كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
ليس من تقاليد الحاج محمد رعد الديمقراطية وليس من عاداته منذ دخوله إلى الندوة البرلمانية في العام 1996، أن يطلّ عبر الإعلام ليجاوب على أسئلة صحافية، أو أن يشارك في برامج حوارية، ولا أذكر أنني قرأت له مقابلة في صحيفة محايدة أو على موقع إلكتروني مستقل ولم أسمعه مرة في حوار إذاعي. يكتفي رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” الإسلامية فقط في إطلاق المواقف على منابر التأبين وفي مناسبات خاصة بحزبه.
ومنذ اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في العام 2005 تراجعت مشاركة نواب “حزب الله” في البرامج السياسية، باستثناء “المنار” وما يوازيها من وسائل إعلام تدور في فلك “الحزب”، لتجنّب سماع أسئلة محرجة، يطرحها صحافي من هنا ومقدّم برامج من هناك. في حالات نادرة كان وزراء ونواب “حزب الله” يوافقون على الظهور في برامج سياسية، إما للحديث التقني عن وزاراتهم من دون التطرق إلى الشأن السياسي، أو لإعلان موقف محدد من قضية ساخنة. فتسمع مثلاً النائب حسن فضل الله في خمس مداخلات على ثلاث شاشات، وأثير إذاعتين، في أوقات متلاحقة، وكأنها مداخلة واحدة.
يريد “حزب الله” من الإعلام أن يكون صدى لا صوتاً حرّاً متميزاً. فمن يذكر مقابلة لأمين عام “حزب الله” في الأعوام العشرين الماضية تحدث فيها إلى صحافي يخالفه الرأي، أو على الأقل يتمتع بصدقية الصحافي المحايد والموضوعي؟ فإطلالات “السيّد” الإعلامية تقتصر على المونولوغات والخطب وإدارة اللعبة الإقليمية من علِ، ورسم خرائط الطرق أمام الحكومات والحكّام، يقول ما يشاء كيفما يشاء ويقارب الحقائق والأحداث من موقع رجل الدين والدنيا المعصوم عن الخطأ.
يتعاطى “حزب الله” ونوابه وأركانه مع وسائل الإعلام الخارجة عن سلطته، بوصفها وسائل تحريض على كشف الحقائق ومنابر تحمل تراثاً من الحرية والنضال السلمي ومساحة قصوى للتعبير. وفي المقابل، يبدو إعلامه المؤدلج سداً منيعاً أمام أي سياسي يعارض توجهات “الحزب”، خشية أن يخترق بيئته ويفتح نافذة على نقاش غير مستحب. ففي ثلاثين سنة من عمر المنار، لم تستضف شاشتها شخصية حوارية، كالدكتور فارس سعيد، ولو لمرة يتيمة. ويقتصر التنوّع السياسي على شخصيات تدور في خط الممانعة الواحد الأحد مثل نجاح واكيم أو مصطفى حمدان أو ما يعادلهما.
وفوق قوقعته ضمن بيئته الوفية، وفوق حرصه الدائم على تغليب وجهة نظره كحزب قائد، يسعى “حزب الله”، بشتى الوسائل إلى منع وصول الرأي الآخر إلى جمهوره، وهذا ما فعله بقطع بث محطة الـ “أم تي في” يوم الخميس الماضي، في أثناء بث المقابلة مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، والتي كانت مخصصة للرد على اتهامات سماحة السيد. والرد بحد ذاته جريمة يعاقب عليها “حزبُ الله” وسبق أن فعَل.