كتب فادي عبود في “الجمهورية”:
في إطار التحقيقات الجارية في قضية انفجار مرفأ بيروت المأسوي، لا تزال كثير من النقاط غامضة، وخصوصاً في ما يتعلق بمالك الشحنة وسبب وصولها الى بيروت وبقائها هناك. والإجابة عن هذه النقاط يُعطي تصوراً واضحاً عمّا إذا كان الهدف الاساسي هو إرسال الشحنة الى بيروت وليس الى الموزمبيق، وانّ التفجير مخطّط له وليس حادث إهمال كما يتمّ تصويره.
ويظهر انّ شركة «سفارو ليميتد» هي المالك الاساسي للشحنة، الشركة مسجّلة في بريطانيا، ولكن مالكيها ما زالوا مجهولين، وقد تمّ تقديم طلب بحلّ الشركة، فتقدّمت نقابة المحامين بكتاب الى السجل التجاري في لندن، وعضو مجلس اللوردات جان ماين والنائب في مجلس العموم البريطاني مارغريت هودج، طالبة العمل على «وقف إجراءات حلّ وتصفية شركة «سفارو ليمتيد». وكان المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، ادّعى على شركة «سفارو ليمتيد» المسجّلة في لندن، وطلبت هودج إجراء تحقيق حول الشركة، ولم يُعرف ما ظهر في التحقيق حتى الآن. (بناء على تحقيقات الصحافي الاستقصائي فراس حاطوم وتحقيقات أجرتها وكالة «رويترز»)، نأمل ان يتمّ التأكّد من هذه المعلومات المذكورة أعلاه .
وفي كل حال، تقتضي الإجابة عن الأسئلة الآتية:
– من هم المؤسسون لشركة «سفارو ليمتد»؟ ولماذا بقيت اسماؤهم مجهولة حتى اليوم؟
– من الذي دفع ثمن نيترات الأمونيوم؟ وهل حاول في أي وقت استرداد الشحنة عندما احتُجزت السفينة»روسوس»؟ وإذا كان لم يحاول، فلماذا؟ وخصوصاً انّه تمّ تقدير سعر الشحنة بـ700 الف دولار اميركي في حينها.
– ما هو النشاط الفعلي للشركة، خصوصاً انّ سجلاتها تشير الى انّ لا نشاط تجارياً لها منذ العام 2008؟
– لماذا توقفت سفينة «روسوس» التي كانت الشحنة على متنها، بنحو مفاجئ في لبنان أواخر عام 2013، ولم تغادر المرفأ أبداً؟ ولماذا لم يُعاد ارسال الشحنة على متن سفينة اخرى؟
– قالت الشركة الموزمبيقية التي طلبت شراء نيترات الأمونيوم، إنّها طلبت الشحنة عبر «سافارو ليمتد»، وإنّ الشركة لم تكن المالك للشحنة في ذلك الوقت لأنّها اتفقت على الدفع عند التسليم. مشيرةً إلى أنّ الأخيرة اشترت شحنة أخرى عوضاً عن الشحنة المفقودة. واستغربت كيف يتمّ فقدان شحنة بهذا الحجم، فهي ليست طردا بريدياً.
– الشركة المنتجة هي «روستافي أزوت» الجورجية لصناعة الأسمدة، وقد تمّت تصفيتها في العام 2016.
– أكّد مصدر قضائي لـ»صوت بيروت انترناشونال»، انّ الباخرة «روسوس» لا تحوز على عقد تأمين يسمح لها بعبور المحيطات، و»أنّ التأمين يسمح لها بالمرور في البحر الأبيض المتوسط فقط». وشدّد على أنّ «هذه الوثيقة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الباخرة لم تكن متوجّهة إلى موزمبيق كما روجت المزاعم السابقة، بل رست في حوض مرفأ بيروت عن قصد، وأنّ إفراغ حمولتها في المرفأ كان متعمداً ومدبّراً وعن سابق تصور وتصميم».
والتحقيق الجدّي في تسلسل الأحداث والغموض الذي يلف الشركة المرسلة، سيمكننا ان نعرف ما إذا كان مخططاً لشحنة النيترات ان تصل الى بيروت وان تبقى فيها
الشق الثاني من القضية يتعلق بمن سمح بإدخال الشحنة الى بيروت؟ فما نعرفه انّها احتُجِزت بموجب أمر قضائيّ، إثر مطالبات بديون مستحقّة قُدِّمت من شركتين، وانّها بعد الكشف عليها تبين انّها غير صالحة وحُجز عليها ومُنعت من استكمال طريقها وأُفرغت حمولتها في مرفأ بيروت. علماً انّ شركة محاماة بارودي – والتي كانت تمثّل شركتين، تقاضيان مالكي السفينة من أجل سداد المتأخّرات – قد حذّرت وزارةَ النقل مراراً من الحمولة القاتلة الموجودة على متن السفينة (بحسب بيان بارودي للمحاماة). السؤال الاساسي هو: من أمر بتفريغ شحنة السفينة في الأساس؟ ومن كشف على السفينة ومنعها من استكمال مسيرها؟
وبعد تفريغ الحمولة، أفادت التقارير في الإعلام، أنّ موظّفي المرفأ طلبوا من قاضٍ ستَّ مرات إصدارَ تصريح لنقل الموادّ المتفجّرة من المرفأ، مع أنّ مثل هذا التصريح ليس ضروريّاً من الناحية الرسميّة عندما يتعلّق الأمر بموادّ خطرة. مع ذلك، لم يتّخذوا أيّ إجراء؟ ولماذا لم يستجب القضاء؟ لماذا لم يتحرّك أيّ شخص على مدار 6 سنوات لمنع وقوع كارثة يبدو أنّ حدوثَها كان متوقّعاً
لا شك في انّ غياب الشفافية والفساد المستشري سمحا بحصول الكارثة، ولكن الإجابة عن هذه الاسئلة الرئيسية ربما تعطي إجابات واضحة حول ما إذا كانت القضية اهمالاً وفساداً، او مخططاً اكبر من ذلك، لإيصال شحنة النيترات الى مرفأ بيروت.