Site icon IMLebanon

هل يتنحّى البيطار؟

بوتيرة مكثفة وموزعة على اكثر من طرف حزبي وديني وعبر جيشه الالكتروني الملقّم، يواصل حزب الله حملته “الشعواء” المركّزة على قاضي التحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لـ”قبعه”، بعدما اخفقت تهديداته المباشرة في ترهيب القضاء بزيارة مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا ، وتلك التي مارسها سياسيا في مجلس الوزراء ما ادى الى تعطيله، وحنى امنيا في غزوة عين الرمانة وما تلاها من اشتباكات في الطيونة ما زالت تفاصيلها خاضعة للتحقيق حتى الساعة، وسط تساؤلات مشروعة عن خلفية هذه الهجمة غير المبررة على القاضي البيطار بعدما تمت تنحية القاضي فادي صوان قبله خصوصا ان ذريعة تسييس الملف لاتهام الحزب بالجريمة غير مبررة ولا منطقية ما دامت التحقيقات سرية حتى اللحظة ولا يعرف احد سوى قاضي التحقيق ما فيها وعلى اي خلفية ادعى على هذا المسؤول دون سواه، اللهم الا اذا كانت تنطبق على الملف مقولة “اللي في تحت باطو مسلّة بتنعرو”.

عطّل الحزب، ليس العمل الحكومي في اكثر اللحظات حاجة اليه  فحسب، بل البلاد برمتها من خلال افتعال ازمة شديدة التعقيد لا يعرف احد حتى الساعة كيف ستننهي والى اين قد تقود لبنان في ضوء تشريعها على فتنة طائفية ومحاولة لاعادة عقارب الساعة الى الوراء، لولا تدخل الجيش بحسم وقطع طريقها امنيا فيما تبقى الجبهة السياسية مشتعلة، الا انها لا يمكن ان تقود الى نتيجة في ضوء السقوف العالية التي رسمتها القوى السياسية والروحية من حزب الله الى القوات اللبنانية ومن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الى بكركي.

وفي حين يرفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اقحام مجلس الوزراء في ازمة هو بغنى عنها، ان دعا الى جلسة ستشكل حلبة مصارعة بين القوى السياسية، ويتريث في انتظار الفرج من مكان ما، مراهنا على القضاء الذي له وحده الكلمة في هذا المجال، تقول اوساط حقوقية قانونية لـ”المركزية” ان لايحق لمجلس القضاء الاعلى التدخل في عمل المحقق العدلي، لان سرية التحقيق تسري عليه ايضا. وتوضح ان تغييرالمحقق العدلي يحصل في الحالات التالية حصرا:

-ان يبادر بنفسه الى الاستقالة وهذا حق  لا يناقشه فيه احد.

– ان تقبل احد غرف محكمة التمييز طلب نقل الدعوى منه للارتياب المشروع.

– ان تبطل الهيئة العامة لمحكمة التمييز قرارا او اكثرمن قراراته، من  دون ان يكون لها حق رفع يده عن الملف. وكل ما يقال خلاف  ذلك، مثابة تحاليل سياسية لا هدف لها الا الاساءة لاستقلالية القضاء وللسلطة القضائية ولسمعة لبنان في الخارج. وتستشهد بواقعة استدعاء الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي بالقول “دعت محكمة البداية في باريس نهاية الاسبوع الفائت الرئيس ساركوزي للاستماع الى شهادته في ملف الفساد المتهم به، فرفض الحضور. آنذاك، اصدرت المحكمة مذكرة احضار بالقوة  بحقه للمثول امامها من دون ان يعترض احد من انصاره او من الاحزاب او اي جهة فرنسية اخرى، لان في فرنسا لا شيء يعلو فوق كلمة القضاء المستقل.اما في لبنان فالامر ليس كذلك، اذ ان المشكلة مع القاضي البيطار ليست قانونية بل سياسية بامتياز من قبل فريق حزبي- سياسي، وهذا شأن مستغرب لا صلة له بالقانون.

في ما خص انشاء هيئة اتهامية، تؤكد الاوساط ان القانون لا يسمح بها، واذا كان ثمة من يريدها، فعليه  تعديل هذا القانون، لان مهمتها اسقاط قراراته،  وذلك سيؤدي الى ارتياب لدى الرأي العام لان انشاء الهيئة الاتهامية له هدف واحد الالتفاف على التحقيق ما يعني تعطيل عمل المحقق وتكبيل يديه، لا سيما ان تغيير القاضي البيطار بعد القاضي صوان سيكون موضع ارتياب مشروع من الرأيين العام المحلي والدولي، يعدما ردت محكمة الاستئناف والتمييز 3 طلبات بتنحي البيطار بسبب الارتياب.

وتخلص الاوساط ” للقضاء حق قول كلمته في جريمة هزت العالم بأسره ، وللبيطار الحق المطلق في استدعاء من يريد لبلوغ الحقيقة وتحقيق العدالة وكل ما هو خارج ذلك، لا معنى له في القاموس القضائي، ملمحة الى ان البيطار ليس في وارد التنحي وانه بات يملك معطيات ووقائع دقيقة في الجريمة لن يتوانى عن كشفها في قراره الظني ان لم يحضر المدعى عليهم للاستماع اليهم وتبرئة ساحتهم او تقديم ما يلزم للدفاع عن انفسهم. وليس قتل المصور جو بجاني وغيره من موظفين امنيين في اعقاب انفجار المرفأ الا حلقة من سلسلة في هذه الوقائع على الارجح.