كتب مايز عبيد في نداء الوطن:
تعاني مدينة طرابلس هذه الفترة على كافة الصعد وتعدّ معاناتها متشعبة ولا تنحصر في قطاع، لدرجة أن المدينة التي تعتبر العاصمة الثانية للبنان باتت مدينة بالإسم بدون مقومات تنموية ومؤسساتية تذكر.
ولكون طرابلس مدينة تمتاز بآثارها القديمة وأسواقها فإن السائح الأجنبي دائماً عندما يأتي إلى لبنان يفكر بزيارة هذه المدينة التي تجمع آثار العديد من العصور والحضارات في مكان واحد. لكن هذه المدينة في نفس الوقت مهملة ومتعبة، ومنسية من الدولة ومن سياسييها معاً وبدل أن تكون هذه المدينة اليوم تحظى بكل المقومات التي تعزز السياحة فيها، فإنها تفتقر إلى الكثير من المقومات وفي مقدمتها الفنادق المتطورة التي تعزز الواقع السياحي وتشجع المغتربين والسواح على زيارتها. كان في قلب مدينة طرابلس في السابق فندق واحد على درجة من الأهمية هو فندق (الكواليتي ان)، في منطقة المعرض، أقفل في وجه زائريه، منذ نحو السنتين وكان بحالة غير جيدة وبحاجة إلى الكثير من الصيانة والتصليحات. وإذا كان (الكواليتي إن) يوجد في منطقة المعرض الحديثة، فإن الجهة القديمة والتاريخية من المدينة لا سيما منطقة التل – وسط المدينة، القريبة من الأسواق الشعبية، فإنها تفتقر إلى الفنادق الحديثة التي تشجع السائح على الإقامة فيها.
فوسط طرابلس يحتوي على بعض الفنادق القديمة العهد مثل فندق الأهرام والتل والكورة، وهي فنادق دون مستوى النجمة الواحدة حتى إذا ما أردنا تصنيفها، بعضها يخلو من الزبائن تماماً وبعضها الآخر أغلب نزلائه من السوريين الذين يأتون إلى الشمال وطرابلس لأجل مساعدة أممية ما، أو حاجة، ولأيام قليلة ثم يغادرون. إنها فنادق بسيطة ولا ترقى لمستوى يشجّعها أن تشكل عامل جذب للسياح والزوار. هذا وتراجعت الحركة السياحية في طرابلس بشكل كبير في السنوات الأربع الأخيرة، كما في كل لبنان، والسواح الأوروبيون والصينيون وغيرهم ممن كان يقصد طرابلس التراثية أيضاً.
فأغلب السواح الذين يقصدون طرابلس في السابق كانوا يأتون إلى وسط المدينة لا سيما التل والأسواق الداخلية أي المدينة التاريخية، وهذا يحتم وجود فنادق على درجة من الأهمية في نفس المكان تستقبل السواح وتؤمن لهم الراحة من جهة، وتؤمن لهم الوصول السريع إلى الأماكن الأثرية التي يبحثون عنها. هذا الشيء ليس موجوداً اليوم ويمكن اعتبار طرابلس القديمة والجديدة هي اليوم من دون فنادق ذات قيمة، بالرغم من أن الأمر ضروري وضروري جداً لأن وجود الفنادق هو عامل جذب أساسي واضافي للسائح ولتطوير اقتصاد المدينة، وحتى لا يضطر من أراد أن يزور طرابلس ويقيم فيها لأيام أن يحجز إقامته في منطقة أخرى خارج طرابلس سواء في القلمون أو الكورة أو البترون أو جبيل، وبالتالي عندها سيكون قد أقام خارج طرابلس وعليه كلما أراد أن ينتقل إلى المدينة أن يتحمل مشقة المواصلات وزحمة السير.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن طرابلس اليوم بحاجة إلى استثمارات حقيقية فيها، تستطيع ترميم الآثار والأسواق القديمة وتحسين وضعها من جهة، وبناء فنادق متطورة أيضاً لجذب السياح من جديد، وحتى اللبنانيين من مناطق أخرى، وهذا بحاجة إلى همة أبناء المدينة ومتموليها إذا كان من الصعب تأمين استثمارات خارجية في هذه الظروف. كل ما هو مطلوب اليوم أن يثق متمولو طرابلس بمدينتهم ويقدّموا لها الحب والوفاء كما قدمت لهم وألا يتركوها تنهار وتزول هي والكنوز التراثية والحضارية التي تحتويها.