خسر “حزب الله” مواجهة الطيونة- عين الرمانة على 3 مستويات:
ـ المستوى الأول ميداني وتجلّى بعجزه عن اقتحام عين الرمانة ميليشيوياً بعدما تصدّى له الجيش والشعب، ما أدّى إلى تكبّد المهاجمين 7 قتلى وعدد كبير من الجرحى. وربما أسوأ ما حصل بالنسبة للحزب في هذه أنو وجد نفسه في مواجهة الجيش أولاً الذي أظهر قراراً حاسماً بمنع تكرار أي مظهر من مظاهر 7 أيار جديد، كما وجد نفسه في مواجهة شعب عين الرمانة الذي حسم قراره بالمقاومة مهما بلغت التضحيات.
ـ المستوى الثاني قضائي بحيث خسر خسارة مزدوجة. أولاً خسر سعيه لفرض مقايضة قضائية بين حادثة الطيونة وجريمة تفجير مرفأ بيروت، وثانياً خسر في محاولته استخدام المحكمة العسكرية لمحاصرة “القوات اللبنانية” وترهيبها قضائياً ومعنوياً، فلا سمير جعجع اكترث للتهويل عبر تسريب خبر استدعائه من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي، ولا تمكن عقيقي من تنفيذ المطلوب منه بعدما أجهض المدعي العام التمييزي غسان عويدات مسعى عقيقي بحكمة يُشهد لها.
ـ أما المستوى الثالث فهو على مستوى السياسة والرأي العام، بحيث تحقق عكس ما يبتغيه السيد حسن نصرالله الذي نقل بهجومه على “القوات اللبنانية” رئيسها سمير جعجع من موقع المعزول سياسياً إلى موقع الزعامة لبنانياً وعربياً وباتت صوره تُعلّق في عدد من المناطق السنية. كما أن هجوم نصرالله دفع مجموعات كبرى من الثورة والمجتمع المدني ممن كانت مبتعدة عن جعجع إلى التصدي لهجوم الحزب ووجدت نفسها في موقع الدفاع عن جعجع لأنها أدركت أن نجاح نصرالله باستهداف القوات سيجعل من جميع المعارضين، وخصوصاً مجموعات الثورة، لقمة سائغة أمام “حزب الله”.
والأهم أن نصرالله خسر خسارة لا حدود لها من خلال دفع رأس الكنيسة المارونية إلى قيادة صفوف المدافعين عن “القوات” وجعجع في مواجهة الهجمة الميليشيوية- القضائية عليهما. وهذا ما نقل معركة نصرالله إلى مستوى آخر لا يستطيع أن يخرج منها إلا خاسراً.
هكذا راكم الأمين العام لـ”حزب الله” خسائر محوره الممانع بعد الخسارة المدوّية في الانتخابات النيابية العراقية، وبعد نيل إسرائيل الضوء الأخضر الروسي للتحرك في الأجواء السورية لقصف الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية، ليظهر مدى ارتباك الحزب في لبنان عبر خوض معركة حياة أو موت في قضية محاولة تنحية المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار، ليظهر أن ميليشيا الـ100 ألف مقاتل و150 ألف صاروخ عاجزة أمام قاضي وحيد!
أما في المواجهة الوطنية فاستعادت بكركي زمام الأمور ليس من زاوية الدفاع عن “القوات اللبنانية” إنما من زاوية الدفاع عن جميع اللبنانيين عبر خوض معركة مواجهة “حزب الله” واشتراط محاسبته، كما في تأكيده أن “كل المغامرات في لبنان سقطت ولو ظنّ أصحابها في بعض مراحلها أنها قابلة للنجاح” وذلك في غمز واضح من بوابة مغامرات الحزب داخلياً وإقليمياً.
وبالتالي فإن المعركة التي فتحها “حزب الله” على نفسه من بوابة غزوة الطيونة قد تكون بداية نهاية معاركه، لأن اللبنانيين سئموا بالفعل من مغامراته وتبعيته التي أوصلت لبنان إلى جهنم وأعادته سنين ضوئية إلى الوراء، ما بات يحتّم خوض المعركة السيادية بوجهه وبوجه المشروع الإيراني في لبنان لأن لا قيامة لوطن الأرز من دون الانتصار في هذه المعركة أولاً.