كتبت رلى إبراهيم في الأخبار:
دخل قانون الانتخاب في نفق المخالفات الدستورية. احتساب النصاب طيّر الجلسة التشريعية أمس، مع انقسام البرلمان حول ما إذا كان تحديد الغالبية المطلقة يتم باحتساب المستقيلين والمتوفين أم لا. ما أثار «الريبة» في دستورية الصيغة التي اعتمدها رئيس مجلس النواب نبيه بري هو اعتماده لصيغة مختلفة لدى انتخاب ميشال عون رئيساً، الأمر الذي سيستند إليه العونيون، على ما صرّح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، للطعن في تعديلات بري. فهل يتم تطيير الانتخابات، خصوصاً بعد تأكيد وزيريّ الخارجية والداخلية على استحالة إتمام تسجيل لوائح المغتربين ضمن المهل الجديدة؟
اشتعل الخلاف مجدداً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. ما بدأ نقاشاً للبنود المتعلقة بقانون الانتخاب التي ردّها رئيس الجمهورية ميشال عون، وأبرزها تقصير المهل ومسألة انتخاب المغتربين، انتهى سجالاً حادّاً حول الدستور وانسحاباً لكتلة «لبنان القوي» من الجلسة مما أفقدها نصابها، ودفع بري إلى رفعها إلى موعد آخر.
اندلع الخلاف حول ما سمّاه باسيل ونواب التيار مخالفة دستورية خلال التصويت على البند الخاص باقتراع المغتربين. فقد صوّت 61 نائباً (الجمهورية القوية واللقاء الديمقراطي وتيار المستقبل وكتلة التنمية والتحرير) مع تكرار تجربة عام 2018 بتصويت المغتربين للنواب الـ128 كلّ في دائرته، في حين صوّت كل من «لبنان القوي» و«الوفاء للمقاومة» وبعض النواب لصالح الالتزام بالقانون واستحداث المقاعد الستة في القارات الست. فقد نشب الخلاف حول ما إذا كانت الأكثرية المطلقة تتمثل بنصف العدد الإجمالي لمجلس النواب زائداً واحداً (65 صوتاً)، وهو الرأي الذي تمسّك به باسيل، أم نصف عدد النواب من دون احتساب المستقيلين والمتوفين (59 نائباً)، وهو العدد الذي على أساسه حسم بري التصويت لصالح عدم استحداث ستة مقاعد. وصف باسيل ما جرى بأنه مخالفة دستورية، فردّ عليه بري بأن تفسير الدستور يعود إلى المجلس النيابي. ولما وافق النائب جهاد الصمد باسيل على عدم قانونية ودستورية الأمر باعتبار أن تفسير الدستور يحتاج إلى موافقة ثلثيّ المجلس، نفى بري أن يكون قد فسّر الدستور. فيما أكد النائب سمير الجسر أن «الأكثرية المطلقة تكون بشمول 65 نائباً لأنه، وفق القانون، من يؤلفون المجلس النيابي هم 128 نائباً».
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام أكد لـ«الأخبار» أن «الغالبية المطلقة تشمل كل مقاعد مجلس النواب الـ128، بالتالي هي ثابتة دائماً عند 65 صوتاً ولا يمكن أن تتغير. هذا الأمر معتمد في فرنسا وأكدت عليه هيئة التشريع والاستشارات، وسبق لبري نفسه أن أكده خلال جلسة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016. فحينه، وبعد استقالة النائب روبير فاضل ليصبح عدد النواب 127 بدلاً من 128، قال بري إن النصاب يبقي دائماً الثلثين أي 86 نائباً لأن الحسبة تبقى دائماً لعدد النواب القانوني، بالتالي لم يجر اعتماد الثلثين على أساس 85 نائباً». ولفت اللحام إلى أن «ثمة استثناء حصل أيام الحرب في الثمانينيات نتيجة وفاة عدد كبير من النواب، فتمّ احتساب النواب الأحياء، ليجري التصويت في العام 1990 على اعتبار عدد أعضاء مجلس النواب باحتساب النواب الأحياء إلى حين إجراء انتخابات فرعية أو عامة. وفعلاً، أُلغي هذا القانون عام 1992 مع إجراء الانتخابات النيابية وانتهاء الحرب، ليجري مجدداً احتساب النصاب على أساس المقاعد القانونية».
نتيجة ما سبق، لم يعد رئيس الجمهورية ملزماً بالتوقيع على القانون، ويؤكد اللحام أن «الرئيس أيضاً غير ملزم بنشره. أما إذا تمّ نشره من دون توقيع عون، فيكون القانون عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري حيث يفترض أن يتم إبطاله».
مصادر قيادية في التيار قالت إن بري أوقع نفسه في شرك دستوري عبر «الاستنسابية في احتساب الغالبية المطلقة على هواه وتعريضه قانون الانتخاب للطعن بمخالفته الدستور والبنود التي نصّ عليه القانون 44/2017، ومنها ما يتعلّق بضرورة استحداث 6 مقاعد للاغتراب». وعقب رفع الجلسة أكد باسيل أن «التصويت أسقط اقتراح اللجان بالنسبة لتصويت المغتربين لـ128 نائباً لأنه حصل على 61 صوتاً فقط بالتالي لم ينل الأكثرية المطلقة»، لافتاً إلى أن «ما حصل لجهة احتساب الـ59 كأكثرية مطلقة يعتبر تعديلاً للدستور ويؤدي للطعن بما حصل». وسأل: «ما هي الأسباب للتلاعب بقانون الانتخاب ولماذا نختلق إشكالات قانونية ودستورية؟».
من جهة أخرى، يجري التداول بين النواب أن المجلس النيابي ثبّت موعد إجراء الانتخابات بتاريخ 27 آذار، علماً أن تاريخ الانتخابات لا يحدّد ضمن القانون الانتخابي بل يصدر بمرسوم من الحكومة. وكل ما يُعنى به المجلس هو فقط تحديد المهل الإدارية المتعلقة بالقوائم الانتخابية وتسجيل المغتربين. من هذا المنطلق، أشار النائب جورج عدوان إلى أن «البرلمان لم يصوت على تاريخ 27 آذار لكن أجرى التعديلات التي تتيح للحكومة تقريب الموعد إذا أرادت، وأي ذكر للتاريخ في القانون يعرضه للطعن».
وكان وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أكد أنه «يستحيل إتمام تسجيل لوائح المغتربين ضمن المهل الجديدة، بعد تقريب موعد الانتخابات النيابية»، ومثله فعل وزير الداخلية بسام المولوي، ما يضع علامات استفهام حول الإصرار على تقصير المهل في ظل عدم الجاهزية، وحول مصير الانتخابات برمتّها.