جاء في “المركزية”:
بعد تفجير الرابع من آب، أعادت المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون الاعتبار الى الطبقة السياسية اللبنانية، مساهمةً في تعويمها ومنع سقوطها بعد “تخبيصاتها” المتتالية وارتكاباتها في حق الشعب على رغم ثورة 17 تشرين. في المقابل، وجد الثوار في مبادرة ماكرون موقفا اعتراضيا أضعفهم، بالتوازي مع تعرضهم لمواجهات قاسية، خصوصاً من الثنائي الشيعي لتعطيل حراكهم، وبالفعل خدمت المبادرة الفرنسية هذه الغاية بعدما جّمدت حركة التغيير التي قادتها الثورة تحت شعار “كلن يعني كلن”.
آنذاك، تعاملت المنظومة الحاكمة مع المبادرة الفرنسية على أنها فرصة لإنعاشها، إلا أنها سرعان ما فرملت تجاوبها معها ما أدى إلى انتكاس مساعي ماكرون، فوضعه السياسيون اللبنانيون في موقف لا يحسد عليه أمام المجتمعين المحلي والدولي. في السياق، تسأل أوساط سياسية قريبة من الثورة عمّا إذا كانت باريس أدركت خطأ تقديرها لموقف القوى السياسية في اجتماع السفارة، واقتنعت بوجود قوى سيادية وطنية تعمل وفق أجندة لبنانية وأخرى في مواجهتها تعمل لتنفيذ مشاريع خارجية في لبنان؟
المحامي والناشط السياسي أنطوان نصرالله اعتبر عبر “المركزية” أن “فرنسا متعجّبة ومصدومة من طريقة تعاطي السلطة مع القضايا في لبنان. فالبلد يغرق والجميع يسعى إلى إنقاذه باستثناء من يفترض به أن يفعل ذلك، أي السلطة فيه والمسؤولون عنه”.
وتابع: “لا أدري مع من ستتعاطى فرنسا، إذ تواجه مشكلة لأن المعارضة لم تقدّم أو تبرهن أنها تمتلك مشروعاً واحداً موحّداً، والدول تتعامل مع المشاريع لا مع الأشخاص. وهذا يدفع إلى طرح علامات استفاهم كبيرة. فالأكيد أن فرنسا تغيّر استراتيجيتها، لكن هل ترتكز على التعامل مع المجتمع المدني؟ وهل الأخير يعدّ قوى سيادية؟”.
هل يمكن أن تثق فرنسا بالطبقة السياسية مرة جديدة؟ أجاب: “لن تفعل، لكن إذا فرضت هذه الطبقة نفسها في الانتخابات النيابية فستضطر الى التعامل مع الأمر الواقع”.
وشدّد نصرالله على أن “وجود مشروع أساسي للمعارضة وهو موضوع حياة أو موت. التأخير كبير في الإطار وعلينا التمييز بين الأشخاص الذين يمتلكون مشروعاً سيادياً والرافضين للوضع الراهن ويحاولون الخروج من كلّ الأزمة وبين القوى التي ركبت موجة الثورة ولا تمتلك مشروعاً سوى الوصول إلى السلطة. فرنسا، مثل سائر الدول، لديها مشكلة في تحديد من ستتواصل معه وبمن يمكنها أن تثق وما يمكن أن يقدّم لها. مشكلة اللبنانيين أنهم يجتمعون مع الخارج من دون حمل مشروع واضح بل فقط يتذمرون من بعضهم. لذا، كي تتمايز الثورة عن السلطة لا يفترض بها أن تشكوها، بل أن تقدّم مشروعاً إنقاذيا ًبديلاً شاملاً لكل القطاعات وعلى مختلف المستويات”.