جاء في “المركزية”:
في كل مرة يرفع أمين عام حزب الله حسن نصرالله إصبعه مهددا إسرائيل بالويل والثبور كانت تستعاد مسألة الإستراتيجية الدفاعية التي اقترحها رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وتبنّاها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وضمّها الرئيس ميشال عون إلى خطاب القسم. المرة الأخيرة كانت بعد الأحداث على الحدود الجنوبية حيث أثيرت من جديد عاصفة من الجدال حولها، لكن على ما يبدو فإن إعادة طرح المسألة بات أكثر إلحاحاً بعدما أعلن نصرالله في خطابه الأخير الموجه حصرا إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن لديه 100 ألف عنصر مدرب في إشارة إلى فائض القوة الذي يمتلكه.
الكلام حمل أكثر من رسالة تهديد ليس إلى رئيس حزب القوات فحسب إنما طال سيادة الدولة. مع ذلك لم يهتز المسؤولون، حتى أن رئيس الجمهورية ميشال عون تجاهل الموضوع علما انه اعلن عشية الانتخابات النيابية انه سيضع الإستراتيجية الدفاعية في اولوياته وعلى اساسها ستشكل الحكومة. فيما غاب الباقون عن السمع أو بمعنى أصح “طنشوا”.
النائب في كتلة الجمهورية القوية وهبه قاطيشا الذي شارك في جلسة يتيمة لطاولات الحوار التي كان يفترض أن تبحث فيها الإستراتيجية الدفاعية في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان أوضح لـ”المركزية” أن “صمت الرئيس ميشال عون غير مبرر لكن لا يمكن تفسيره إلا من باب مسايرة حزب الله. ولا يمكن لشخص يتولى مسؤولية الحكم أن يفرض إرادته طالما هو رهينة في يد حزب مسلح يعبث بأمن وسلم البلاد وفق منطق فائض القوة”.
واستعاد قاطيشا المراحل التي قطعتها الإستراتيجية الدفاعية وقال: “عندما طرح الرئيس ميشال سليمان موضوع الاستراتيجية الدفاعية، عقد اجتماع ضم مسؤولين سياسيين لكنهم لم يتفقوا، ففوضوا قرارهم إلى المسؤولين العسكريين لدى الأحزاب، وتم تحديد اجتماع في قصر بعبدا، حضره مندوبو الأحزاب كافة وأنا من بينهم بتفويض من حزب القوات اللبنانية. يومها حضر الجميع باستثناء المعني الأول بالموضوع أي مندوب حزب الله“. فكان هذا الاجتماع اليتيم الأول والأخير في عهد الرئيس سليمان. وفي عهد الرئيس عون، اقتصرت الوعود بالعودة إلى طاولة حوار ومناقشة موضوع الاستراتيجية الدفاعية على الكلام، لأن الحزب يدير الاستراتيجية الدفاعية وحده من خارج إطار الدولة، وفي يده قرار الحرب والسلم”.
“يعلم القاصي والداني أن حزب الله يرفض قطعا البحث في الاستراتيجية الدفاعية لأن من شروطها تجريد كل ميليشيا من السلاح وإيلاء مسألة الحرب والسلم للدولة والأمن وحماية الحدود للقوى المسلحة الشرعية. فهل يمكن أن يحرك كلام نصرالله عن “امتلاكه” 100 ألف عنصر مدربين على القتال موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي وعد بها الرئيس ميشال عون في خطاب القسم ويكون ختام العهد مسكاً؟ الكلام عن 100 ألف مقاتل ليس إلا للتهديد وترهيب اللبنانيين، لكن يعلم نصرالله أن هذه المرة لن تكون كسابقاتها إذا ما حاول إدارة صواريخه نحو إسرائيل. أما في الداخل فيبدو أنه تعلم حديثا أن ما من حزب مسلح قادر على السيطرة وإلغاء الآخر. ربما يستطيع حزب لله أن يعطل البلد ويأخذه رهينة وقد فعلها، لكنه لا يقدر أن يبني بلدا ويفرض نظاما يرضى عنه كل اللبنانيين. وقد أثبتت حادثة الطيونة وغزوة القمصان السود على عين الرمانة أن كرامة اللبنانيين وأمنهم لا يؤخذان بفائض القوة”. ولفت قاطيشا إلى أنه “كان يجب مساءلة نصرالله عن امتلاكه 100 ألف عنصر جاهزين للقتال ومحاكمته أمام القضاء لكن فتشوا عن الدولة!”.
بالتوازي، اعتبر قاطيشا أنه لو تم البحث في الاستراتيجية الدفاعية، لما كان لبنان اليوم معزولاً إقليمياً ودولياً، ولا كان اللبنانيون فقدوا أموالهم، ولا جاع الشعب أو مات على أبواب المستشفيات. حتى انفجار 4 آب ما كان ليحصل ويقتل حوالى 219 شخصا ويدمر بيروت، ولما كانت غزوة عين الرمانة وحادثة خلدة وشويا و7 أيار… لو كان هناك استراتيجية دفاعية محترمة من الشعب والأحزاب كل هذه الأمور كان أمكن تجنبها“. وأشار إلى أن “هذه الاستراتيجية تحدد من هم حلفاء لبنان السياسيون والاستراتيجيون، وهي تدخل في تفاصيل الدفاع والهجوم والتعاون العسكري، وبعدها قد تنتقل إلى قضايا تفصيلية في البلد“.
وأضاف: “تهديد الحزب بقدراته العسكرية بات خلفنا وأقصى ما يمكن أن يفعله حزب الله اليوم هو ترهيب الأصوات السيادية والعودة إلى مسلسل الإغتيالات”. وختم: “أمران يخشاهما حزب الله، أن تكون هناك دولة قوية لأنها قادرة أن تنزع منه السلاح، وغياب الدولة بشكل كلي لأنه سيكون الفريق الأضعف ضمن أفرقاء سياديين. لكنه يعلم أيضا أن الدولة من رأس الهرم رهينة بين يديه وعليه سيبقى يهدد بالسلاح الذي بات موجها حصرا نحو الداخل إلى أن يأتي يوم قيامة الدولة”.