كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
في 27 تشرين الثاني من العام 2000، عاد مقدم الأخبار السابق في تلفزيون لبنان جورج قرداحي إلى الواجهة من خلال النسخة العربية لـ”من سيربح المليون”. بالصدفة اختير لتقديم برنامج المسابقات الأشهر عالمياً فيما كانت مهمته هو بالذات أن يساعد في اختيار المرشح لهذا الدور.
نجومية القرداحي ووسامته التلفزيونية، فتحت الأبواب أمامه، فصار واحداً من الـ public figure على مستوى العالم العربي، وبات يُستضاف في البرامج ليتحدث بكل شأن، سواء كان متضلعاً منه أو غير متابع له. وعندما سُئل في برنامج “برلمان شعب”عن اليمن تبرّع بشكل آلي للدفاع عن الحوثيين المدعومين من إيران كمعتدى عليهم من السعودية.
لم أتوقف كثيراً عند هذا الأمر، فقد بدا لي الزميل السبعيني الوسيم جاهلاً لواقع اليمن وانقساماته، ووجد أن من الأفضل أن يجاوب بما هو أضمن لمستقبله السياسي كمتخندق أنيق في معسكر الممانعة. والسياسة بمفهوم قرداحي استثمار للنجومية وامتطاء للحصان الرابح. وأكثر من جهله للقضايا العربية الساخنة بدا القرداحي في المقابلة التي عرضت في آب الماضي، سطحياً، إلى حد أنه تمنى من “صماصيم” قلبه “يا ريت بيصير فيه انقلاب عسكري، إنقلاب موقت لخمسة أعوام، ليعيد تنظيم الحياة السياسية في لبنان”.
تُرى، لو استطرد السائل: “أستاذ جورج من ترشح لقيادة الإنقلاب في لبنان؟ أي إسم سيخطر أولاً في بال الإعلامي العريق “العماد جوزاف عون”؟ أو الفريق أوّل سليمان فرنجيه؟ أو أي ضابط يحقق أمنية القرداحي بالتوزير بعد فشل حظوظه بالـ”تنويب”؟ وتوزير القرداحي كما حصل “متل زواج المتعة، عقد العروس مع كسروان، والنومة عند جوزا الأولاني”، كما كتب خازني عتيق.
كما ظهر وزير إعلامنا، في عثراته وفاولاته رجلاً غير ديموقراطي، فبدلاً من أن يحترم رأي الشباب الذين حجبوا الثقة عنه في “البرلمان” الشبابي، ردّ عليهم بغرور فاقع “وأنا أحجب الثقة عن برلمانكم”.
لم ينجح القرداحي في تلطيف ما جاء في مقابلة “الجزيرة”، فأحرج التداولُ بالفيديو، ولو بعد ثلاثة أشهر، الحكومةَ ورئيسها. جرّب تدارك زلّاته، فقال، وإلى جانبه عبد الهادي محفوظ “أنا اليوم ألتزم بالبيان الوزاري” بمعنى أن هناك نسختين من جورج قرداحي. نسخة أصلية قبل التوزير ونسخة منقّحة بعد التوزير. كما ردّ على المطالبين باستقالته بالقول: “أنا اليوم جزء من حكومة متراصة ولا يمكن أن أتخذ فيها قراراً لوحدي”، في المحصلة جورج ليس شربل كي يستقيل. وشربل ليس جورج. وبالنسبة إلى التماسك الحكومي، فإذا كان التراص على هذا الشكل المترنّح كيف تكون الحكومة المفككة؟
ردود كثيرة وتعليقات قاسية نشرت على مواقع التواصل. أكتفي منها بسؤال وجهه الأمير عبد الرحمن بن مساعد إلى القرداحي: هل تعتقد أنك ذكي؟