض “لبنان القوي”، وعدّل النص وأبقى على اقتراع المغتربين لـ ١٢٨ نائباً وفق الدوائر الـ ١٥. ولم تكد الجلسة تنتهي حتى اطل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في مؤتمر صحافي، ملوّحا بالطعن بالتعديلات ورافضا بشدة تقريب موعد الانتخابات وما أُقرّ في شأن تصويت المغتربين.
وبينما وقّع رئيس مجلس النواب نبيه بري الاربعاء، القانون الرامي لتعديل قانون إنتخاب اعضاء مجلس النواب واحاله الى رئاسة مجلس الوزراء مع إستعجال إصداره وفقا للفقرة الأولى من المادة56 من الدستور، قبل ان يوقعه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ويحيله الى رئاسة الجمهورية، توقّف مشواره، وإن موقتا، في هذه المحطة.
فأمس، وفي خطوة متوقّعة، وقّع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوما يقضي بإعادة “القانون” الى مجلس النواب لاعادة النظر فيه. واستند رئيس الجمهورية في المرسوم، الى دراسات قانونية ودستورية عدة، والى قرارات صادرة سابقا عن المجلس الدستوري، ومواد من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، لشرح المخالفات التي يتضمنها القانون المذكور، خصوصا لناحية تقصير المهلة الدستورية لموعد اجراء الانتخابات وما يمكن ان تتسبب به من عدم تمكن ناخبين ممارسة حقهم الانتخابي بسبب “العوامل الطبيعية والمناخية التي غالبا ما تسود في آذار (امطار وعواصف رعدية وثلوج)”. ولفت عون في المرسوم الى ان “تقصير المهل من شأنه ان يحول دون تمكن الناخبين المقيمين خارج لبنان من ممارسة حقهم السياسي المحفوظ في القانون الانتخابي الراهن بأن يقترعوا لممثلين لهم في الدائرة الانتخابية المخصصة لغير المقيمين في الدورة الانتخابية التي نحن على مشارفها”. كما ان هذا القانون “يحرم من حق الانتخاب 10685 مواطنا ومواطنة من جميع الطوائف، يبلغون سن الـ21 في الفترة بين اول شباط والثلاثين من آذار 2022″… وعلى الاثر، دعا بري إلى جلسة للجان المشتركة، الثلثاء، لدرس رد قانون الإنتخاب.
هنا، توضح المصادر ان القانون، لانه معجّل، سيعود ويصبح نافذا فور تصديق مجلس النواب عليه من جديد، الا انها تشير الى ان الضربة التي قد يتلقّاها ستأتي من التيار الوطني الحر الذي يتجه الى الطعن به امام المجلس الدستوري. فهذا الاجراء، قد يصيب المهلَ التي يُفترض قانونا، ان تتم العملية الانتخابية والتحضير لها، خلالها، وسيُخربطها بحيث قد نكون امام تجاوز وتخطّ لها، ما سيجعل الاستحقاق كلّا، باطلا، وقابلا للطعن في نتائجه… والمعطيات الآنفة الذكر تضعنا امام الاسئلة التالية: هل يسعى البعض عبر هذا المسار، الى تعديل موعد الانتخابات واشراك الخارج فيها، بما يناسب مصالح فريقه السياسي، ام ان الهدف الحقيقي هو تطيير الانتخابات وعدم اجرائها؟!